محمد عيسى: مصر مركز رئيسي للاستثمار في تكنولوجيا المعلومات
أكد محمد عيسى، رجل الأعمال والعضو المنتدب لشركة "أي دي إس إنترناشونال"، في تصريحات له مؤخراً، أن جمهورية مصر العربية قد رسخت مكانتها كوجهة استثمارية رئيسية ومحورية في قطاع تكنولوجيا المعلومات. وتأتي هذه الرؤية لتسلط الضوء على التحول النوعي الذي يشهده القطاع في مصر، والذي لم يعد يقتصر على كونه مجرد مركز لتقديم خدمات التعهيد (Outsourcing)، بل تطور ليصبح شريكاً استراتيجياً حقيقياً للمستثمرين والشركات الأجنبية الباحثة عن فرص نمو وتعاون طويل الأمد.

يعكس هذا التصريح تحولاً مهماً في مكانة مصر على خريطة الاستثمار العالمي في التكنولوجيا، حيث تشير التطورات الأخيرة إلى أن البيئة الاستثمارية في البلاد قد نضجت لتستقطب استثمارات ذات قيمة مضافة عالية، وتوفر فرصاً للشراكة في تطوير المنتجات والحلول التكنولوجية بدلاً من مجرد تنفيذ المهام الموكلة إليها. هذا التغيير يعزز من قدرة مصر على جذب رؤوس الأموال الأجنبية المباشرة وتوطين التكنولوجيا، بما يتماشى مع أهداف التنمية الاقتصادية الشاملة.
الخلفية والتطورات الحالية
شهد قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في مصر نمواً متسارعاً خلال السنوات الماضية، مدفوعاً باستراتيجية حكومية طموحة تهدف إلى بناء "مصر الرقمية". هذه الاستراتيجية لا تركز فقط على رقمنة الخدمات الحكومية، بل تمتد لتشمل دعم الابتكار وريادة الأعمال وتنمية الكفاءات الرقمية. وقد تضمنت المبادرات الحكومية برامج لتدريب الشباب على أحدث التكنولوجيات مثل الذكاء الاصطناعي وعلوم البيانات والأمن السيبراني، بهدف سد الفجوة بين مخرجات التعليم واحتياجات سوق العمل المتغيرة.
في هذا السياق، لم تعد الشركات الأجنبية تنظر إلى مصر كمصدر للعمالة الرخيصة فحسب، بل كمركز يضم مواهب قادرة على المساهمة في عمليات البحث والتطوير والابتكار. وقد تجلى ذلك في زيادة عدد الشركات العالمية التي أقامت مراكز تطوير إقليمية لها في مصر، أو دخلت في شراكات استراتيجية مع كيانات محلية لتوسيع نطاق أعمالها وخدماتها في المنطقة.
- دعم البنية التحتية: استثمرت الحكومة المصرية بشكل كبير في تطوير البنية التحتية الرقمية، بما في ذلك تحديث شبكات الإنترنت وتوسيع نطاق تغطية الألياف الضوئية، وإنشاء مراكز بيانات متقدمة تستطيع تلبية احتياجات النمو المتزايد للقطاع.
 - تطوير الكفاءات: مبادرات مثل "مستقبلنا رقمي" و"مصر تصنع الإلكترونيات" تهدف إلى تأهيل آلاف الشباب لسوق العمل الرقمي، مما يوفر قاعدة قوية من المبرمجين والمهندسين والخبراء التكنولوجيين.
 - بيئة ريادة الأعمال: شهدت مصر طفرة في قطاع الشركات الناشئة التكنولوجية، مع تزايد حجم الاستثمارات في هذا القطاع، وظهور حضانات ومسرعات أعمال تدعم الابتكار وتقديم حلول تكنولوجية مبتكرة للسوق المحلي والإقليمي.
 
العوامل الدافعة للنمو
هناك عدة عوامل رئيسية ساهمت في تعزيز مكانة مصر كمركز استثماري جذاب في تكنولوجيا المعلومات:
- الموقع الجغرافي الاستراتيجي: تقع مصر عند ملتقى ثلاث قارات، مما يجعلها بوابة للأسواق الأفريقية والشرق أوسطية والأوروبية، ويوفر ميزة تنافسية للشركات التي تسعى للتوسع إقليمياً.
 - التكلفة التنافسية: على الرغم من ارتفاع جودة الخدمات والكفاءات، لا تزال تكاليف التشغيل والعمالة في مصر تنافسية مقارنة بالعديد من الدول الأخرى.
 - الدعم الحكومي القوي: التزام الحكومة المصرية بتحويل البلاد إلى مركز رقمي إقليمي يتجلى في الحوافز التشجيعية، والإطار التنظيمي المواتي، والاستثمار في التعليم والتدريب التكنولوجي.
 - حجم السوق المحلي: مصر سوق كبير يبلغ عدد سكانه أكثر من 100 مليون نسمة، مما يوفر قاعدة ضخمة للمستخدمين وفرصاً لتجربة وتوسيع نطاق الحلول التكنولوجية.
 - العمالة الشابة والمتعلمة: تتمتع مصر بقوة عاملة شابة ومتعلمة، مع تزايد عدد الخريجين في مجالات الهندسة وتكنولوجيا المعلومات، مما يضمن توافر المواهب اللازمة للنمو المستمر.
 
الأهمية والتأثير الاقتصادي
إن تحول مصر إلى وجهة استثمارية رئيسية في قطاع تكنولوجيا المعلومات له آثار اقتصادية واجتماعية عميقة. فبالإضافة إلى جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، يساهم هذا التحول في خلق فرص عمل جديدة ومجزية للشباب المصري، لا سيما في مجالات المستقبل التي تتطلب مهارات رقمية متقدمة. كما أنه يعزز من مكانة مصر كمركز للابتكار والبحث والتطوير، مما يدفع عجلة التنمية الاقتصادية المستدامة.
يعد هذا التطور مؤشراً قوياً على قدرة مصر على التكيف مع متطلبات الاقتصاد الرقمي العالمي والاستفادة من نقاط قوتها لتحقيق النمو. ومع استمرار الجهود المبذولة لتحسين البيئة الاستثمارية وتنمية المهارات الرقمية، من المتوقع أن تواصل مصر ترسيخ مكانتها كمركز إقليمي ودولي رائد في قطاع تكنولوجيا المعلومات، مما يفتح آفاقاً جديدة للتعاون والشراكة الدولية ويعزز من مساهمة هذا القطاع في الناتج المحلي الإجمالي.





