شركات التكنولوجيا الكبرى ترفع دعوى قضائية ضد تكساس بسبب قانون التحقق من العمر
رفعت مجموعات صناعية تمثل كبرى شركات التكنولوجيا دعوى قضائية ضد ولاية تكساس في أوائل عام 2024، سعيًا لمنع تطبيق قانون جديد يفرض على منصات التواصل الاجتماعي التحقق من عمر مستخدميها. يهدف القانون، المعروف باسم مشروع قانون مجلس النواب رقم 18 (HB 18)، إلى حماية الأطفال والمراهقين من المحتوى الضار عبر الإنترنت، لكن الشركات التكنولوجية تزعم أنه ينتهك حقوق التعديل الأول للدستور الأمريكي ويطرح مخاوف جدية بشأن الخصوصية والجدوى التقنية.

الخلفية: قانون تكساس رقم 18 والجدل المحيط به
تم إقرار قانون HB 18 في تكساس بهدف معلن وهو حماية القاصرين من المحتوى غير المناسب والإدمان على وسائل التواصل الاجتماعي. يلزم القانون منصات التواصل الاجتماعي الكبرى بتطبيق آليات قوية للتحقق من عمر المستخدمين، والحصول على موافقة الوالدين للقاصرين الذين تقل أعمارهم عن 18 عامًا قبل السماح لهم بفتح حسابات أو الوصول إلى محتوى معين. كما يتطلب من المنصات تصميم ميزات أمان افتراضية تستهدف القاصرين، وتقييد قدرتهم على إرسال أو استلام رسائل من مستخدمين غير معروفين، وتعطيل التنبيهات المستمرة.
يحدد القانون مجموعة واسعة من السلوكيات والمحتوى الذي يعتبر "ضارًا بالقاصرين"، مما يثير جدلاً حول نطاق تعريف "الضرر" ومدى تأثيره على حرية التعبير. تهدف الولاية إلى الحد من التعرض للمواد التي قد تؤثر سلبًا على الصحة العقلية للأطفال وتطورهم، مثل المحتوى المتعلق بالإيذاء الذاتي أو الاضطرابات الغذائية أو الاستغلال الجنسي. وقد تم تحديد الأول من سبتمبر 2024 كموعد مبدئي لبدء سريان القانون.
الدعوى القضائية ومزاعم الشركات التكنولوجية
قامت منظمتان صناعيتان رائدتان، وهما NetChoice وجمعية صناعة الاتصالات الحاسوبية (CCIA)، برفع الدعوى القضائية نيابة عن أعضائهما، الذين يشملون عمالقة التكنولوجيا مثل ميتا (Meta)، جوجل (Google)، إكس (X)، وتيك توك (TikTok). تزعم المنظمتان أن قانون HB 18 غير دستوري ويتعارض مع التعديل الأول للدستور الأمريكي الذي يحمي حرية التعبير. وتستند حججهم الرئيسية على عدة نقاط:
- انتهاك حرية التعبير: يجادل المدعون بأن القانون يجبر المنصات على تقييد وصول المستخدمين إلى المعلومات والمحتوى، مما يرقى إلى مستوى الرقابة التي تنتهك حقوق التعبير لكل من البالغين والقاصرين. يخشون من أن يؤدي ذلك إلى "حرمان" المستخدمين من الوصول إلى منتديات مهمة للنقاش وتبادل الأفكار.
- مخاوف الخصوصية والأمن: يتطلب التحقق من العمر غالبًا تقديم معلومات شخصية حساسة مثل الهوية الحكومية أو البيانات البيومترية. تثير الشركات مخاوف بشأن مخاطر انتهاك البيانات وتخزين هذه المعلومات الحساسة من قبل أطراف ثالثة، مما قد يعرض خصوصية المستخدمين للخطر بدلاً من حمايتهم.
- عدم الجدوى التقنية والمالية: ترى الشركات أن تطبيق نظام موثوق ودقيق للتحقق من العمر عبر ملايين الحسابات على مستوى الولاية، ناهيك عن المستوى الوطني، يمثل تحديًا تقنيًا هائلاً ومكلفًا للغاية. كما أن الحلول المتاحة حاليًا قد تكون غير فعالة أو قد تخلق عوائق غير ضرورية أمام المستخدمين الشرعيين.
- التأثير غير المتناسب: قد يؤدي القانون إلى منع البالغين الذين يرفضون تقديم معلومات هويتهم من الوصول إلى المنصات، أو قد يقيد وصول القاصرين إلى محتوى تعليمي أو مفيد قد لا يندرج ضمن تعريف "الضار" ولكن يتم حجبه كإجراء احترازي.
تطلب الدعوى القضائية من المحكمة الفيدرالية إصدار أمر قضائي دائم يمنع تكساس من تنفيذ القانون، بحجة أنه لا يمكن فصل الأجزاء غير الدستورية منه عن الأجزاء الأخرى.
السياق الوطني والتطورات الأخيرة
لا يعتبر قانون HB 18 في تكساس حالة فريدة؛ فقد شهدت الولايات المتحدة موجة من التشريعات المماثلة على مستوى الولايات بهدف تنظيم وصول القاصرين إلى الإنترنت. على سبيل المثال، أقرت ولايات مثل أركنساس ويوتا قوانين مماثلة، لكنها واجهت تحديات قانونية فورية. في نهاية عام 2023 وبداية عام 2024، أصدرت المحاكم الفيدرالية أوامر قضائية أولية في قضايا مشابهة في أركنساس وأجزاء من قانون يوتا، مما أوقف تطبيق هذه القوانين مؤقتًا بسبب مخاوف تتعلق بالتعديل الأول للدستور.
تُسلط هذه القضايا الضوء على الجدل الأوسع نطاقًا بين ضرورة حماية الأطفال عبر الإنترنت والحفاظ على مبادئ حرية التعبير والخصوصية. تتصارع الهيئات التشريعية مع كيفية معالجة الآثار السلبية المحتملة لوسائل التواصل الاجتماعي على الشباب دون خنق الابتكار أو فرض رقابة حكومية مفرطة على المحتوى. تتساءل الشركات التكنولوجية والنقاد عما إذا كانت القوانين الحكومية هي الطريقة الأكثر فعالية لمواجهة هذه التحديات، أم أن هناك حاجة إلى حلول اتحادية أكثر شمولاً أو آليات تحكم ذاتي من قبل الصناعة.
من المتوقع أن تستمر المعركة القانونية في تكساس، وعلى الأرجح أن تصل إلى محكمة الاستئناف، وربما المحكمة العليا، نظرًا لأهمية القضايا الدستورية المتضمنة والتأثير المحتمل على كيفية عمل الإنترنت في الولايات المتحدة.





