شيمي: نعمل على توطين تكنولوجيا تصنيع الدواء وفق المعايير العالمية
أكد المهندس محمد شيمي، وزير قطاع الأعمال العام، في تصريحات صدرت مؤخرًا، التزام الدولة المصرية الراسخ بتوطين تكنولوجيا تصنيع الدواء بما يتوافق مع أرفع المعايير العالمية. يأتي هذا التوجه في إطار استراتيجية وطنية شاملة تهدف إلى تعزيز الأمن الدوائي، وتقليل الاعتماد على الاستيراد، ودعم الصناعة المحلية لضمان توفر الأدوية الأساسية والاستراتيجية للمواطنين.

تكتسب جهود توطين الصناعات الدوائية أهمية قصوى في ظل التحديات العالمية المتزايدة، بما في ذلك اضطرابات سلاسل الإمداد والأزمات الصحية المفاجئة. فمن خلال تطوير القدرات التصنيعية المحلية، تسعى مصر إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي في العديد من المستحضرات الصيدلانية الحيوية، وتوفير العملة الصعبة، وخلق فرص عمل جديدة، مما يعزز الاقتصاد الوطني ويدعم خطط التنمية المستدامة.
خلفية وأهمية توطين الصناعة الدوائية
تاريخيًا، اعتمدت العديد من الدول النامية على استيراد جزء كبير من احتياجاتها الدوائية، مما يجعلها عرضة للتقلبات الاقتصادية والسياسية العالمية. وفي سياق الجهود الوطنية الرامية لتحقيق السيادة الدوائية، برزت الحاجة الملحة لتوطين تكنولوجيا تصنيع الدواء. هذا لا يقتصر على الإنتاج الكمي فحسب، بل يشمل أيضًا نقل المعرفة والخبرات وتطوير البحث العلمي والتصنيع وفقًا لأحدث الابتكارات العالمية.
تهدف هذه المساعي إلى بناء قاعدة صناعية دوائية قوية قادرة على تلبية احتياجات السوق المحلي بكفاءة وفعالية، بالإضافة إلى التطلع نحو زيادة القدرة التنافسية للمنتجات المصرية في الأسواق الإقليمية والدولية. وقد أدركت الحكومة المصرية أن الاستثمار في توطين هذه الصناعة هو استثمار في صحة المواطن وفي مستقبل الاقتصاد الوطني.
المبادرات والإجراءات المتخذة
لتحقيق هذا الهدف الطموح، اتخذت وزارة قطاع الأعمال العام، بالتعاون مع كيانات حكومية وشركات قطاع خاص، عدة خطوات ملموسة. تشمل هذه الخطوات تحديث البنية التحتية للمصانع القائمة التابعة للشركات القابضة للأدوية، وإنشاء خطوط إنتاج جديدة مجهزة بأحدث التقنيات. كما يتم التركيز على برامج نقل التكنولوجيا من الشركات العالمية الرائدة، مع التأكيد على تطبيق ممارسات التصنيع الجيد (GMP) وكافة المتطلبات التي تضمن جودة وفعالية المنتج النهائي وفقًا للمعايير الدولية.
في هذا الإطار، يتم التركيز على عدة محاور رئيسية:
- تطوير الكفاءات البشرية: الاستثمار في تدريب وتأهيل الكوادر الفنية والبحثية المصرية على أحدث تقنيات تصنيع الدواء وإدارة الجودة.
- البحث والتطوير: تشجيع الابتكار والبحث العلمي لتطوير أدوية جديدة أو بدائل محلية للأدوية المستوردة، لا سيما في مجالات الأدوية الحيوية والأدوية المعقدة.
- الشراكات الاستراتيجية: إقامة شراكات مع شركات أدوية عالمية ومؤسسات بحثية لتبادل الخبرات ونقل التكنولوجيا الحديثة.
- التكامل الرأسي: السعي لتوطين مدخلات الصناعة الدوائية والمواد الخام، لتقليل الاعتماد على استيراد المكونات الأساسية.
ضمن هذه المساعي، عقد المهندس محمد شيمي، وزير قطاع الأعمال العام، اجتماعات مكثفة مع مختلف الأطراف المعنية لتنسيق الجهود وتقييم الاحتياجات. وقد شملت هذه اللقاءات، على سبيل المثال، اجتماعًا مع الدكتور إيهاب هيكل، النقيب العام لأطباء الأسنان، لتقييم الاحتياجات الخاصة بهذا القطاع الهام من الأدوية والمستلزمات. حضر الاجتماع أيضًا الدكتور أشرف الخولي، العضو المنتدب للشركة القابضة للأدوية والكيماويات والمستلزمات الطبية، والدكتور محمد أحمد، العضو المنتدب لشركة الإسكندرية للأدوية، مما يؤكد على مشاركة كبار قادة الصناعة في هذه الجهود المشتركة.
الأهداف المستقبلية والتأثير المتوقع
تسعى جهود توطين تكنولوجيا تصنيع الدواء إلى تحقيق نتائج بعيدة المدى على عدة مستويات:
- تعزيز الأمن الدوائي: ضمان توافر الأدوية بشكل مستمر وموثوق، خاصة خلال الأزمات الصحية.
- تحقيق الاستدامة الاقتصادية: تقليل فاتورة الاستيراد وتوفير العملة الصعبة، مما يدعم الاقتصاد الوطني.
- خلق قيمة مضافة: تحويل مصر إلى مركز إقليمي لتصنيع وتصدير الأدوية عالية الجودة، بما يتماشى مع أفضل المعايير الدولية.
- تحسين جودة الرعاية الصحية: توفير أدوية ذات جودة عالمية بأسعار معقولة للمواطنين.
- النمو المعرفي: بناء قاعدة علمية وتقنية قوية في مجال الصناعات الدوائية.
يشكل هذا التوجه استثمارًا استراتيجيًا في مستقبل مصر، ليس فقط من منظور اقتصادي وصحي، بل أيضًا من منظور بناء القدرات الذاتية وتعزيز مكانة الدولة على الساحة الدولية كمنتج موثوق للأدوية. وتتطلب المرحلة القادمة استمرار التعاون بين الحكومة والقطاع الخاص والمؤسسات البحثية لضمان تحقيق هذه الأهداف الطموحة بكفاءة وفعالية.





