قنا تبدأ استعداداتها لإنشاء مأوى للكلاب الضالة للحد من انتشارها
شهدت محافظة قنا، في أواخر الشهر الماضي، تحركات جادة نحو معالجة ظاهرة انتشار الكلاب الضالة، وذلك بتشكيل لجنة رفيعة المستوى للإشراف على إنشاء مأوى (شلتر) مخصص لهذه الكلاب. تأتي هذه الخطوة في إطار توجيهات الدكتور خالد عبد الحليم، محافظ قنا، الذي أكد على أهمية اتخاذ تدابير فعالة لضمان سلامة المواطنين والحد من المخاطر الصحية والاجتماعية المرتبطة بزيادة أعداد الكلاب الضالة في الشوارع والمدن.

الخلفية والتحديات الملحة
تعاني العديد من المدن المصرية، وقنا ليست استثناءً، من تزايد ملحوظ في أعداد الكلاب الضالة، مما يثير مخاوف واسعة النطاق بين السكان. هذه الظاهرة لا تشكل مصدر إزعاج فحسب، بل تمثل تحديًا حقيقيًا للصحة العامة والسلامة. تشمل التحديات الرئيسية ما يلي:
- مخاطر صحية: تتمثل في احتمالية انتقال الأمراض المشتركة، أبرزها داء الكلب (السعار)، والذي يمكن أن يكون قاتلاً إذا لم يتم التعامل معه بفاعلية.
 - مخاطر السلامة العامة: تكرر حوادث العقر والهجمات على المواطنين، وخاصة الأطفال، مما يؤدي إلى إصابات خطيرة ويخلق حالة من القلق والخوف في الأحياء السكنية.
 - اضطرابات بيئية: تتسبب الكلاب الضالة في نشر القمامة والنفايات أثناء بحثها عن الطعام، مما يؤثر على النظافة العامة ويشوه المظهر الجمالي للمدن.
 - تحديات أخلاقية: غالبًا ما تتفاقم أساليب التعامل مع الكلاب الضالة لتصل إلى طرق غير إنسانية، مما يثير انتقادات من منظمات حقوق الحيوان ويستدعي إيجاد حلول أكثر رحمة وفعالية.
 
وفي ظل هذه التحديات، أصبحت الحاجة ملحة لتبني استراتيجية شاملة ومستدامة تتعامل مع المشكلة من جذورها، بعيدًا عن الحلول المؤقتة أو القاسية.
تفاصيل المبادرة الجديدة ومراحل التنفيذ
للتصدي لهذه الظاهرة، أصدر محافظ قنا توجيهاته بتشكيل لجنة برئاسة اللواء سامي علام، السكرتير العام للمحافظة. وقد بدأت اللجنة أعمالها على الفور بمعاينة عدد من المواقع المقترحة لإنشاء المأوى الجديد في مدينة قنا. تهدف هذه المعاينة إلى تحديد الموقع الأنسب الذي يتوفر فيه:
- مساحة كافية لاستيعاب أعداد كبيرة من الكلاب.
 - قرب من البنية التحتية اللازمة (مياه، كهرباء).
 - سهولة الوصول إليه لفرق الرعاية البيطرية والمتطوعين.
 - مراعاة عدم إزعاج التجمعات السكانية القريبة.
 
لن يقتصر دور المأوى المقترح على توفير مكان آمن للكلاب الضالة فحسب، بل سيكون مركزًا متكاملًا لإدارة أعداد الكلاب الضالة بشكل إنساني وعلمي، ويشمل ذلك:
- برامج التطعيم: لتطعيم الكلاب ضد الأمراض الشائعة، وخاصة داء الكلب، لحماية صحة الحيوان والإنسان.
 - عمليات التعقيم/الإخصاء: للتحكم في النمو السكاني للكلاب بطريقة مستدامة وتقليل أعدادها على المدى الطويل.
 - الرعاية الصحية: توفير الرعاية البيطرية للكلاب المريضة أو المصابة، وإعادة تأهيلها.
 - برامج التبني: السعي لإيجاد عائلات تبني الكلاب المؤهلة، مما يقلل من الضغط على المأوى ويعزز ثقافة الرفق بالحيوان.
 - التوعية المجتمعية: تنظيم حملات توعية للمواطنين حول أهمية الرفق بالحيوان، والمسؤولية في امتلاك الحيوانات الأليفة، وكيفية التعامل مع الكلاب الضالة.
 
الأهداف المرجوة والتأثير المتوقع
من المتوقع أن يحقق مشروع المأوى العديد من الأهداف الرئيسية التي ستعود بالنفع على المجتمع والبيئة على حد سواء:
- الحد من انتشار الأمراض: بتقليل أعداد الكلاب الضالة وتطعيمها، ينخفض خطر انتقال الأمراض إلى البشر والحيوانات الأخرى بشكل كبير.
 - تحسين مستوى السلامة العامة: توفير بيئة أكثر أمانًا للمواطنين، وخاصة الأطفال، بتقليل حوادث العقر والهجمات.
 - تعزيز الرفق بالحيوان: تطبيق معايير عالمية في التعامل مع الكلاب الضالة، بعيدًا عن الأساليب القاسية، بما يتماشى مع القيم الإنسانية.
 - تحسين المظهر الحضاري: تقليل وجود الكلاب الضالة في الشوارع يسهم في تحسين النظافة العامة والمظهر الجمالي للمدن.
 - توفير حل مستدام: بدلاً من الحلول المؤقتة، يوفر المأوى استراتيجية طويلة الأمد لإدارة أعداد الكلاب الضالة بفعالية.
 
التحديات والخطوات المستقبلية
رغم التفاؤل بالمبادرة، إلا أن هناك تحديات متوقعة تتطلب تضافر الجهود لضمان نجاح المشروع واستدامته. تشمل هذه التحديات تأمين التمويل اللازم لبناء المأوى وتشغيله، وتدريب الكوادر البشرية المتخصصة في رعاية الحيوان، وتأمين الدعم المستمر من المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية. من المخطط أن يتم إطلاق حملات لجمع التبرعات وتوقيع بروتوكولات تعاون مع الجمعيات المعنية بالرفق بالحيوان لضمان استمرارية المشروع. يمثل هذا المشروع خطوة مهمة نحو بناء بيئة صحية وآمنة للجميع في محافظة قنا، تعكس الالتزام بمعايير الصحة العامة والرفق بالحيوان.





