غوغل تكشف عن أقوى شريحة ذكاء اصطناعي في تاريخها لتنافس إنفيديا
في خطوة استراتيجية جريئة تشير إلى تصعيد المنافسة في قطاع أجهزة الذكاء الاصطناعي، أعلنت شركة غوغل عن إطلاق أحدث وأقوى شرائحها المخصصة للذكاء الاصطناعي حتى الآن. هذه الشرائح، التي تهدف إلى تعزيز قدرات الحوسبة السحابية وتقديم بدائل قوية في سوق تهيمن عليه حالياً شركة إنفيديا، تمثل نقطة تحول في مساعي غوغل لترسيخ مكانتها كلاعب رئيسي في تصميم وتصنيع أجهزة الذكاء الاصطناعي المخصصة. جاء هذا الإعلان ضمن فعاليات مؤتمر Google Cloud Next 2024 الذي عقد في أبريل الماضي، مسلطاً الضوء على التزام غوغل بتطوير حلولها المتكاملة من البرمجيات والأجهزة.

الخلفية والسياق التنافسي
لطالما كانت إنفيديا اللاعب المهيمن في سوق وحدات معالجة الرسومات (GPUs) عالية الأداء، والتي أصبحت العمود الفقري لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي الكبيرة والمعقدة. مع معالجاتها مثل H100 وB200، رسخت إنفيديا مكانتها كمزود أساسي للأجهزة التي تدعم ثورة الذكاء الاصطناعي العالمية. في المقابل، بدأت غوغل، منذ عام 2016، في تطوير شرائحها المخصصة الخاصة، المعروفة باسم وحدات معالجة التنسور (TPUs)، بهدف تلبية احتياجاتها الداخلية المتزايدة لتشغيل خدماتها ومنتجاتها المعتمدة على الذكاء الاصطناعي، بالإضافة إلى تقديمها كخدمة لعملاء Google Cloud. يهدف هذا النهج إلى تقليل الاعتماد على موردين خارجيين، وتحسين الكفاءة والتكلفة، وتوفير أداء مصمم خصيصاً لأعباء عمل الذكاء الاصطناعي.
الابتكارات الجديدة من غوغل
تتمحور إعلانات غوغل الأخيرة حول جيلين جديدين من المعالجات التي تعزز قدراتها السحابية وتنافس في ميادين مختلفة من الحوسبة:
- وحدات معالجة التنسور السحابية TPU v5p:
تعتبر TPU v5p الجيل الأحدث والأقوى من شرائح غوغل المخصصة لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي على نطاق واسع. تم تصميم هذه الشريحة لتقديم أداء غير مسبوق، حيث توفر، وفقاً لغوغل، زيادة في الأداء تصل إلى ستة أضعاف مقارنة بالجيل السابق (TPU v4). تتميز TPU v5p بقدرات حوسبة فائقة، وذاكرة نطاق ترددي عالٍ (HBM)، وبنية تحتية متطورة للربط البيني تسمح بتوصيل عشرات الآلاف من هذه الشرائح معاً لإنشاء مجموعات حوسبة ضخمة، قادرة على تدريب أكبر نماذج اللغة والذكاء الاصطناعي مثل Gemini الخاص بغوغل. يمثل هذا التطور خطوة مهمة نحو توفير بنية تحتية أكثر قوة ومرونة لعملاء Google Cloud الذين يطورون تطبيقات الذكاء الاصطناعي المتطورة.
- معالجات أكسيون (Axion):
بالإضافة إلى شرائح TPU المتخصصة، كشفت غوغل أيضاً عن معالجات Axion، وهي أول معالجات مركزية (CPUs) قائمة على معمارية ARM مصممة خصيصاً لمراكز البيانات الخاصة بها. تهدف هذه المعالجات إلى توفير أداء فائق وكفاءة طاقة محسّنة لمجموعة واسعة من أعباء العمل العامة في السحابة، بما في ذلك قواعد البيانات، التحليلات، وخوادم التطبيقات. على الرغم من أن Axion ليست شرائح ذكاء اصطناعي مخصصة مثل TPU، إلا أنها تلعب دوراً حيوياً في استراتيجية غوغل الشاملة للأجهزة، حيث تكمل قدرات TPU ووحدات معالجة الرسومات التابعة لجهات خارجية من خلال توفير بنية تحتية أكثر تكاملاً وفعالية من حيث التكلفة لبيئات الحوسبة السحابية التي تدعم الذكاء الاصطناعي.
الأهمية والتأثير على السوق
إن إطلاق غوغل لهذه الشرائح الجديدة له تداعيات كبيرة على مشهد الذكاء الاصطناعي وصناعة أشباه الموصلات. أولاً، إنه يزيد من المنافسة مع إنفيديا، التي تواجه الآن تحدياً أقوى من جانب أحد أكبر مستهلكي ومعماريي الذكاء الاصطناعي. هذا التحدي قد يدفع كلا الشركتين نحو مزيد من الابتكار في الأداء والكفاءة والتكلفة.
ثانياً، يوفر لعملاء Google Cloud خيارات أوسع وأكثر تخصيصاً لأعباء عملهم المختلفة. يمكن للشركات الآن الاختيار بين وحدات TPU عالية الأداء لتدريب النماذج الضخمة، أو معالجات Axion لأعباء العمل العامة، أو حتى وحدات GPU من إنفيديا إذا كانت تطبيقاتهم تتطلب ذلك. هذا التنوع يعزز مرونة العملاء وقد يؤدي إلى حلول أكثر كفاءة من حيث التكلفة والأداء.
ثالثاً، يعكس هذا التحرك رغبة غوغل في تحقيق مزيد من الاستقلالية الاستراتيجية في سلسلة توريدها التكنولوجية. من خلال تصميم وتصنيع شرائحها الخاصة، تقلل غوغل من اعتمادها على الموردين الخارجيين، مما يمنحها سيطرة أكبر على ابتكاراتها، أمنها، وتكاليفها التشغيلية على المدى الطويل.
بشكل عام، تدل هذه التطورات على مرحلة جديدة في سباق تسليح الذكاء الاصطناعي، حيث تسعى الشركات التكنولوجية الكبرى إلى بناء بنية تحتية متكاملة ومحسّنة لتمكين الجيل القادم من تطبيقات الذكاء الاصطناعي. المنافسة الشرسة في سوق الشرائح ستكون في صالح الابتكار وستعود بالنفع في نهاية المطاف على مطوري ومستخدمي الذكاء الاصطناعي حول العالم.



