دعوة لتوحيد شركات التكنولوجيا المصرية: استغلال قاعدة الخبرات المتميزة في البرمجيات
أكد المهندس محمد الحداد، الخبير التكنولوجي، في تصريحات حديثة، على أهمية توحيد جهود شركات التكنولوجيا المصرية تحت مظلة ورؤية مشتركة. يأتي هذا التأكيد في ظل امتلاك مصر لقاعدة متميزة من الكوادر والخبرات في مجال البرمجيات، مما يضعها في موقع فريد للاستفادة من التطورات العالمية المتسارعة في القطاع. وشدد الحداد على أن المرحلة الراهنة تتطلب صوتًا قويًا ومؤثرًا يمثل مصالح هذه الشركات، لتمكينها من أن تكون شريكًا فاعلًا في صياغة السياسات والاستراتيجيات المتعلقة بالتحول الرقمي والذكاء الاصطناعي.

الخلفية وأهمية التوحيد
لطالما كانت مصر حاضنة للمواهب الشابة في مجالات الهندسة والبرمجيات، حيث تخرج الجامعات والمعاهد الفنية الآلاف من المتخصصين سنويًا، والذين يمتلكون مهارات متقدمة في تطوير البرمجيات، وهندسة البيانات، والذكاء الاصطناعي، والأمن السيبراني. هذه القاعدة البشرية المؤهلة تمثل ركيزة أساسية لأي طموح تنموي في القطاع التكنولوجي. ومع ذلك، يرى الخبراء أن تشتت الشركات وغياب كيان موحد يعبر عن مصالحها الجماعية يمثل عائقًا أمام تحقيق أقصى استفادة من هذه الإمكانيات. فغياب هذا الصوت الموحد يحد من قدرة الشركات على التأثير في عملية صنع القرار، ويجعلها أقل قدرة على المنافسة على المستويين الإقليمي والدولي.
تُبرز أهمية التوحيد في قدرته على خلق كيان تفاوضي قوي أمام الجهات الحكومية والمؤسسات الدولية، مما يضمن تمثيل مصالح الشركات الصغيرة والمتوسطة جنبًا إلى جنب مع الكيانات الكبيرة. كما أنه يتيح تبادل الخبرات والمعرفة بين الشركات، ويعزز من فرص التعاون في المشاريع الكبرى، وهو ما ينعكس إيجابًا على جودة المنتجات والخدمات المقدمة وقدرتها على تلبية احتياجات السوق المحلي والعالمي. فالتعاون يمكن أن يؤدي إلى تطوير حلول برمجية مبتكرة ومنافسة تعود بالنفع على الاقتصاد الوطني ككل.
التحديات والفرص المستقبلية
تواجه شركات البرمجيات المصرية مجموعة من التحديات، منها المنافسة الشرسة، والحاجة المستمرة لمواكبة التطورات التكنولوجية السريعة، وصعوبة الوصول إلى التمويل اللازم للتوسع. ولكن مع وجود كيان موحد، يمكن أن تتغير هذه الديناميكيات بشكل كبير. فعلى سبيل المثال، يمكن لكيان موحد أن يعمل على:
- تطوير برامج تدريب وتأهيل مشتركة لرفع كفاءة الكوادر البشرية باستمرار.
- تمثيل الشركات في المفاوضات مع الجهات التشريعية لإصدار قوانين وسياسات داعمة للقطاع.
- إنشاء منصات للتعاون وتبادل الخبرات، مما يقلل من الازدواجية ويعزز الابتكار.
- المساهمة في وضع معايير جودة موحدة للمنتجات والخدمات البرمجية المصرية.
- تسهيل الوصول إلى الأسواق الخارجية من خلال جهود تسويقية وتصديرية جماعية.
هناك فرص هائلة تنتظر القطاع التكنولوجي المصري، لا سيما في مجالات التحول الرقمي للقطاعات الحكومية والخاصة، وتطوير حلول الذكاء الاصطناعي التي يمكن أن تحدث ثورة في الصناعات المختلفة، وتوسيع نطاق تصدير البرمجيات والخدمات التكنولوجية إلى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأوروبا. وتدرك الحكومة المصرية هذه الإمكانيات، وتعمل على دعم القطاع من خلال مبادرات مثل هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات (ITIDA) وإنشاء مناطق تكنولوجية متخصصة، لكن تفعيل دور الشركات نفسها يظل حجر الزاوية في هذه الجهود.
رؤى الخبراء والمشهد التكنولوجي
تتوافق رؤية المهندس محمد الحداد مع توجهات العديد من الخبراء الذين يرون أن مصر في أمس الحاجة لتجميع قوتها التكنولوجية. فالشراكة الفعالة في صياغة السياسات تعني أن شركات القطاع ستكون جزءًا لا يتجزأ من اتخاذ القرارات التي تؤثر على مستقبلها، بدلاً من أن تكون مجرد مستجيب لها. وهذا يشمل القوانين المتعلقة بحماية البيانات، وتطوير البنية التحتية الرقمية، والحوافز الضريبية للشركات الناشئة، وتسهيل إجراءات التصدير، وغيرها من الجوانب الحيوية.
إن توحيد شركات التكنولوجيا المصرية ليس مجرد دعوة لإنشاء كيان إداري جديد، بل هو استراتيجية لتمكين القطاع من تحقيق أقصى إمكاناته. من خلال صوت موحد، يمكن للشركات المصرية أن تضمن أن تكون لها الريادة في قيادة مسيرة التحول الرقمي في البلاد، وأن تساهم بفعالية في الاقتصاد المعرفي العالمي، مستفيدة من ثروتها البشرية المتميزة في مجال البرمجيات.





