قضية ذبح الإسماعيلية: طلب مفاجئ من الدفاع بعرض المتهم على الطب النفسي
شهدت جلسات محاكمة المتهم في الجريمة المروعة التي هزت محافظة الإسماعيلية، تطورًا لافتًا مؤخرًا. فقد فاجأ فريق الدفاع المحكمة بطلب غير متوقع، طالبًا عرض موكلهم على لجنة متخصصة من الطب النفسي الشرعي لتقييم حالته العقلية والنفسية. يأتي هذا الطلب في سياق القضية المعروفة إعلاميًا بـ "جريمة ذبح الإسماعيلية"، والتي أثارت صدمة واسعة في الشارع المصري، وفتح مجددًا باب النقاش حول الدوافع الكامنة وراء مثل هذه الأعمال الوحشية والمسؤولية الجنائية للمتهمين في قضايا العنف المفرط. تم تقديم هذا الطلب خلال إحدى الجلسات الأخيرة التي عُقدت لمتابعة مجريات المحاكمة، مما قد يغير مسار القضية بشكل جوهري.

خلفية الجريمة المروعة
تعود تفاصيل الواقعة الأليمة إلى منتصف نوفمبر من عام 2021، حين استيقظ أهالي محافظة الإسماعيلية على جريمة بشعة وقعت في وضح النهار بأحد شوارع المدينة الرئيسية. أقدم المتهم، الذي عُرف لاحقًا باسم عبد الرحمن نظمي وشهرته "دبور"، على قتل صديقه وزميله السابق، أحمد فؤاد وشهرته "الضحية"، بطريقة وحشية تتجاوز كل تصور. لم يكتف المتهم بالقتل، بل قام بفصل رأس الضحية عن جسده وحملها في يده، قبل أن يحاول تشويه الجثة المقطعة مستخدمًا أداة حادة (سلاح أبيض) في الشارع العام، أمام مرأى ومسمع المئات من المارة الذين أصابهم الذهول والفزع. هذا المشهد المروع وثقته عدسات كاميرات المراقبة والهواتف المحمولة للمارة، وانتشرت مقاطعه المصورة بسرعة البرق على وسائل التواصل الاجتماعي، ما أثار موجة عارمة من الغضب والاستنكار الشعبي في مصر وخارجها، ودفع السلطات الأمنية إلى التحرك فورًا لإلقاء القبض على الجاني. تمكنت قوات الشرطة من السيطرة على المتهم في موقع الجريمة، رغم محاولته مقاومة القبض عليه، ليتم اقتياده إلى قسم الشرطة وبدء التحقيقات.
مجريات التحقيق والمحاكمة
بعد إلقاء القبض على المتهم، بدأت النيابة العامة تحقيقات موسعة للكشف عن ملابسات الجريمة ودوافعها الخفية. استمعت النيابة إلى أقوال الشهود الذين رأوا الواقعة بأعينهم، وعاينت مسرح الجريمة بدقة، وجمعت الأدلة الجنائية، وأمرت بحبس المتهم احتياطيًا على ذمة التحقيقات مع تمديد الحبس لعدة مرات. لاحقًا، أحالت النيابة المتهم إلى محكمة الجنايات بعد اكتمال التحقيقات وتوجيه تهم القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد والتمثيل بالجثة، وهي تهم تستوجب أقصى العقوبات بموجب القانون المصري. بدأت جلسات المحاكمة العلنية، التي تابعتها وسائل الإعلام والرأي العام باهتمام بالغ، وشهدت استعراضًا للأدلة والشهادات.
