قطر تستعد لاستضافة كأس العالم تحت 17 عامًا مستفيدة من إرث مونديال 2022

تستعد دولة قطر لاستضافة النسخة الجديدة من بطولة كأس العالم لكرة القدم تحت 17 عامًا، في خطوة تؤكد التزامها المتواصل بتعزيز مكانتها كمركز عالمي للفعاليات الرياضية الكبرى. هذا الإعداد يرتكز بشكل أساسي على النجاح والإرث الذي خلفه تنظيم كأس العالم للكبار مونديال 2022، حيث تسعى قطر للاستفادة القصوى من خبراتها ومرافقها المتطورة.

تأتي هذه الاستضافة في إطار قرار الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) بمنح قطر حق تنظيم خمس نسخ متتالية من البطولة بدءًا من عام 2025، وهو تغيير في صيغة البطولة يهدف إلى توفير استقرار أكبر للمضيفين والاستفادة من البنية التحتية القائمة. للمرة الأولى في تاريخ المسابقة، ستشهد البطولة مشاركة 48 منتخبًا، مما يمثل تحديًا لوجستيًا وتنظيميًا فريدًا يعكس الثقة الدولية بقدرات قطر.

خلفية القرار وأهميته

في مارس 2024، أعلن الفيفا عن قرار استضافة قطر لبطولة كأس العالم تحت 17 عامًا لمدة خمس سنوات متتالية (من 2025 إلى 2029)، وبالتزامن مع ذلك، أسند للفيفا أيضًا حق استضافة كأس العالم للسيدات تحت 17 عامًا للمغرب لنفس الفترة. يمثل هذا التوجه الجديد للفيفا استراتيجية تهدف إلى تطوير كرة القدم للشباب على نطاق أوسع، من خلال زيادة عدد الفرق المشاركة وتوفير بيئة مستقرة للمنافسة.

تكتسب هذه الاستضافة أهمية بالغة لعدة أسباب:

تعزيز مكانة قطر الرياضية: ترسخ قطر موقعها كلاعب رئيسي على الساحة الرياضية الدولية، وتؤكد قدرتها على استضافة فعاليات عالمية متنوعة المستويات.
الاستفادة المستدامة من الإرث: توفر البطولة فرصة مثالية لإعادة استخدام وتفعيل البنية التحتية المتميزة التي تم تطويرها لمونديال 2022، مما يضمن استدامتها ويقلل من الحاجة إلى بناء مرافق جديدة.
تطوير كرة القدم للشباب: من خلال استضافة بطولة بهذا الحجم، تسهم قطر في دعم مساعي الفيفا لتطوير المواهب الشابة وتقديم منصة عالمية لهم للتنافس والنمو.
الآثار الاقتصادية والسياحية: من المتوقع أن تسهم البطولة في تنشيط قطاعات السياحة والضيافة والتجارة، فضلاً عن توفير فرص عمل مؤقتة، مما يعزز الاقتصاد المحلي.

"إرث مونديال 2022": دعامة الاستضافة

يُعد "إرث مونديال 2022" الركيزة الأساسية التي تعتمد عليها قطر في استعداداتها. هذا الإرث لا يقتصر على الملاعب الحديثة فقط، بل يشمل مجموعة واسعة من الموارد والخبرات:

البنية التحتية الرياضية: تضم قطر مجموعة من الملاعب ذات الطراز العالمي التي استضافت مباريات مونديال 2022، بالإضافة إلى مرافق تدريب متطورة وشبكة مواصلات متكاملة (مترو الدوحة، الطرق الحديثة) تسهل تنقل الفرق والجماهير.
الخبرة التنظيمية والتشغيلية: اكتسبت الكوادر القطرية والمتطوعون خبرة لا تقدر بثمن في إدارة الفعاليات الكبرى، بدءًا من التخطيط اللوجستي والأمني وصولًا إلى إدارة الحشود وخدمة الزوار. هذه الخبرة ستكون حاسمة في ضمان سلاسة تنظيم بطولة بحجم كأس العالم تحت 17 عامًا.
التكنولوجيا والابتكار: الاستفادة من التقنيات المتقدمة المستخدمة في 2022، مثل أنظمة التبريد في الملاعب وتكنولوجيا الاتصالات، لضمان بيئة مثالية للعب والمشاهدة.
رأس المال البشري: وجود قاعدة كبيرة من المتطوعين والمهنيين المدربين الذين شاركوا في مونديال 2022، والذين يمكن الاستفادة من خبراتهم في البطولة القادمة.

تؤكد هذه الاستضافة التزام قطر بتحويل رؤية إرث المونديال إلى واقع ملموس ومستدام، وذلك من خلال مواصلة استضافة البطولات الكبرى والارتقاء بمعايير تنظيم الفعاليات الرياضية العالمية.

التحديات والفرص مع صيغة الـ 48 فريقًا

قرار الفيفا بزيادة عدد المنتخبات المشاركة في كأس العالم تحت 17 عامًا إلى 48 فريقًا يمثل فرصة هائلة لتمثيل أوسع للقارات وتطوير المواهب من جميع أنحاء العالم، ولكنه يضع في الوقت نفسه تحديات تنظيمية مهمة على عاتق الدولة المضيفة. قطر، بفضل بنيتها التحتية المونديالية، تبدو مجهزة بشكل جيد للتعامل مع هذا التوسع:

استيعاب أكبر: تتطلب استضافة 48 فريقًا عددًا أكبر من أماكن الإقامة ومرافق التدريب والنقل. البنية التحتية الفندقية وشبكة النقل العام في قطر، التي تم تعزيزها بشكل كبير لعام 2022، قادرة على استيعاب هذا الحجم المتزايد.
تنوع جغرافي: تزيد هذه الصيغة من التمثيل الجغرافي، مما يثري البطولة ويجعلها أكثر عالمية، ويعكس جهود الفيفا لتعزيز الشمولية في كرة القدم.
تحديات الجدولة: يتطلب تنظيم عدد أكبر من المباريات جدولة دقيقة وفعالة لضمان توفير أوقات راحة كافية للفرق وتوزيع المباريات على الملاعب بشكل مثالي.

التأثير المتوقع

من المتوقع أن يكون لبطولة كأس العالم تحت 17 عامًا تأثيرات إيجابية متعددة الأوجه على قطر والمنطقة والعالم.

على الصعيد المحلي: ستعزز البطولة شغف كرة القدم لدى الشباب القطري، وتلهم جيلًا جديدًا من الرياضيين. كما ستساهم في تنشيط القطاعات الاقتصادية المرتبطة بالرياضة والسياحة.
على الصعيد الإقليمي والدولي: ستؤكد قطر مجددًا قدرتها على أن تكون جسرًا يربط بين الثقافات والشعوب من خلال الرياضة، وستقدم نموذجًا يحتذى به في الاستفادة المستدامة من إرث الفعاليات الكبرى.
لفيفا: ستكون هذه النسخ الخمس المتتالية فرصة للفيفا لاختبار نموذج جديد ومستدام لتنظيم بطولات الشباب، وتقييم مدى فعاليته في تطوير اللعبة على المدى الطويل.

وفي الختام، تستعد قطر، انطلاقاً من إرثها القوي وتجربتها الفريدة في مونديال 2022، لتقديم نسخة استثنائية من كأس العالم تحت 17 عامًا، مؤكدة بذلك التزامها بتطوير كرة القدم العالمية واستضافة أحداث رياضية عالمية بمعايير لا مثيل لها، ابتداءً من عام 2025.