سياسي ليبي يقدم عرضاً لدفع نصف كفالة هانيبال القذافي وسط جدل حول احتجازه
في تطور لافت ضمن قضية هانيبال القذافي، نجل الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، المتوقف في لبنان منذ سنوات، قام سياسي ليبي بارز بتقديم عرض لدفع نصف كفالته المقررة قضائياً. جاء هذا العرض، الذي حظي باهتمام واسع، في سياق دعوات متزايدة للإفراج عن القذافي الابن لأسباب صحية وإنسانية.
خلفية قضية هانيبال القذافي وتوقيفه
يمثل احتجاز هانيبال القذافي، البالغ من العمر 48 عاماً، نقطة خلاف معقدة بين لبنان وليبيا. تم توقيف القذافي في لبنان في أواخر عام 2015 بعد فترة وجيزة من اختطافه في سوريا ونقله إلى الأراضي اللبنانية. تتمركز التهم الموجهة إليه في قضية اختفاء الإمام موسى الصدر ورفيقيه الشيخ محمد يعقوب والصحفي عباس بدر الدين في ليبيا عام 1978. القضية حساسة للغاية في لبنان، خاصة لدى الطائفة الشيعية، وتعد من القضايا الوطنية الكبرى التي لم يتم إغلاق ملفها حتى الآن. وجهت النيابة العامة اللبنانية إلى هانيبال القذافي تهمة حجب معلومات تتعلق باختفاء الصدر، معتبرة أنه كان موجوداً في ليبيا وقت اختفائه وقد يكون لديه معلومات حاسمة.
عرض السياسي الليبي ودوافعه
في أواخر عام 2023 وبداية عام 2024، أعلن عبد الباسط المارون، وهو سياسي ليبي ودبلوماسي سابق، عن استعداده لدفع نصف قيمة الكفالة القضائية المفروضة على هانيبال القذافي، والتي تقدر بنحو 200 مليون ليرة لبنانية. أوضح المارون أن مبادرته تأتي من منطلق إنساني بحت، مستنداً إلى التقارير المتزايدة حول تدهور صحة هانيبال القذافي، وخصوصاً بعد إضرابات متكررة عن الطعام أدت إلى نقله إلى المستشفى عدة مرات. أشار المارون إلى أن الهدف من هذا العرض هو فتح باب أمام إمكانية الإفراج عن القذافي، ولو بشكل مؤقت، لتلقي الرعاية الطبية اللازمة ولتخفيف معاناته، مع التأكيد على احترام سيادة القضاء اللبناني.
الموقف القضائي والإنساني
- القضاء اللبناني: يصر القضاء اللبناني على استمرار احتجاز هانيبال القذافي حتى يتم الكشف عن مصير الإمام موسى الصدر ورفيقيه. يعتبر القضاء اللبناني أن القذافي محتجز بشكل قانوني على ذمة التحقيق في جريمة خطف وحجب معلومات.
- المطالبات الدولية: دعت مجموعة من خبراء الأمم المتحدة في حقوق الإنسان في مناسبات عدة، أبرزها في عام 2023، إلى الإفراج الفوري عن هانيبال القذافي. وقد استندت هذه الدعوات إلى مخاوف من أن احتجازه قد يكون تعسفياً وينتهك القانون الدولي لحقوق الإنسان، مشيرين إلى عدم وجود محاكمة عادلة وطول فترة التوقيف دون حكم نهائي، فضلاً عن تدهور حالته الصحية.
- الحالة الصحية: ترددت تقارير عديدة عن تدهور حاد في صحة هانيبال القذافي نتيجة إضراباته المتكررة عن الطعام احتجاجاً على احتجازه. وقد أثارت هذه التقارير قلق المنظمات الحقوقية والدولية التي دعت إلى التعامل مع قضيته من منظور إنساني.
أهمية القضية وتداعياتها
تكتسب قضية هانيبال القذافي أهمية كبيرة لعدة أسباب. فهي لا تمثل مجرد قضية جنائية، بل تتجاوز ذلك لتلامس أبعاداً سياسية ودبلوماسية وإنسانية:
- البعد الإنساني: تثير حالته الصحية دعوات مستمرة من منظمات حقوق الإنسان للإفراج عنه، بغض النظر عن طبيعة التهم الموجهة إليه، وذلك استناداً إلى مبادئ المعاملة الإنسانية.
- البعد الدبلوماسي: أثرت القضية سلباً على العلاقات بين لبنان وليبيا، حيث تطالب السلطات الليبية بالإفراج عن القذافي وتعتبر احتجازه غير قانوني، بينما يصر الجانب اللبناني على موقفه القضائي.
- البعد القانوني: يطرح احتجاز القذافي تساؤلات حول مدة التوقيف الاحتياطي دون محاكمة نهائية، ومدى التزام الدول بالمعايير الدولية في التعامل مع المحتجزين.
يبقى مصير هانيبال القذافي معلقاً بين مطالبات الإفراج عنه لأسباب إنسانية وقضائية، وإصرار القضاء اللبناني على إبقاء احتجازه لحين الكشف عن حقيقة اختفاء الإمام موسى الصدر. ويأتي عرض السياسي الليبي كبادرة تعكس حجم الضغط والتعقيد الذي يحيط بهذه القضية الشائكة.