في تطور مفاجئ، وخلال إحدى الجلسات الأخيرة، قدم فريق الدفاع عن المتهم، بقيادة الدكتور أحمد حمد، طلبًا رسميًا للمحكمة يطالب فيه بضرورة عرض موكلهم على أطباء متخصصين في الطب النفسي الشرعي. يهدف هذا الإجراء، بحسب الدفاع، إلى تحديد مدى سلامة قوى المتهم العقلية والنفسية وقت ارتكاب الجريمة، وما إذا كان يعاني من أي اضطرابات ذهنية أو نفسية حادة قد تؤثر على إدراكه ومسؤوليته الجنائية عن أفعاله. هذا الطلب عادة ما يُقدم في القضايا التي تتسم بعنف مفرط وغير مبرر بشكل واضح، ويهدف إلى استكشاف إمكانية وجود عوامل نفسية أو عقلية وراء سلوك المتهم.
دوافع الجريمة وتكهنات الرأي العام
تضاربت الأقوال حول الدافع الحقيقي وراء هذه الجريمة الشنيعة، وبقيت التكهنات تحيط بالقضية منذ اليوم الأول. بينما أشارت بعض التقارير الأولية إلى وجود خلافات شخصية قديمة ومعقدة بين المتهم والضحية، بما في ذلك ديون مالية لم تُسدد أو شائعات تتعلق بشرف العائلة، ذكرت مصادر أخرى أن المتهم ربما كان تحت تأثير المواد المخدرة وقت ارتكاب الجريمة، وهو ما قد يفسر السلوك العنيف والغير عقلاني. وقد ظهرت روايات غير مؤكدة تشير إلى أن المتهم ربما كان يعاني من هلاوس أو أوهام تتعلق بـ "أعمال سحر" أو "شعوذة"، أو أنه كان يعتقد أن الضحية قد فعل به شيئًا يمس كرامته أو حياته بطرق غير منطقية، وهي ادعاءات لم يتم تأكيدها رسميًا من قبل الجهات القضائية، ولكنها انتشرت في الأوساط الشعبية وعززت من غموض القضية. لم يتم الكشف عن دافع واضح ومقنع حتى الآن، مما يجعل طلب الفحص النفسي ذا أهمية خاصة في محاولة لفهم أعمق لما حدث.
ظل الرأي العام منقسمًا بين من يرى أن الجاني يجب أن يُحاسب بأقصى عقوبة ممكنة لشناعة فعلته التي لا تُغتفر، وبين من يتساءل عن حالته النفسية والعقلية التي قد تدفع شخصًا لارتكاب مثل هذه الجريمة العلنية المروعة بهذا القدر من الوحشية. وقد أثار طلب الدفاع بإجراء فحص نفسي جدلاً جديدًا حول الجانب النفسي للقضية، وما إذا كان سيؤثر على سير العدالة أو الحكم النهائي.
التداعيات والآثار المجتمعية
تركت جريمة الإسماعيلية بصمة عميقة في الوعي الجمعي المصري. فإلى جانب الصدمة الأولية من وحشية الواقعة التي هزت المجتمع بأكمله، أثارت القضية نقاشًا واسعًا حول قضايا العنف المجتمعي المتزايد، وتأثير انتشار المواد المخدرة، وأهمية الصحة النفسية في الوقاية من مثل هذه الجرائم. كما سلطت الضوء على ضرورة التصدي للجرائم العنيفة وتطبيق القانون بحزم، مع التأكيد على أهمية الإجراءات القضائية التي تكفل محاكمة عادلة لجميع الأطراف وتحديد المسؤولية الجنائية بناءً على أسس قانونية وطبية سليمة. استجابت المؤسسات الدينية والأمنية بدعوات إلى التكاتف المجتمعي وتعزيز القيم الأخلاقية.
ينتظر الرأي العام بفارغ الصبر قرار المحكمة بشأن طلب الدفاع والفحص النفسي المحتمل، والذي قد يضيف بعدًا جديدًا لمسار القضية قبل إصدار الحكم النهائي. إذا ما وافقت المحكمة على الطلب، فإن تقرير الطب النفسي الشرعي سيكون له وزن كبير في تحديد مصير المتهم. تظل هذه القضية رمزًا لتحديات العدالة والمجتمع في مواجهة الجرائم المروعة، وتسلط الضوء على تعقيدات السلوك الإجرامي.





