محافظ القاهرة يحدد مهلة نهائية للجان حصر عقارات الإيجار القديم
في خطوة تهدف إلى تسريع وتيرة تطبيق التعديلات التشريعية المتعلقة بملف الإيجار القديم، وجه الدكتور إبراهيم صابر، محافظ القاهرة، تعليمات مشددة لرؤساء الأحياء بضرورة الانتهاء من أعمال لجان الحصر والتقييم للعقارات الخاضعة للقانون قبل تاريخ 4 نوفمبر القادم. تأتي هذه التوجيهات في إطار تنفيذ أحكام القانون رقم 164 لسنة 2025، والذي يمثل محاولة جديدة لمعالجة إحدى القضايا الاجتماعية والاقتصادية الشائكة في مصر.

خلفية عن أزمة الإيجار القديم
يعتبر قانون الإيجار القديم من أكثر القوانين إثارة للجدل في مصر، حيث يعود تاريخه إلى عقود مضت، وقد فرض علاقة إيجارية شبه دائمة بين المالك والمستأجر بقيمة إيجارية ثابتة ومنخفضة للغاية. ومع مرور الزمن والتغيرات الاقتصادية الهائلة، أصبحت هذه القيم الإيجارية لا تتناسب إطلاقًا مع القيمة الحقيقية للعقارات، مما أدى إلى نشوء أزمة عميقة متعددة الأبعاد. فقد تسبب القانون في تجميد جزء كبير من الثروة العقارية، وحرمان الملاك من استغلال ممتلكاتهم بشكل عادل، وفي الوقت نفسه خلق واقعًا يعتمد عليه ملايين المستأجرين الذين لا يستطيعون تحمل تكاليف الإيجارات الجديدة.
على مدار سنوات، فشلت محاولات عديدة لإيجاد حل متوازن يرضي جميع الأطراف، وظل الملف معلقًا بين اعتبارات العدالة الاجتماعية للمستأجرين وحقوق الملكية للملاك. وتمثل التعديلات الأخيرة خطوة حكومية جادة نحو تفكيك هذه الأزمة تدريجيًا، بدءًا من الوحدات ذات الطابع غير السكني وصولًا إلى الوحدات السكنية وفقًا لضوابط محددة.
مهام لجان الحصر والتقييم
بموجب التعديلات الجديدة، تم تشكيل لجان متخصصة في كل حي من أحياء القاهرة، تعمل تحت إشراف مباشر من نواب المحافظ. وتتركز مهمة هذه اللجان في إجراء مسح ميداني شامل لجميع الوحدات الخاضعة لأحكام القانون الجديد بهدف تقييمها وتصنيفها بشكل دقيق. ويعتمد هذا التصنيف على عدة معايير أساسية لضمان التقييم العادل، ومنها:
- الموقع الجغرافي: تقييم مستوى الحي والشارع الذي يقع فيه العقار.
- حالة العقار: فحص الحالة الإنشائية للمبنى وعمره الافتراضي ومستوى الصيانة.
- مستوى التشطيبات: تقييم جودة التشطيبات الداخلية للوحدة السكنية.
بناءً على هذه المعايير، سيتم تقسيم الوحدات إلى ثلاث فئات رئيسية هي: فئة مميزة، وفئة متوسطة، وفئة اقتصادية. هذا التصنيف هو حجر الزاوية في تحديد آلية التعامل مع كل وحدة، سواء فيما يتعلق بتحديد القيمة الإيجارية الجديدة أو بتحديد التعويضات المناسبة في حالات إخلاء الوحدات.
توجيهات المحافظ وأهمية المهلة الزمنية
شدد محافظ القاهرة، الدكتور إبراهيم صابر، خلال اجتماعه برؤساء الأحياء، على أن مهلة 4 نوفمبر هي موعد نهائي وغير قابل للتمديد لتقديم التقارير النهائية لعمل اللجان. وأوضح أن الالتزام بهذا الجدول الزمني ضروري للانتقال إلى المرحلة التالية من تطبيق القانون، والتي تشمل إعلان النتائج رسميًا والبدء في تنفيذ الإجراءات المترتبة عليها.
ويعكس هذا التوجيه رغبة السلطة التنفيذية في حسم هذا الملف وتجنب أي تأخير قد يعرقل مسار الإصلاح. كما يهدف إلى طمأنة كل من الملاك والمستأجرين بأن هناك خطوات عملية وجادة يتم اتخاذها على أرض الواقع، وأن الدولة ماضية في تنفيذ القانون الذي أقره البرلمان.
التأثيرات المتوقعة لهذه الخطوة
يُنظر إلى عملية الحصر والتقييم باعتبارها خطوة إجرائية حاسمة ستمهد الطريق لتغييرات جوهرية في سوق العقارات المصري. فمن المتوقع أن يؤدي الانتهاء من عمل هذه اللجان إلى وضع قاعدة بيانات دقيقة ومحدثة للعقارات الخاضعة للإيجار القديم، مما يسهل على صانعي القرار اتخاذ الإجراءات اللاحقة بناءً على معلومات واقعية. بالنسبة للملاك، تمثل هذه الخطوة بداية أمل في استعادة جزء من حقوقهم الاقتصادية، بينما تثير قلقًا لدى المستأجرين بشأن مستقبلهم السكني. ويبقى التحدي الأكبر أمام الحكومة هو تطبيق القانون بشكل يوازن بين حقوق الطرفين ويضمن استقرارًا اجتماعيًا.





