فريق مصري متخصص يدخل غزة بموافقة إسرائيلية للمساعدة في البحث عن جثامين الرهائن
في خطوة لافتة وسط توترات سياسية متصاعدة، أفادت تقارير إعلامية في أواخر مايو 2024 بأن فريقًا مصريًا متخصصًا دخل إلى قطاع غزة في مهمة محددة تتمثل في المساعدة على تحديد مواقع جثامين الرهائن الإسرائيليين الذين تحتجزهم الفصائل الفلسطينية. وجاءت هذه الخطوة بموافقة شخصية من رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، مما يسلط الضوء على وجود قنوات تنسيق أمنية رفيعة المستوى بين البلدين رغم الخلافات العلنية بشأن العمليات العسكرية في رفح.

تفاصيل المهمة وطبيعتها
تتركز المهمة الأساسية للفريق المصري على تقديم المساعدة الفنية واللوجستية للجانب الإسرائيلي في جهود البحث عن رفات الرهائن. ويُعتقد أن هذه العملية تأتي في أعقاب حصول إسرائيل على معلومات استخباراتية جديدة قد تقود إلى أماكن دفن محتملة، خاصة بعد أن تمكن الجيش الإسرائيلي في وقت سابق من استعادة جثامين عدد من الرهائن. ووصفت المصادر الفريق بأنه "احترافي" و"متخصص"، مما يشير إلى أنه قد يضم خبراء في مجالات معينة ضرورية لمثل هذه العمليات الحساسة، بعيدًا عن أي طابع سياسي مباشر للمهمة على الأرض.
السياق السياسي والخلفية
جاء هذا التعاون العملياتي في وقت شهدت فيه العلاقات المصرية الإسرائيلية توترًا ملحوظًا. فقد أثارت سيطرة الجيش الإسرائيلي على الجانب الفلسطيني من معبر رفح، المنفذ الحيوي للمساعدات الإنسانية إلى غزة، انتقادات حادة من القاهرة التي حذرت من تداعيات العملية العسكرية في المدينة المكتظة بالنازحين. ورغم هذا الخلاف السياسي، تظهر هذه الخطوة أن قنوات الاتصال الأمنية والاستخباراتية بين مصر وإسرائيل لا تزال تعمل بفاعلية، لا سيما في الملفات ذات الأهمية القصوى، مثل قضية الرهائن التي تحظى باهتمام كبير لدى الرأي العام الإسرائيلي.
آلية الموافقة والتداعيات الداخلية
أشارت التقارير إلى أن قرار السماح بدخول الفريق المصري تم اتخاذه مباشرة من قبل مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، دون استشارة كاملة مع أعضاء مجلس الحرب أو وزير الدفاع، يوآف غالانت. وقد أثار هذا الأسلوب في اتخاذ القرار، بحسب وسائل إعلام إسرائيلية، بعض الخلافات داخل القيادة الإسرائيلية، لكنه يؤكد في الوقت نفسه على وجود خط اتصال مباشر وفعال بين نتنياهو والقيادة المصرية، وتحديدًا جهاز المخابرات العامة المصرية برئاسة عباس كامل، والذي يلعب دورًا محوريًا في جهود الوساطة.
الأهمية والدلالات
تكتسب هذه الخطوة أهمية خاصة لعدة أسباب، فهي لا تمثل فقط تعاونًا نادرًا ومباشرًا داخل قطاع غزة بين الطرفين خلال الحرب الحالية، بل تعكس أيضًا الأبعاد التالية:
- أولوية قضية الرهائن: تؤكد هذه العملية على أن ملف الرهائن يظل على رأس أولويات الحكومة الإسرائيلية، إلى درجة السعي للحصول على مساعدة خارجية مباشرة في هذا الشأن.
- دور مصر المحوري: ترسخ الخطوة مكانة مصر كلاعب إقليمي لا غنى عنه، ليس فقط كوسيط سياسي في مفاوضات وقف إطلاق النار، بل أيضًا كشريك قادر على تقديم مساعدة عملية في القضايا الأمنية والإنسانية المعقدة.
- قنوات الاتصال الخلفية: تكشف عن عمق العلاقات الأمنية بين البلدين وقدرتها على تجاوز الخلافات السياسية المعلنة لتحقيق أهداف محددة وحساسة، مما يحافظ على درجة من الاستقرار الإقليمي.
في المحصلة، يمثل دخول الفريق المصري إلى غزة تطورًا مهمًا يعكس تشابك العلاقات في الشرق الأوسط، حيث يمكن للتعاون الأمني أن يستمر حتى في ظل أسوأ الظروف السياسية، مدفوعًا بالمصالح المشتركة والضرورات الاستراتيجية.





