كواليس رفض وزير الرياضة السعودي ضم ميسي
في صيف عام 2023، احتلت الأنباء حول مستقبل النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي صدارة المشهد الرياضي العالمي، مع ترقب واسع لقراره بعد انتهاء عقده مع باريس سان جيرمان. برزت عدة وجهات محتملة أبرزها العودة إلى ناديه السابق برشلونة، والانتقال إلى إنتر ميامي الأمريكي، وتقديم عرض تاريخي من نادي الهلال السعودي. ورغم أن الرأي العام ركز على قرار ميسي الشخصي، إلا أن هناك رواية أخرى تتحدث عن «كواليس رفض» من جانب وزارة الرياضة السعودية لصفقة ضم ميسي، وهو ما يضيف بعدًا استراتيجيًا للمشهد.

الخلفية والتطورات الأولية
تأتي هذه التكهنات في سياق طموحات المملكة العربية السعودية الكبيرة في قطاع الرياضة، والتي تُعد جزءًا أساسيًا من رؤية 2030. استثمر صندوق الاستثمارات العامة السعودي بكثافة في الدوري السعودي للمحترفين، بهدف تحويله إلى أحد أقوى الدوريات عالميًا وجذب أبرز نجوم كرة القدم. تجلى هذا التوجه في التعاقد مع كريستيانو رونالدو مطلع عام 2023، ومن ثم كريم بنزيما ونيمار وغيرهم لاحقًا، مما عزز مكانة الدوري كوجهة للنجوم العالميين.
مع اقتراب نهاية عقد ميسي، تقدم نادي الهلال السعودي بعرض مالي ضخم، قدرت قيمته بنحو 400 إلى 600 مليون يورو سنويًا، وهو ما كان سيمثل أكبر عقد في تاريخ كرة القدم. أثار هذا العرض جدلاً واسعًا، وتوقع الكثيرون أن يقبل ميسي الانتقال إلى المملكة بالنظر إلى الحوافز المالية غير المسبوقة. ومع ذلك، جاء قرار ميسي في النهاية بالانتقال إلى إنتر ميامي الأمريكي، مبررًا ذلك برغبته في الاستقرار العائلي وتجربة تحدٍ جديد في بيئة مختلفة.
في خضم هذه التطورات، بدأت تظهر تقارير وتحليلات من بعض المصادر الصحفية والرياضية تشير إلى أن المسألة لم تكن مجرد رفض من ميسي للعرض السعودي، بل كان هناك دور لـ«قرار استراتيجي» من وزارة الرياضة السعودية، وتحديدًا وزير الرياضة الأمير عبد العزيز بن تركي الفيصل، في عدم المضي قدمًا في الصفقة بكل قوتها أو بآلية معينة كان قد يتمناها البعض.
دوافع القرار السعودي المزعوم
تعددت التفسيرات حول طبيعة هذا «الرفض» أو «عدم الاستجابة» من الجانب السعودي. لم يكن الرفض بالمعنى الحرفي لإغلاق الباب أمام ميسي، بل كان أقرب إلى قرار استراتيجي أو أولوية مختلفة. من أبرز الدوافع المحتملة التي أشارت إليها هذه التقارير ما يلي:
- الرؤية الاستراتيجية الشاملة: يرى البعض أن وزارة الرياضة تتبنى رؤية طويلة الأمد لتطوير الدوري السعودي لا تعتمد فقط على استقطاب نجم واحد مهما كانت قيمته. الهدف هو بناء دوري مستدام ومتكامل يشمل تطوير البنية التحتية، برامج الشباب، ورفع مستوى الفرق ككل، بدلاً من التركيز المطلق على صفقة فردية قد تستنزف موارد ضخمة.
 - توزيع الاستثمارات: قد يكون القرار تكتيكًا لتوزيع الاستثمارات على عدد أكبر من اللاعبين العالميين في مختلف المراكز والأندية، بدلاً من تركيز مبلغ هائل في لاعب واحد، مما يضمن رفع مستوى الدوري بشكل أوسع وأكثر شمولية. هذا ما حدث لاحقًا بتعاقدات متعددة لنجوم من أمثال نيمار، رياض محرز، روبن نيفيز، وفابينيو وغيرهم.
 - تجنب «الاعتماد الكلي»: ربما كانت هناك رغبة في تجنب خلق وضع يكون فيه الدوري مرتبطًا بشكل مفرط بنجم واحد، وهو ما قد يؤثر على جاذبية الدوري بعد رحيله أو تراجع مستواه.
 - رسالة للمفاوضات: قد يكون هذا الموقف رسالة تفاوضية غير مباشرة مفادها أن المملكة لا تسعى لضم أي لاعب بأي ثمن، وأن هناك أسسًا معينة للمفاوضات والتعاقدات تتماشى مع خططها.
 
في الوقت نفسه، لا يمكن إغفال أن قرار ميسي بالذهاب إلى إنتر ميامي كان نهائيًا ومدفوعًا برغبات شخصية وعائلية، بغض النظر عن أي اعتبارات سعودية داخلية. ولكن الحديث عن «كواليس الرفض» يشير إلى أن بيئة المفاوضات والعرض السعودي لم تكن بالضرورة مدفوعة بكل قوة ممكنة من المستوى الوزاري لتأمين الصفقة، بل كانت هناك حسابات أخرى تدخلت في المشهد.
تداعيات القرار
بالنسبة للدوري السعودي، لم يؤثر عدم ضم ميسي بشكل كبير على زخم استقطاب النجوم. فبعد هذه الفترة، استمر الدوري في جذب أسماء عالمية بارزة، وإن كان بتوزيع أكبر على الأندية والمراكز. هذا يؤكد أن الرؤية السعودية تتجاوز لاعبًا واحدًا، وتسعى لبناء مشروع رياضي متكامل.
أما على الصعيد العالمي، فقد أضاف انتقال ميسي إلى إنتر ميامي بعدًا جديدًا لكرة القدم الأمريكية (MLS)، ورفع من شعبيتها العالمية بشكل كبير. كما أظهر هذا الحدث أن القرارات الكبرى في عالم كرة القدم لا تتوقف عند الجانب المالي فقط، بل تتداخل فيها عوامل شخصية واستراتيجية معقدة.
الخلاصة
تُسلط «كواليس رفض وزير الرياضة السعودي ضم ميسي» الضوء على التعقيدات التي أحاطت بصفقة انتقال ليونيل ميسي في صيف 2023. فبينما كان العرض السعودي هو الأضخم ماليًا، وساهم قرار ميسي الشخصي في توجيه وجهته نحو الولايات المتحدة، تشير التقارير إلى أن هناك أيضًا اعتبارات استراتيجية من جانب وزارة الرياضة السعودية، ربما كانت تتعلق بتفضيل التنمية الشاملة للدوري على التركيز على صفقة فردية، أو ربما إعادة تقييم جدوى الاستثمار بهذا الحجم. هذا يوضح أن قرارات كرة القدم الكبرى ليست دائمًا مجرد سباق على الأرقام، بل هي مزيج من الرؤى الاستراتيجية، الأجندات الوطنية، والرغبات الشخصية للاعبين.





