جرائم هزت مصر: طفل شبرا ضحية "الدارك ويب" وجريمة "المنشار الكهربائي" في الإسماعيلية

شهد المجتمع المصري خلال الأسابيع القليلة الماضية حادثتين مروعتين، أعادتا إلى الأذهان مشاهد أفلام الرعب، حيث تجاوزت بشاعتهما كل تصور. ففي محافظتي القليوبية والإسماعيلية، وقعت جريمتان منفصلتان لكنهما تشابكهما في مستوى العنف والغرابة، مما أثار صدمة واسعة وحالة من الحزن والغضب في جميع أنحاء البلاد. الحادثة الأولى تمثلت في مقتل طفل في شبرا الخيمة بهدف بيع فيديو لعملية انتزاع أعضائه عبر "الدارك ويب"، والثانية كانت مقتل طالب في الإسماعيلية وتقطيع جسده بمنشار كهربائي على يد مُدرّسه.

جريمة شبرا الخيمة: طفل ضحية العالم المظلم

في أواخر أبريل 2024، تكشفت تفاصيل جريمة حي شبرا الخيمة بالقليوبية، التي كان ضحيتها الطفل أحمد سعد، البالغ من العمر 15 عاماً. عُثر على جثمانه داخل إحدى الشقق السكنية بالمنطقة وقد تم استئصال بعض أعضائه الداخلية. التحقيقات الأولية التي أجرتها النيابة العامة المصرية كشفت عن خيوط جريمة منظمة ومعقدة تم التخطيط لها عبر الإنترنت.

أظهرت التحريات أن مرتكب الجريمة هو جار للضحية، والذي اعترف بأنه أقدم على استدراج الطفل وقتله بطلب من شاب مصري آخر مقيم في دولة الكويت. لم يكن الهدف هو تجارة الأعضاء التقليدية، بل كان الدافع أكثر بشاعة؛ حيث طُلب منه تصوير عملية القتل وانتزاع الأعضاء بالفيديو مقابل مبلغ مالي كبير. كان المخطط يهدف إلى بيع هذا المقطع المصور عبر منصات "الدارك ويب" المتخصصة في المحتوى العنيف والمتطرف.

بفضل التنسيق السريع بين السلطات المصرية والكويتية عبر الإنتربول، تم القبض على المتهم المحرّض في الكويت. وقد اعترف المتهمان بالتواصل عبر أحد تطبيقات التواصل الاجتماعي للتخطيط للجريمة، مما يسلط الضوء على الأبعاد الخطيرة للجرائم الإلكترونية وكيف يمكن استغلالها لتنفيذ أعمال وحشية على أرض الواقع.

مأساة الإسماعيلية: خيانة وغدر بـ"منشار كهربائي"

قبل أسابيع قليلة من حادثة شبرا، وفي فبراير 2024، اهتزت مدينة الإسماعيلية على وقع جريمة لا تقل فظاعة. بدأت القصة باختفاء طالب الثانوية العامة، إيهاب أشرف عبد العزيز، قبل أن تتلقى أسرته اتصالاً يطالب بفدية مالية. بعد أيام من البحث والترقب، عثرت الأجهزة الأمنية على جثمان الطالب مقسماً إلى ثلاثة أجزاء، تم إلقاء كل منها في مكان مختلف في محاولة لإخفاء معالم الجريمة.

الصدمة الكبرى كانت عندما كشفت التحقيقات أن الجاني هو مُدرّس الفيزياء الخاص بالضحية، وهو شاب في العشرينيات من عمره. اعترف المتهم بأنه كان يمر بضائقة مالية، فخطط لاختطاف طالبه وطلب فدية من والده الثري. إلا أن خطته تعثرت، فقرر قتل الطالب للتخلص منه. ولإخفاء جريمته، قام بتقطيع الجثمان باستخدام "صاروخ كهربائي" (منشار كهربائي)، في مشهد قاسٍ أثار الرعب في نفوس من تابعوا تفاصيل القضية.

تداعيات مجتمعية وقانونية

أثارت الجريمتان موجة واسعة من النقاش العام حول عدة قضايا ملحة، منها:

تأثير الإنترنت المظلم: سلطت جريمة شبرا الضوء على المخاطر الخفية لـ"الدارك ويب" وكيف يمكن أن يتحول إلى منصة لتجنيد الأفراد لتنفيذ جرائم عنيفة مقابل المال.
الأمان الأسري والمجتمعي: في كلتا الحادثتين، كان الجاني شخصاً معروفاً للضحية (جار ومُدرّس)، مما عمّق الشعور بانعدام الأمان وزعزع الثقة داخل الدوائر الاجتماعية القريبة.
الدوافع المادية: شكلت الدوافع المالية قاسماً مشتركاً، سواء بشكل مباشر كما في قضية الإسماعيلية، أو غير مباشر عبر الوعد بالثراء السريع في قضية شبرا، مما يطرح تساؤلات حول الضغوط الاقتصادية والنفسية التي قد تدفع البعض لارتكاب مثل هذه الفظائع.

من جانبها، أكدت النيابة العامة المصرية تعاملها بحزم مع القضيتين، مشيرة إلى أن التحقيقات لا تزال جارية لكشف كافة ملابساتهما وتقديم الجناة إلى العدالة لينالوا أقصى عقوبة. وقد أثارت هذه الأحداث مطالب مجتمعية بتشديد الرقابة على المحتوى الإلكتروني وزيادة الوعي بمخاطر الإنترنت، بالإضافة إلى ضرورة معالجة الأسباب الاجتماعية والنفسية التي تؤدي إلى هذا المستوى من العنف الوحشي.