مبادرة حياة كريمة تختتم تدريب 60 سيدة على فن الديكوباج بالإسكندرية
مؤخرًا، اختتمت مبادرة حياة كريمة فعاليات برنامج تدريبي مكثف استهدف 60 سيدة من محافظة الإسكندرية، وذلك في إطار جهودها المستمرة لتمكين المرأة ورفع مستوى المعيشة في المجتمعات المحلية. ركز البرنامج التدريبي على تعليم فن الديكوباج، وهو أحد الفنون اليدوية التي تحظى بشعبية متزايدة وتتيح فرصًا واعدة للدخل والعمل الحر. تأتي هذه الخطوة ضمن سلسلة من المبادرات التي تطلقها "حياة كريمة" في مختلف المحافظات المصرية لتوفير مهارات مهنية تسهم في بناء قدرات الأفراد وتحقيق الاكتفاء الذاتي للأسر.

خلفية عن مبادرة حياة كريمة
تعد مبادرة حياة كريمة مشروعًا قوميًا رائدًا في مصر، أطلقه فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي بهدف تحسين مستوى جودة الحياة للفئات الأكثر احتياجًا في القرى والنجوع المصرية. تتجاوز المبادرة مجرد تقديم الخدمات الأساسية لتشمل جوانب متعددة من التنمية المستدامة، بما في ذلك تطوير البنية التحتية، وتوفير الخدمات الصحية والتعليمية، بالإضافة إلى برامج التمكين الاقتصادي والاجتماعي. ترتكز فلسفة المبادرة على تحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية الشاملة، مع التركيز بشكل خاص على تمكين المرأة والشباب من خلال التدريب المهني وتوفير فرص العمل.
تُنفذ برامج "حياة كريمة" بالتعاون مع عدد كبير من الوزارات والمؤسسات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني، مما يضمن تكاملاً في الجهود ووصولاً فعالاً للمستفيدين. الإسكندرية، كواحدة من المحافظات الرئيسية، تستقبل العديد من هذه البرامج التي تستهدف تنمية قدرات أبنائها وبناتها، خاصة في المناطق التي قد تفتقر إلى فرص التدريب المتخصصة.
أهداف برنامج تدريب الديكوباج
يهدف برنامج تدريب الديكوباج الذي اختتم مؤخرًا في الإسكندرية إلى تحقيق عدة أهداف رئيسية:
- التمكين الاقتصادي: تزويد السيدات المشاركات بمهارة يدوية قابلة للتسويق، مما يمكنهن من بدء مشروعاتهن الخاصة أو الانضمام لسوق العمل من خلال إنتاج قطع فنية وديكورية فريدة.
- تنمية المهارات: صقل المواهب الفنية لدى السيدات وتدريبهن على تقنيات الديكوباج الحديثة، بدءًا من الأساسيات وصولاً إلى المستويات المتقدمة، بما في ذلك اختيار الخامات والتصميم والتسويق للمنتجات النهائية.
- تعزيز الثقة بالنفس: مساعدة السيدات على اكتشاف قدراتهن الإبداعية وتعزيز ثقتهن بأنفسهن من خلال إتقان حرفة يدوية وإنتاج أعمال فنية ملموسة.
- المساهمة في التنمية المجتمعية: دعم جهود التنمية المحلية من خلال خلق فرص عمل صغيرة ومتوسطة، وتشجيع ثقافة الاعتماد على الذات بين أفراد المجتمع.
- الحفاظ على الفنون اليدوية: إحياء الفنون التقليدية واليدوية، مثل الديكوباج، وتطويرها لتناسب الأذواق المعاصرة والاحتياجات السوقية.
فن الديكوباج ودوره في التمكين
فن الديكوباج هو فن تزيين الأشياء عن طريق لصق قصاصات من الورق أو القماش على الأسطح المختلفة، مثل الخشب والزجاج والمعادن، ثم تغطيتها بطبقات من الورنيش لحمايتها وإعطائها مظهرًا مصقولًا يشبه الرسم. يتميز هذا الفن بكونه لا يتطلب أدوات باهظة الثمن أو مهارات رسم معقدة، مما يجعله متاحًا لعدد كبير من الراغبين في تعلمه. كما أن إمكانية تطبيقه على مجموعة واسعة من المنتجات – من الصناديق والمفروشات إلى الأطباق واللوحات – تمنحه مرونة كبيرة في الإنتاج والتسويق.
