مبعوث أمريكي يشارك في مفاوضات غزة.. والقاهرة تجدد تمسكها بخطة ترامب
أفادت مصادر دبلوماسية يوم الثلاثاء أن وفداً أمريكياً برئاسة المبعوث الخاص إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، من المقرر أن ينضم يوم الأربعاء إلى المباحثات الحاسمة الجارية في مصر بشأن الوضع في قطاع غزة. وتأتي هذه المشاركة الأمريكية المباشرة في وقت أكدت فيه القاهرة مجدداً على موقفها المبدئي من خطة السلام التي طرحتها الإدارة الأمريكية، والمعروفة إعلامياً بـ "خطة ترامب"، مما يضيف بعداً استراتيجياً للمفاوضات التي تهدف إلى تحقيق الاستقرار في القطاع.

تفاصيل المحادثات وأهدافها
تستضيف مدينة شرم الشيخ المصرية هذه الجولة من المباحثات التي تجمع مسؤولين من جهاز المخابرات العامة المصرية، الذي يقود عادةً ملف الوساطة، مع وفود تمثل الفصائل الفلسطينية. ويتركز جدول الأعمال بشكل أساسي على تثبيت التهدئة ومنع تجدد التصعيد العسكري، بالإضافة إلى مناقشة آليات تخفيف الحصار المفروض على غزة وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية ومواد إعادة الإعمار. وتهدف الجهود المصرية إلى التوصل لصيغة تفاهم طويلة الأمد تضمن هدوءاً مستداماً على الحدود.
ومع انضمام الوفد الأمريكي، يُتوقع أن تتوسع دائرة النقاش لتشمل الأبعاد السياسية الأوسع للأزمة. يُنظر إلى مشاركة ويتكون على أنها محاولة من واشنطن لضمان أن أي اتفاق يتم التوصل إليه في غزة يتماشى مع رؤيتها الشاملة للحل في المنطقة، وتجنب أي ترتيبات قد تقوض خطة السلام المقترحة من قبلها.
الدور الأمريكي وموقفه من الأزمة
تمثل مشاركة المبعوث الأمريكي تحولاً مهماً في الانخراط الدبلوماسي لواشنطن في ملف غزة، الذي كانت تتابعه غالباً عبر وسطاء إقليميين مثل مصر. يعكس هذا الحضور المباشر رغبة الإدارة الأمريكية في لعب دور محوري في تشكيل مستقبل القطاع وربطه بمسار الحل النهائي للصراع الفلسطيني الإسرائيلي. يُعتقد أن مهمة ويتكوف تتمثل في ممارسة النفوذ الأمريكي لدفع الأطراف نحو اتفاق يخدم المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة، وفي مقدمتها ضمان أمن إسرائيل ومنع تعاظم نفوذ القوى الإقليمية المنافسة.
موقف مصر الثابت من خطة السلام
على الرغم من الترحيب بالجهود الأمريكية، حرصت المصادر المصرية على توضيح أن تمسك القاهرة بـ "خطة ترامب" لا يعني الموافقة المطلقة على جميع بنودها، بل هو تمسك بضرورة وجود إطار للتفاوض تقوده الولايات المتحدة. وأكدت مصر مراراً على ثوابتها التي لا يمكن التنازل عنها، والتي تشكل أساس موقفها من أي مبادرة سلام مستقبلية. وتشمل هذه الثوابت:
- حل الدولتين: التأكيد على أن الحل العادل والشامل يجب أن يؤدي إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود عام 1967.
 - الحقوق الفلسطينية: ضرورة ضمان الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، بما في ذلك قضية اللاجئين، وفقاً لقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة.
 - رفض الإجراءات الأحادية: معارضة أي خطوات أحادية الجانب، مثل ضم الأراضي أو توسيع المستوطنات، والتي تعتبرها مصر تقويضاً لفرص السلام.
 
لذلك، فإن الدعم المصري للمسار الذي تقوده واشنطن مشروط بعدم المساس بهذه المبادئ الأساسية، حيث تسعى القاهرة لتحقيق توازن بين تشجيع الحوار الدبلوماسي والدفاع عن الحقوق الفلسطينية.
أهمية المباحثات في السياق الحالي
تكتسب هذه المحادثات أهمية قصوى نظراً للوضع الإنساني المتدهور في غزة والحاجة الملحة لتجنب جولة جديدة من العنف. كما أنها تمثل اختباراً حقيقياً لمدى جدية الأطراف المعنية في التوصل إلى حلول عملية ومستدامة. إن نجاح الوساطة المصرية، بدعم أمريكي، قد يفتح الباب أمام فترة من الهدوء تسمح بالبدء في مشاريع إعادة الإعمار وتحسين الظروف المعيشية لسكان القطاع. وفي المقابل، فإن أي فشل في تحقيق تقدم ملموس قد يعيد المنطقة إلى مربع التوتر والتصعيد، مما يزيد من تعقيد المشهد الإقليمي المضطرب بالفعل.





