صندوق الإسكان الاجتماعي يحدد أولوية شقق الإيجار القديم: الأقل دخلًا أولًا
في خطوة تهدف إلى معالجة أحد أبرز التحديات في سوق الإسكان المصري، أعلن صندوق الإسكان الاجتماعي ودعم التمويل العقاري مؤخرًا عن معايير الأولوية لتخصيص وحدات سكنية جديدة لمستأجري قانون الإيجار القديم. أكدت مي عبد الحميد، الرئيس التنفيذي للصندوق، أن الأولوية في الحصول على هذه الشقق ستكون للمستأجرين من ذوي الدخول المنخفضة، وذلك في إطار جهود الدولة لتوفير حلول سكنية مناسبة للفئات الأكثر احتياجًا وتخفيف الأعباء عنهم.

خلفية المشكلة وتداعيات قانون الإيجار القديم
يمثل قانون الإيجار القديم في مصر، والذي يعود إلى عقود مضت، قضية اجتماعية واقتصادية معقدة. لقد أدى هذا القانون إلى تجميد قيمة الإيجارات لفترات طويلة وبقيم رمزية لا تتناسب مع التغيرات الاقتصادية الحالية، مما خلق أوضاعًا غير عادلة لكل من المالك والمستأجر. فمن جهة، يجد المالكون أنفسهم غير قادرين على الاستفادة من ممتلكاتهم أو حتى تغطية تكاليف الصيانة الأساسية، بينما من جهة أخرى، يتمسك بعض المستأجرين بالوحدات بأسعار زهيدة لا تعكس قيمتها السوقية.
لقد تسببت هذه الوضعية في عدة مشكلات، منها:
- تشويه سوق العقارات: إحداث خلل في العرض والطلب، حيث تقل المعروض من الوحدات المتاحة للإيجار التجاري.
- تدهور العقارات: نقص حافز الملاك للصيانة والتطوير بسبب ضعف العائد المادي.
- نزاعات قانونية واجتماعية: تزايد النزاعات بين الملاك والمستأجرين حول الحقوق والواجبات.
- عدم العدالة الاجتماعية: استفادة فئات معينة من ميزة تاريخية على حساب حقوق الملاك وتحديات الإسكان للفئات الشابة.
دور صندوق الإسكان الاجتماعي والحلول المقترحة
تأتي تصريحات مي عبد الحميد في سياق جهود الدولة المصرية للتعامل مع هذا الملف الشائك. يعمل صندوق الإسكان الاجتماعي ودعم التمويل العقاري كذراع حكومي رئيسي لتوفير السكن اللائق للمواطنين، خاصة محدودي ومتوسطي الدخل. من خلال هذه المبادرة، يسعى الصندوق إلى تقديم بدائل سكنية للمستأجرين القدامى الذين قد يواجهون تحديات عند انتهاء عقود إيجارهم أو تعديلها وفقًا للقوانين الجديدة، مع التركيز على أولئك الذين هم في أمس الحاجة للدعم.
أوضحت الرئيس التنفيذي أن بيانات الصندوق تشير إلى أن 82% من المستأجرين المستفيدين من قانون الإيجار القديم يقيمون في شقق لا تتجاوز مساحتها 100 متر مربع. هذه الإحصائية تعد أساسًا مهمًا لتوجيه سياسات التخصيص، حيث تشير إلى أن جزءًا كبيرًا من هذه الفئة قد يكون مناسبًا للوحدات السكنية التي يوفرها الصندوق والتي غالبًا ما تكون ذات مساحات متوسطة ومناسبة للأسر.
آلية تحديد الأولويات والخطوات القادمة
شددت عبد الحميد على أن تحديد الأولويات سيتم بعد استكمال عملية تلقي أوراق مستأجري الإيجار القديم وفحصها بدقة. هذه العملية تتضمن:
- تلقي الطلبات: جمع وثائق وبيانات المستأجرين الراغبين في الاستفادة من هذه الشقق.
- الفحص والتدقيق: مراجعة الوثائق للتأكد من استيفاء الشروط والمعايير المطلوبة.
- تصنيف المتقدمين: فرز المستأجرين بناءً على حالتهم الاجتماعية والاقتصادية، مع إعطاء الأولوية القصوى للأسر ذات الدخل المنخفض.
- تحديد الأولويات: وضع قائمة نهائية بالمستحقين بناءً على المعايير المعتمدة لضمان الشفافية والعدالة.
تهدف هذه المبادرة إلى توفير شبكة أمان اجتماعي للمستأجرين الأكثر ضعفًا، مما يضمن لهم الانتقال إلى سكن آمن ومناسب دون التعرض لأزمات سكنية مفاجئة. كما أنها تمثل جزءًا من استراتيجية أوسع للدولة لتنظيم سوق الإسكان وتصحيح الاختلالات التاريخية.
الأهمية والتأثير المتوقع
تعتبر هذه التصريحات والخطوات التنفيذية ذات أهمية بالغة لعدة أسباب:
- الدعم الاجتماعي: توفير حلول إسكانية للفئات الأكثر احتياجًا، مما يعزز الاستقرار الاجتماعي.
- تنظيم سوق الإسكان: المساهمة في معالجة إحدى القضايا المزمنة التي تؤثر على ديناميكيات سوق العقارات.
- تخفيف الأعباء: تقديم بدائل لمستأجري الإيجار القديم الذين قد يواجهون ضغوطًا مالية للانتقال إلى مساكن بأسعار السوق.
- تعزيز الثقة: بناء الثقة بين المواطنين والدولة في قدرتها على إيجاد حلول للتحديات الاجتماعية الكبرى.
من المتوقع أن تسهم هذه الجهود في تحقيق توازن أكبر في سوق الإسكان المصري، مع ضمان توفير سكن كريم للمواطنين من مختلف الشرائح، خاصة الأقل دخلًا، بما يتماشى مع رؤية مصر 2030 للتنمية المستدامة.





