فيلم وثائقي جديد يؤرخ لرحلة كنوز توت عنخ آمون إلى المتحف الكبير
أعلنت مصادر ثقافية مصرية عن قرب عرض فيلم وثائقي جديد طال انتظاره، يسلط الضوء على واحدة من أضخم عمليات نقل الآثار في التاريخ الحديث: رحلة كنوز الملك الذهبي توت عنخ آمون من مقرها القديم في المتحف المصري بالتحرير إلى وجهتها النهائية في المتحف المصري الكبير المطل على أهرامات الجيزة. يأتي هذا العمل ليوثق الجهود الهائلة التي بذلت على مدار سنوات لضمان وصول المجموعة الأثرية الأكثر شهرة في العالم بأمان إلى مثواها الجديد، تمهيداً لعرضها الكامل لأول مرة أمام الجمهور.

خلفية المشروع وأهميته التاريخية
تعتبر كنوز توت عنخ آمون، التي اكتشفها عالم الآثار البريطاني هوارد كارتر عام 1922، الاكتشاف الأثري الأهم في القرن العشرين، وذلك لكونها المقبرة الملكية الوحيدة التي عُثر عليها سليمة تقريباً، بما تحتويه من آلاف القطع الأثرية المذهلة. وعلى مدار قرن كامل، كانت هذه الكنوز معروضة في المتحف المصري بميدان التحرير، والذي أصبح غير قادر على استيعاب المجموعة بأكملها أو عرضها بالشكل اللائق الذي يتناسب مع قيمتها التاريخية والفنية.
من هنا، برزت فكرة إنشاء المتحف المصري الكبير كمشروع قومي ضخم يهدف إلى أن يكون أكبر متحف في العالم مخصص لحضارة واحدة. صُمم المتحف ليكون مركزاً ثقافياً وعلمياً عالمياً، وتقرر أن تكون مجموعة توت عنخ آمون الكاملة، والتي تضم أكثر من 5000 قطعة، هي نجمة العرض الرئيسية به. استلزم هذا القرار التخطيط لعملية نقل دقيقة ومعقدة للآثار من القاهرة إلى موقع المتحف الجديد بالجيزة، وهي العملية التي يشكل توثيقها محور الفيلم الوثائقي المرتقب.
محتوى الفيلم وكواليس عملية النقل
من المتوقع أن يكشف الفيلم الوثائقي للمشاهدين عن كواليس المراحل المختلفة لعملية النقل التي استمرت لسنوات. سيتناول العمل التحديات اللوجستية والعلمية التي واجهت فرق العمل من أثريين ومرممين ومهندسين مصريين ودوليين. وسيركز على التفاصيل الدقيقة التي صاحبت هذه المهمة التاريخية، والتي شملت:
- عمليات التوثيق والتغليف: سيستعرض الفيلم كيف تم توثيق كل قطعة أثرية وفحص حالتها بدقة قبل عملية النقل، واستخدام مواد تغليف متخصصة وخالية من الأحماض صُممت خصيصاً لحماية كل قطعة على حدة، مع مراعاة طبيعتها الهشة وحجمها المختلف.
- النقل الآمن: سيسلط الضوء على استخدام عربات نقل مجهزة بأنظمة متطورة للتحكم في الاهتزازات ودرجة الحرارة والرطوبة، لضمان استقرار القطع الأثرية أثناء رحلتها القصيرة ولكن المحفوفة بالمخاطر.
- أعمال الترميم في المعامل الحديثة: من المرجح أن يعرض الفيلم لقطات من داخل معامل الترميم المتطورة في المتحف المصري الكبير، حيث خضعت العديد من القطع لعمليات صيانة وترميم دقيقة فور وصولها، استعداداً لعرضها في بيئتها الجديدة.
- كواليس نقل القطع الضخمة: سيتناول الفيلم على الأرجح قصص نقل القطع الأيقونية والثقيلة، مثل التوابيت الذهبية، والعجلات الحربية، والمقصورات الخشبية المذهبة، والتي تطلبت تخطيطاً هندسياً خاصاً.
كما يتوقع أن يتضمن الفيلم مقابلات حصرية مع الخبراء والمسؤولين الذين أشرفوا على هذا المشروع الضخم، ليروي شهاداتهم حول التحديات التي واجهوها وأهمية هذا الإنجاز الوطني.
الهدف من الفيلم وتأثيره المرتقب
لا يقتصر هدف الفيلم على كونه مجرد توثيق لحدث تاريخي، بل يمتد ليكون أداة تعريفية وترويجية للمتحف المصري الكبير الذي يعد أحد أهم المشاريع الثقافية في مصر والعالم. يسعى الفيلم إلى إبراز القدرات المصرية في مجال الحفاظ على التراث والتعامل معه بأحدث الأساليب العلمية والتكنولوجية، مما يعزز مكانة مصر كوجهة سياحية وثقافية رائدة.
ومع اقتراب الافتتاح الكامل للمتحف الكبير، يعمل هذا الفيلم على تهيئة الرأي العام العالمي والمحلي لهذا الحدث، وزيادة الشغف لرؤية كنوز توت عنخ آمون مجتمعة لأول مرة في قاعات عرض مصممة خصيصاً لها، وهو ما سيقدم تجربة متحفية فريدة للزوار من جميع أنحاء العالم. ووفقاً للإعلانات الأولية الصادرة خلال الفترة الأخيرة، من المقرر عرض الفيلم خلال الأيام المقبلة، ليكون بمثابة مقدمة شيقة تسبق الكشف الكامل عن كنوز الفرعون الذهبي في صرحها الحضاري الجديد.





