في مواجهة الانتقادات، ترامب يربط الرسوم الجمركية بزيادة ألفي دولار في دخل المواطن الأمريكي
جدد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب دفاعه عن سياساته التجارية الحمائية، مؤكداً أن فرض رسوم جمركية واسعة النطاق على الواردات لن يضر بالمستهلك الأمريكي، بل سيزيد من دخل الأسرة المتوسطة بنحو ألفي دولار سنوياً. تأتي هذه التصريحات في سياق ترويجه لأجندته الاقتصادية ضمن حملته الانتخابية، حيث يهاجم الأصوات المعارضة التي تحذر من التبعات السلبية لمثل هذه الإجراءات.

خلفية السياسة المقترحة
تعتبر الرسوم الجمركية حجر الزاوية في الرؤية الاقتصادية التي يطرحها ترامب، والتي تهدف إلى حماية الصناعات المحلية وتشجيع الإنتاج داخل الولايات المتحدة. خلال فترة رئاسته، فرض رسوماً على سلع بمليارات الدولارات، خاصة من الصين، مما أدى إلى حرب تجارية أثرت على الأسواق العالمية. ويقترح ترامب الآن سياسة أكثر شمولاً، تتضمن فرض رسوم جمركية بنسبة 10% على جميع السلع المستوردة، مع إمكانية رفع هذه النسبة إلى 60% أو أكثر على المنتجات الصينية تحديداً، وذلك بهدف تقليص العجز التجاري الأمريكي وإعادة الوظائف الصناعية إلى البلاد.
المنطق الاقتصادي وراء الوعد
يستند ترامب في وعده بزيادة دخل الأسر إلى فرضية مفادها أن العائدات التي ستحققها الحكومة من هذه الرسوم يمكن استخدامها لتمويل تخفيضات ضريبية مباشرة للمواطنين الأمريكيين. ووفقاً لحملته، فإن هذه الإيرادات، مقترنة بالنمو الاقتصادي الناتج عن عودة الصناعات المحلية، ستعوض أي زيادة محتملة في أسعار السلع المستوردة، بل وستؤدي إلى فائض مالي يعود بالنفع على الأسر. ويؤكد أن هذه السياسة ستجبر الدول الأخرى، وعلى رأسها الصين، على دفع تكلفة الوصول إلى السوق الأمريكية، مما يعزز الموقف التفاوضي للولايات المتحدة.
الانتقادات وردود الفعل
في المقابل، يواجه هذا الطرح انتقادات واسعة من خبراء اقتصاديين ومنظمات أعمال. يحذر المعارضون من أن الرسوم الجمركية هي في جوهرها ضريبة يتحملها المستهلكون والمستوردون الأمريكيون في نهاية المطاف، وليست الدول المصدرة. وتشير العديد من الدراسات التي حللت تأثير الرسوم التي فُرضت خلال فترة رئاسته الأولى إلى أنها أدت إلى ارتفاع أسعار مجموعة واسعة من السلع، مما قلل من القوة الشرائية للأسر. ومن بين المخاوف الرئيسية التي يثيرها المنتقدون:
- التضخم: يمكن أن يؤدي فرض رسوم جمركية شاملة إلى زيادة تكلفة السلع المستوردة والمكونات التي تعتمد عليها الصناعات الأمريكية، مما يرفع الأسعار ويزيد من الضغوط التضخمية.
- الإجراءات الانتقامية: قد ترد الدول المتضررة بفرض رسوم جمركية مضادة على الصادرات الأمريكية، مما يلحق الضرر بقطاعات حيوية مثل الزراعة والتكنولوجيا.
- تأثير على سلاسل الإمداد: قد تضطر الشركات الأمريكية إلى إعادة هيكلة سلاسل الإمداد العالمية الخاصة بها، مما يتسبب في اضطرابات وتكاليف إضافية قد تنتقل إلى المستهلك.
- الشكوك في الحسابات: يشكك العديد من الاقتصاديين في صحة الحسابات التي تفيد بأن عائدات الرسوم ستكون كافية لتعويض المستهلكين وتحقيق زيادة صافية في الدخل.
الأهمية والسياق الأوسع
تُبرز هذه القضية انقساماً عميقاً حول أفضل السبل لإدارة السياسة التجارية للولايات المتحدة. فبينما يرى ترامب وأنصاره أن الحمائية هي الطريق لاستعادة القوة الاقتصادية الوطنية، يرى آخرون أن التجارة الحرة والانفتاح على الأسواق العالمية هما محرك النمو والازدهار. ومع استمرار الحملة الانتخابية، من المتوقع أن يظل هذا الجدل محورياً في تحديد ملامح السياسة الاقتصادية الأمريكية المستقبلية.





