غارات مسيرة تستهدف مطار نيالا: الكشف عن تفاصيل الهجوم وحقيقة احتراق طائرة شحن
في تطور ميداني بارز ضمن الصراع الدائر في السودان، تعرض مطار نيالا الدولي، الواقع في ولاية جنوب دارفور، لهجوم بطائرات مسيرة في أوائل سبتمبر 2023، مما أدى إلى تدمير طائرة شحن كانت متوقفة على مدرجه. أثار الحادث جدلاً واسعاً وتبادلاً للاتهامات بين طرفي النزاع، الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، حول طبيعة الطائرة المستهدفة وحمولتها.

خلفية الصراع في نيالا
تعتبر مدينة نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور، وهي واحدة من أكبر مدن البلاد وذات أهمية استراتيجية بالغة في إقليم دارفور. منذ اندلاع الصراع بين الجيش السوداني بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو في أبريل 2023، أصبحت المدينة مسرحاً لقتال عنيف. تمكنت قوات الدعم السريع من فرض سيطرتها على أجزاء واسعة من المدينة، بما في ذلك المطار الدولي، الذي تحول إلى شريان حيوي لتلقي الإمدادات اللوجستية والعسكرية.
تفاصيل الهجوم على المطار
وفقاً للتقارير ومقاطع الفيديو التي انتشرت على وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، استهدف الهجوم طائرة شحن من طراز إيل-76 (Ilyushin Il-76). أظهرت المشاهد المصورة الطائرة وهي تحترق بالكامل على أرض المطار بعد استهدافها بشكل مباشر. تبنى الجيش السوداني، بشكل غير مباشر عبر منصاته الإعلامية، مسؤوليته عن الهجوم، مؤكداً أنه يأتي في إطار عملياته العسكرية لقطع خطوط إمداد قوات الدعم السريع. ويشير استخدام الطائرات المسيرة في هذه العملية إلى تحول نوعي في استراتيجية الجيش، الذي كثف من اعتماده على هذا السلاح لضرب أهداف استراتيجية خلف خطوط العدو.
الروايات المتباينة وحقيقة الطائرة المستهدفة
أدى استهداف الطائرة إلى حرب روايات بين الطرفين المتحاربين، حيث سعى كل طرف إلى توظيف الحادث لخدمة أهدافه العسكرية والإعلامية. فيما يلي أبرز نقاط الخلاف:
- رواية الجيش السوداني: أكد الجيش أن الطائرة المستهدفة كانت تحمل عتاداً عسكرياً، يشمل أسلحة وذخائر ومعدات قتالية، لصالح قوات الدعم السريع. واعتبر الجيش أن المطار تحول إلى قاعدة عسكرية تستخدمها قوات الدعم السريع لتلقي الدعم الخارجي، مما يجعل أي طائرة تهبط فيه هدفاً عسكرياً مشروعاً.
- رواية قوات الدعم السريع: نفت قوات الدعم السريع الادعاءات بأن الطائرة كانت تحمل إمدادات عسكرية. وفي بعض التصريحات المنسوبة إليها، زعمت أن الطائرة كانت تحمل مواد إغاثية أو أنها طائرة مدنية، واصفة الهجوم بأنه استهداف للبنية التحتية المدنية وانتهاك للقانون الدولي الإنساني.
ولم تصدر جهة مستقلة تقريراً حاسماً يؤكد طبيعة حمولة الطائرة بشكل قاطع، إلا أن محللين عسكريين أشاروا إلى أن طراز الطائرة (إيل-76) يستخدم بشكل شائع في عمليات الشحن العسكري، وأن سيطرة الدعم السريع على المطار تجعل من استخدامه للأغراض العسكرية أمراً مرجحاً للغاية.
الأهمية الاستراتيجية وتداعيات الهجوم
يحمل هذا الهجوم دلالات استراتيجية مهمة في مسار الصراع. فهو يسلط الضوء على قدرة الجيش السوداني المتنامية على تنفيذ ضربات دقيقة وبعيدة المدى باستخدام الطائرات المسيرة، وهو ما يمثل تحدياً كبيراً لخطوط إمداد قوات الدعم السريع، خاصة في إقليم دارفور الذي يعتبر معقلاً رئيسياً لها. كما يعكس الهجوم تصميم الجيش على استنزاف قدرات خصمه من خلال استهداف موارده اللوجستية. على الجانب الآخر، يوضح الحادث مدى اعتماد قوات الدعم السريع على المطارات التي تسيطر عليها لتأمين احتياجاتها، ويجعل هذه المنشآت أهدافاً رئيسية في العمليات العسكرية المستقبلية، مما قد يزيد من عزلة قواتها المنتشرة في مناطق بعيدة عن العاصمة الخرطوم.