بالنسبة للسيدات، يمثل تعلم الديكوباج فرصة ذهبية لتحويل هواية إلى مصدر دخل. يمكن للمتدربات إنتاج هدايا فريدة، أو قطع ديكورية للمنازل، أو حتى تصميم منتجات مخصصة حسب طلب العملاء. وهذا لا يوفر لهن استقلالًا ماليًا فحسب، بل يساهم أيضًا في إثراء السوق المحلية بمنتجات يدوية ذات قيمة فنية وثقافية.
تفاصيل البرنامج التدريبي وآلية التنفيذ
استمر برنامج تدريب الديكوباج لعدة أسابيع، تم خلالها تقسيم المتدربات إلى مجموعات صغيرة لضمان أقصى استفادة من التدريب العملي. أشرف على التدريب مجموعة من المدربات المتخصصات ذوات الخبرة في فن الديكوباج، واللاتي قمن بتوجيه السيدات خطوة بخطوة في جميع مراحل العمل. شمل المنهج التدريبي:
- مقدمة عن تاريخ فن الديكوباج وأنواعه.
- التعرف على الأدوات والمواد الأساسية (أنواع الورق، الغراء، الفرش، الورنيش).
- تقنيات إعداد الأسطح المختلفة قبل اللصق.
- طرق قص ولصق القصاصات بدقة واحترافية.
- استخدام الألوان والظلال لإضافة عمق وجمالية للعمل.
- تطبيق طبقات الورنيش النهائية للحماية والإتقان.
- جلسات حول تسعير المنتجات والتسويق الفعال لها عبر المنصات المختلفة.
وقد أُقيمت الورش التدريبية في مراكز مجتمعية مجهزة خصيصًا لهذا الغرض في الإسكندرية، مع توفير جميع الخامات والأدوات اللازمة مجانًا للمشاركات، مما خفف عنهن أي أعباء مادية ومكنهن من التركيز بشكل كامل على التعلم والإبداع.
التأثير والآفاق المستقبلية
لا يقتصر تأثير هذا البرنامج التدريبي على تزويد 60 سيدة بمهارة جديدة فحسب، بل يمتد ليشمل أبعادًا اجتماعية واقتصادية أعمق. فتمكين هؤلاء السيدات يعني إعطاءهن القدرة على المساهمة بفاعلية في دخل أسرهن، مما يقلل من الأعباء الاقتصادية ويحسن من مستوى معيشتهن بشكل عام. كما أن اكتسابهن لهذه المهارة يعزز من دورهن كعضوات منتجات في المجتمع، ويزيد من شعورهن بالاستقلالية والتقدير الذاتي.
وفي ختام الفعاليات، أشاد المسؤولون عن مبادرة حياة كريمة بالالتزام والإبداع الذي أظهرته المتدربات، مؤكدين أن المبادرة لن تكتفي بتقديم التدريب، بل ستبحث عن سبل لدعم هؤلاء السيدات في تسويق منتجاتهن والتوسع في مشاريعهن الصغيرة. وقد يشمل ذلك تنظيم معارض محلية، أو ربطهن بمنصات التجارة الإلكترونية، أو تقديم المشورة والدعم الفني المستمر.
تجسد برامج مثل هذا التدريب على فن الديكوباج جوهر مبادرة حياة كريمة في سعيها نحو التنمية الشاملة والمستدامة. فمن خلال الاستثمار في رأس المال البشري، وبخاصة المرأة، تساهم المبادرة في بناء مجتمعات أكثر قوة ومرونة، قادرة على مواجهة التحديات وتحقيق الازدهار. ومن المتوقع أن تلهم قصص نجاح هؤلاء السيدات الكثيرات غيرهن للانضمام إلى برامج مماثلة، مما يعزز من الأثر الإيجابي للمبادرة على نطاق أوسع.
إن اختتام هذا البرنامج في الإسكندرية هو خطوة أخرى نحو تحقيق أهداف حياة كريمة الطموحة في بناء مستقبل أفضل للملايين من المصريين، عبر تزويدهم بالأدوات والفرص اللازمة ليعيشوا حياة كريمة بحق.





