كوبا ترفض الاتهامات الأمريكية وتؤكد: لم نرسل قوات إلى أوكرانيا
جددت الحكومة الكوبية نفيها القاطع للاتهامات الصادرة من الولايات المتحدة حول إرسال قوات عسكرية للمشاركة في الحرب الدائرة في أوكرانيا إلى جانب القوات الروسية. وأكدت وزارة الخارجية في هافانا أن هذه الادعاءات "لا أساس لها من الصحة" وتهدف إلى تشويه صورة البلاد، مشيرةً في الوقت ذاته إلى أنها اتخذت إجراءات حاسمة ضد شبكات تعمل على تجنيد مواطنيها للمشاركة في النزاع كمرتزقة.

خلفية الاتهامات وردود الفعل
تصاعد التوتر بين واشنطن وهافانا في الأشهر الأخيرة بعد تقارير وتصريحات لمسؤولين أمريكيين أبدوا فيها قلقهم من وجود مواطنين كوبيين يقاتلون ضمن صفوف الجيش الروسي. وتستند هذه الاتهامات إلى تحليلات استخباراتية وتقارير ميدانية تشير إلى مشاركة أفراد يتحدثون الإسبانية بلكنة كوبية في العمليات العسكرية. وفي المقابل، وصفت السلطات الكوبية هذه المزاعم بأنها جزء من حملة تضليل مستمرة ضدها.
وقد أكد وزير الخارجية الكوبي، برونو رودريغيز بارييا، في تصريحات متعددة أن موقف كوبا "واضح وثابت" ضد الارتزاق، وأن بلاده لا تشارك بأي شكل من الأشكال في الحرب في أوكرانيا. وشددت الحكومة على أن تشريعاتها الوطنية تجرّم المشاركة في أي نزاع مسلح يهدد سيادة دولة أخرى، وأنها ستطبق القانون بصرامة على كل من يخالف ذلك.
شبكة تجنيد المرتزقة: الرواية الكوبية
في خطوة استباقية لتوضيح موقفها، كشفت السلطات الكوبية في سبتمبر 2023 عن تفكيك شبكة إجرامية واسعة كانت متورطة في تجنيد مواطنين كوبيين للقتال في أوكرانيا. وأوضحت التحقيقات أن هذه الشبكة كانت تعمل من داخل روسيا، وتستهدف الشباب الكوبي عبر إغرائهم بعقود عمل مزيفة ورواتب مغرية وعروض بالحصول على الجنسية الروسية.
أعلنت وزارة الداخلية الكوبية عن اتخاذ إجراءات قانونية صارمة ضد المتورطين، حيث تم اعتقال عدد من الأشخاص داخل كوبا بتهم تتعلق بالاتجار بالبشر والارتزاق. وأبرزت الحكومة الكوبية هذا الإجراء كدليل على جديتها في مكافحة هذه الأنشطة غير القانونية، مؤكدةً على الفرق بين هذه العمليات الإجرامية وبين أي قرار رسمي بإرسال قوات، وهو ما تنفيه بشكل مطلق.
السياق الجيوسياسي والأهمية
تأتي هذه الاتهامات المتبادلة في سياق العلاقات التاريخية المتوترة بين كوبا والولايات المتحدة، والتي تشهد ضغوطًا مستمرة بسبب الحصار الاقتصادي الأمريكي المفروض على الجزيرة. وفي الوقت نفسه، حافظت كوبا على علاقات وثيقة مع روسيا، التي تعد حليفًا استراتيجيًا لها منذ حقبة الاتحاد السوفيتي. هذا التحالف يثير قلق واشنطن، خاصة في ظل الصراع الروسي الأوكراني.
ويرى مراقبون أن القضية تسلط الضوء على الوضع الاقتصادي الصعب في كوبا، والذي قد يدفع بعض الشباب إلى البحث عن فرص في الخارج، حتى لو كانت محفوفة بالمخاطر. وفي المحصلة، تظل الحقيقة معقدة؛ فبينما تؤكد كوبا على محاربتها لشبكات المرتزقة، تشير التقارير الغربية إلى استمرار وجود مقاتلين كوبيين في ساحة المعركة، مما يبقي هذا الملف نقطة خلاف رئيسية في العلاقات الدولية.





