قرار حكومي يمنح لجان حصر الإيجارات السكنية مهلة إضافية لمدة ثلاثة أشهر
أصدر رئيس مجلس الوزراء المصري، الدكتور مصطفى مدبولي، قرارًا جديدًا يحمل رقم 3977 لسنة 2025، يقضي بمنح لجان حصر المناطق التي تضم أماكن سكنية مؤجرة مهلة إضافية مدتها ثلاثة أشهر لاستكمال أعمالها. يأتي هذا التمديد في إطار الجهود الحكومية المستمرة لمعالجة ملف الإيجارات القديمة، والذي يُعد من أكثر القضايا الاجتماعية والاقتصادية تعقيدًا في البلاد، حيث تستهدف هذه اللجان جمع بيانات دقيقة وشاملة تمهيدًا لوضع تشريع جديد ينظم العلاقة بين الملاك والمستأجرين بشكل عادل.

خلفية القرار وأهميته
يمثل قانون الإيجار القديم إرثًا تشريعيًا يمتد لعقود، وقد أدى إلى تثبيت القيم الإيجارية عند مستويات متدنية للغاية لا تتناسب مع القيمة السوقية الحالية للعقارات. وقد نتج عن ذلك وضع غير متوازن، يعاني فيه الملاك من تدني العوائد المادية لممتلكاتهم، بينما يتمتع المستأجرون بحماية قانونية واسعة تجعل من الصعب إخلاء الوحدات السكنية. وإدراكًا لضرورة إيجاد حل جذري لهذه المشكلة، شرعت الحكومة في اتخاذ خطوات جادة، كان أبرزها تشكيل لجان متخصصة لعمل مسح ميداني شامل لكافة العقارات الخاضعة لهذا القانون.
تكمن أهمية عمل هذه اللجان في أنها توفر قاعدة البيانات الأساسية التي سيعتمد عليها المشرّعون في صياغة قانون جديد. فبدون فهم دقيق لعدد الوحدات السكنية المعنية، وتوزيعها الجغرافي، والحالة الاجتماعية والاقتصادية لساكنيها، وأوضاع الملاك، فإن أي تشريع جديد قد يؤدي إلى تفاقم المشكلات بدلًا من حلها. لذا، يُعتبر قرار التمديد خطوة ضرورية لضمان دقة ومصداقية البيانات التي سيتم جمعها، مما يعكس حرص الدولة على التعامل مع هذا الملف الشائك بحذر وتأنٍ.
مهام اللجان والتحديات الميدانية
تتولى اللجان المشكّلة بموجب القانون رقم 64 لسنة 2025 مهام متعددة ومعقدة، لا تقتصر فقط على حصر أعداد الوحدات، بل تشمل أيضًا:
- تسجيل البيانات التفصيلية للعقارات، بما في ذلك حالتها الإنشائية وموقعها.
- تحديد عدد السكان في كل وحدة سكنية وجمع معلومات حول أوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية.
- التحقق من صحة عقود الإيجار القائمة وتاريخ تحريرها.
- تكوين رؤية واضحة حول حجم الظاهرة على مستوى الجمهورية.
وقد واجهت هذه اللجان خلال عملها تحديات ميدانية كبيرة، من بينها صعوبة الوصول إلى بعض المناطق، أو عدم تعاون بعض السكان أو الملاك في تقديم المعلومات المطلوبة، بالإضافة إلى الحجم الهائل للبيانات التي يجب جمعها وتدقيقها. هذه التحديات هي التي استدعت على الأرجح منحها فترة إضافية لضمان عدم إغفال أي منطقة وإتمام عملها على الوجه الأكمل.
التأثيرات المتوقعة للقرار
يؤثر قرار تمديد عمل اللجان على جميع الأطراف المعنية بملف الإيجار القديم. فبالنسبة للمستأجرين، يمنحهم القرار فترة هدوء مؤقتة واستمرارًا للوضع الحالي، ولكنه في الوقت نفسه يطيل أمد حالة عدم اليقين بشأن مستقبلهم السكني. أما بالنسبة للملاك، فإن التمديد يعني تأجيل تطبيق أي حلول قد تساهم في تحسين عوائد ممتلكاتهم، مما يزيد من معاناتهم المادية.
على المستوى الحكومي، يعكس القرار رغبة في بناء سياسة عامة مدروسة تستند إلى معلومات واقعية، وتجنب اتخاذ قرارات متسرعة قد تكون لها تداعيات اجتماعية سلبية. ومن المتوقع أنه بعد انتهاء فترة التمديد وتقديم اللجان لتقاريرها النهائية، ستبدأ الحكومة في مناقشة مسودة مشروع قانون جديد يهدف إلى تحقيق التوازن المنشود بين حقوق وواجبات كل من المؤجر والمستأجر، مع مراعاة وضع فترات انتقالية تضمن انتقالًا سلسًا نحو نظام إيجاري جديد وأكثر عدالة.





