كورنيش العلمين الجديدة: من متنزه بحري إلى متحف فني في الهواء الطلق
شهدت مدينة العلمين الجديدة في الآونة الأخيرة تحولاً ثقافياً وفنياً بارزاً، حيث احتضن كورنيش المدينة فعاليات «ملتقى مصر الدولي للنحت والإبداع» الذي أسفر عن تحويل هذا المتنزه البحري الحيوي إلى ما يشبه متحف فني مفتوح. هذا التحول لا يقتصر على إضافة جماليات بصرية فحسب، بل يهدف إلى دمج الفن في النسيج اليومي للمدينة، مقدماً تجربة فريدة لزوارها وسكانها على حد سواء.

خلفية المشروع وأهمية مدينة العلمين الجديدة
تُعد مدينة العلمين الجديدة أحد أهم المشاريع القومية التنموية في مصر، والتي تهدف إلى إنشاء مدينة ساحلية متكاملة على طراز عالمي. تقع المدينة على شاطئ البحر الأبيض المتوسط وتتميز بتخطيطها العمراني الحديث وبنيتها التحتية المتطورة. منذ بداية إنشائها، سعت الدولة المصرية إلى أن تكون العلمين الجديدة ليست مجرد وجهة سكنية وسياحية فحسب، بل مركزاً ثقافياً وترفيهياً يجذب الانتباه من مختلف أنحاء العالم. يشكل الكورنيش الشاطئي للمدينة عنصراً محورياً في رؤيتها، إذ صُمم ليكون مساحة ترفيهية وجمالية رئيسية، تمتد على طول الساحل، وتوفر إطلالات خلابة ومساحات للمشي والاستجمام.
تفاصيل الملتقى الدولي للنحت والإبداع
كان «ملتقى مصر الدولي للنحت والإبداع» هو المحرك الرئيسي لهذا التحول الفني. استضافت مدينة العلمين الجديدة نخبة من الفنانين والنحاتين المتميزين الذين قدموا من 16 دولة مختلفة، شملت دولاً عربية وأوروبية. جمع الملتقى فنانين بخبرات ورؤى متنوعة، وقد تم تكليفهم بإنشاء أعمال فنية نحتية مستوحاة من البيئة المحيطة بالعلمين الجديدة ومن الهوية الثقافية المصرية، مع لمسة عالمية. وقد أتاح هذا التجمع الفني تبادلاً غنياً للخبرات والثقافات، حيث عمل النحاتون على مدى فترة محددة لترك بصماتهم الإبداعية على المواد الخام، محوّلين إياها إلى أعمال فنية ثلاثية الأبعاد تنبض بالحياة.
تحول الكورنيش إلى متحف مفتوح
بعد انتهاء أعمال الملتقى، أصبحت المنحوتات الفنية التي أنتجها الفنانون جزءاً لا يتجزأ من كورنيش العلمين الجديدة. تم وضع هذه الأعمال بشكل استراتيجي على طول الكورنيش وفي المساحات العامة، محوّلة إياه فعلياً إلى متحف مفتوح. ويُقدم هذا المفهوم الفني الجديد العديد من المزايا:
- إتاحة الفن للجميع: الفن لم يعد محصوراً داخل جدران المعارض أو المتاحف التقليدية، بل أصبح جزءاً من المشهد الحضري اليومي، مما يتيح الفرصة لجمهور أوسع للتفاعل معه وتقديره.
- إثراء التجربة البصرية: تُضيف المنحوتات طبقة جديدة من الجمال والاهتمام البصري إلى الكورنيش، مما يعزز جاذبيته كوجهة ترفيهية وسياحية.
- تعزيز الهوية الثقافية للمدينة: تساهم هذه الأعمال الفنية في صياغة هوية بصرية مميزة لمدينة العلمين الجديدة، تربط بين الحداثة والتعبير الفني العالمي.
- بيئة تفاعلية: يشجع وجود الفن في الأماكن العامة على التفاعل الثقافي والفني، ويصبح الكورنيش نقطة لقاء للحوار حول الإبداع والجمال.
الأهمية والتأثير
إن تحويل كورنيش العلمين الجديدة إلى متحف فني في الهواء الطلق يحمل أهمية متعددة الأوجه. على الصعيد الثقافي، يعزز المشروع من تقدير الفنون البصرية المعاصرة ويدعم الحركة الفنية المحلية والدولية. كما يفتح آفاقاً جديدة للتعاون الثقافي الدولي من خلال استضافة فنانين من خلفيات متنوعة. من الناحية السياحية والاقتصادية، يُتوقع أن يُصبح هذا المتحف المفتوح عامل جذب سياحي رئيسي، يجتذب الزوار المهتمين بالفن والثقافة، مما يُسهم في تنشيط الاقتصاد المحلي ويزيد من جاذبية العلمين الجديدة كوجهة سياحية متكاملة. يمثل هذا المشروع أيضاً نموذجاً لكيفية دمج الفن في التخطيط العمراني، لخلق مدن أكثر حيوية وإلهاماً، حيث لا تقتصر جودة الحياة على الخدمات الأساسية فحسب، بل تمتد لتشمل الإثراء الثقافي والجمالي.
في الختام، يُشكل هذا التطور علامة فارقة في مسيرة مدينة العلمين الجديدة، حيث يبرز التزامها بتقديم تجارب شاملة تجمع بين الترفيه والجمال والإبداع، ويُرسخ مكانتها كنموذج للمدن العصرية التي تحتفي بالفن كجزء أصيل من نسيجها الحضري.


