قمة بروكسل تبرز الدور المحوري لمصر في العلاقات مع الاتحاد الأوروبي
عكست مشاركة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في القمة السادسة بين الاتحادين الأوروبي والأفريقي، التي عُقدت في بروكسل خلال شهر فبراير 2022، الأهمية الاستراتيجية المتنامية لمصر كشريك حيوي لأوروبا. وقد شكلت القمة منصة لتأكيد مكانة مصر كركيزة أساسية للاستقرار في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وطرف فاعل في معالجة التحديات المشتركة التي تواجه القارتين.

خلفية القمة وسياقها الاستراتيجي
جاءت القمة، التي انعقدت يومي 17 و18 فبراير 2022، بهدف إعادة ضبط وتنشيط العلاقات بين أفريقيا وأوروبا، والسعي للانتقال من علاقة قائمة على المساعدات إلى شراكة استراتيجية متكافئة. هيمنت على جدول الأعمال ملفات رئيسية مثل التعافي الاقتصادي من جائحة كورونا، والتحول الرقمي والأخضر، والتعاون في مجالات الأمن والصحة، بالإضافة إلى إدارة ملف الهجرة الذي يمثل تحدياً مشتركاً.
دور مصر كشريك أساسي لأوروبا
اعتبرت مشاركة مصر على أعلى مستوى دليلاً على دورها المحوري الذي لا يمكن الاستغناء عنه بالنسبة للجانب الأوروبي. وتعتمد أوروبا على مصر في تحقيق أهداف استراتيجية متعددة، مما يعزز من ثقل القاهرة السياسي والدبلوماسي. وتتركز أهمية هذا الدور في عدة جوانب رئيسية:
- الاستقرار الإقليمي: تُعد مصر حجر الزاوية في الحفاظ على الأمن في منطقة مضطربة، حيث تلعب أدواراً دبلوماسية بارزة في تسوية النزاعات، لا سيما في ليبيا وبين الفلسطينيين والإسرائيليين.
- مكافحة الإرهاب والهجرة: تمثل مصر شريكاً رئيسياً في جهود مكافحة التطرف، كما أن نجاحها في تأمين سواحلها البحرية ساهم بشكل كبير في الحد من تدفقات الهجرة غير الشرعية نحو أوروبا.
- أمن الطاقة: مع سعي أوروبا لتنويع مصادر إمداداتها من الطاقة، تبرز مصر كمركز إقليمي واعد في مجال الغاز الطبيعي والطاقة المتجددة، مما يجعلها شريكاً استراتيجياً في هذا القطاع الحيوي.
وعلى هامش القمة، عقد الرئيس السيسي سلسلة من اللقاءات الثنائية مع قادة أوروبيين لتعزيز العلاقات وتنسيق المواقف حول القضايا ذات الاهتمام المشترك، مما رسخ من عمق الشراكة المصرية الأوروبية.
أبرز مخرجات القمة وتأثيرها
كان من أبرز نتائج القمة إعلان الاتحاد الأوروبي عن حزمة استثمارية ضخمة ضمن مبادرة "البوابة العالمية"، تهدف إلى حشد استثمارات تصل إلى 150 مليار يورو في أفريقيا. تستهدف هذه الحزمة دعم مشاريع البنية التحتية المستدامة، وتعزيز النظم الصحية، ودعم إنتاج اللقاحات محلياً في أفريقيا، وتسريع وتيرة التحول الرقمي والطاقة النظيفة.
بالنسبة لمصر، تفتح هذه المخرجات آفاقاً جديدة لتعميق التعاون وجذب الاستثمارات في قطاعات حيوية تتماشى مع رؤيتها التنموية. لقد أكدت القمة أن الشراكة مع مصر ليست خياراً، بل ضرورة استراتيجية لأوروبا، وأن أمن وازدهار ضفتي المتوسط مرتبطان بشكل وثيق، مما يمنح مصر مكانة مركزية في مستقبل العلاقات الأورو-أفريقية.





