محمود الخطيب يفصح عن سبب تراجعه عن قراره بشأن انتخابات الأهلي، مستشهداً بمسيرة صالح سليم
في تصريحات صدرت مؤخراً، كشف محمود الخطيب، رئيس مجلس إدارة النادي الأهلي المصري الحالي، عن الدوافع الحقيقية وراء تراجعه عن قرار مهم يتعلق بمساره ومستقبله في انتخابات النادي. هذا التراجع، الذي أثار اهتمام الشارع الرياضي المصري، جاء بناءً على استشهاد الخطيب بمسيرة وقيم الأسطورة الراحل صالح سليم، المعروف بـ "المايسترو" والرئيس التاريخي للأهلي.

يُعد هذا الكشف ذا أهمية بالغة في سياق المشهد الرياضي المصري، لا سيما داخل قلعة النادي الأهلي، الذي يتمتع بقاعدة جماهيرية عريضة وتاريخ حافل بالإنجازات. فقرارات قيادات النادي، خاصة الرئيس، تكون محط أنظار الملايين من مشجعي الكرة المصرية والعربية.
الخلفية: مكانة الخطيب وصالح سليم
يعتبر محمود الخطيب، الشهير بـ "بيبو"، أحد أبرز أيقونات النادي الأهلي عبر تاريخه. فقد لمع نجمه كلاعب كرة قدم استثنائي، وحصد العديد من الألقاب والإنجازات الفردية والجماعية، قبل أن ينتقل إلى العمل الإداري. يشغل الخطيب حالياً منصب رئيس النادي الأهلي، وقد خاض عدة معارك انتخابية ليحتفظ بهذا المنصب، الذي يُعد واحداً من أكثر المناصب الإدارية حساسية وتنافسية في مصر.
أما صالح سليم، فهو شخصية لا تقل أهمية وتأثيراً. يُعرف سليم بـ "المايسترو" لكونه قائداً فذاً داخل الملعب وخارجه. تولى رئاسة النادي الأهلي لفترات طويلة، ووضع أسساً وقيم راسخة للمؤسسة، أهمها مبادئ الأهلي التي تركز على التفاني والانتماء والعمل المؤسسي فوق المصالح الشخصية. يُنظر إلى صالح سليم كنموذج للقيادة الرياضية الحكيمة، وتُستشهد أقواله وأفعاله بشكل دائم عند الحديث عن قيم النادي وتاريخه.
العلاقة بين الخطيب وسليم تتجاوز مجرد الإعجاب؛ فالخطيب نفسه يعتبر سليم مثله الأعلى ومرشده الروحي في العمل الإداري، وقد عمل تحت قيادته في بداية مسيرته الإدارية.
القرار الأولي والتراجع عنه
لم تحدد التصريحات تفاصيل "القرار" الذي تراجع عنه الخطيب بشكل كامل، لكن السياق يشير إلى أنه كان قراراً شخصياً حاسماً يتعلق بمسيرته في النادي أو ترشحه المستقبلي في الانتخابات. قد يكون هذا القرار قد تضمن التفكير في عدم خوض غمار الانتخابات المقبلة لرئاسة النادي، أو اتخاذ موقف معين تجاه قضايا إدارية حساسة داخل الكيان الأحمر. عادة ما تكون مثل هذه القرارات نابعة من ضغوطات شخصية أو اعتبارات تتعلق بالصحة أو الرغبة في التفرغ.
المفاجأة كانت في الإعلان عن التراجع عن هذا القرار. ووفقاً لتصريحاته، فإن هذا التراجع لم يكن عشوائياً بل جاء نتيجة عملية تفكير عميقة واستلهام من تجربة صالح سليم. فقد ذكر الخطيب أن سؤالاً طرح عليه مفاده: "أعطوني مثالاً بصالح سليم"، وكأن المتحدثين معه كانوا يحثونه على الاقتداء بـ "المايسترو" في مواجهة التحديات وتحمل المسؤولية.
كيف ألهم صالح سليم الخطيب؟
أوضح الخطيب أن استحضار سيرة صالح سليم دفعه لإعادة التفكير. فالمايسترو، بحسب الخطيب، كان يرى أن مصلحة النادي فوق أي اعتبار شخصي. فكان صالح سليم معروفاً بالتفاني المطلق للنادي، وكثيراً ما وضع صحته وراحته جانباً من أجل خدمة الأهلي. وقد تشمل الأمثلة التي استلهم منها الخطيب، مواقف سليم التي أظهر فيها قوة إرادة غير مسبوقة، وإصراره على مواجهة التحديات الصعبة، وإيمانه بأن القيادة هي مسؤولية تجاه جماهير النادي وتاريخه، وليست مجرد منصب.
تجسد هذه الرؤية في مقولة شهيرة لسليم مفادها أن الأهلي "فوق الجميع"، وهو مبدأ يتبناه الخطيب بشدة. وبناءً على هذا الاستلهام، شعر محمود الخطيب بأن واجبه تجاه النادي وجماهيره يحتم عليه التغلب على أي اعتبارات شخصية أو ضغوطات، والاستمرار في خدمة الكيان الذي أفنى حياته لأجله. هذا الشعور بالواجب والإيثار هو جوهر ما تعلمه الخطيب من قدوته صالح سليم.
الدلالات والتأثير المحتمل
يحمل تراجع الخطيب عن قراره دلالات عديدة على مستقبل النادي الأهلي. أولاً، يشير إلى استمرارية القيادة الحالية، مما قد يضفي نوعاً من الاستقرار على المشهد الإداري، خاصة في ظل الاستحقاقات الرياضية والإدارية الكبيرة التي تنتظر النادي.
ثانياً، يعزز هذا الموقف من صورة محمود الخطيب كقائد يضع مصلحة النادي فوق كل اعتبار، ويعمق ارتباطه بقيم ومبادئ النادي التي أرساها صالح سليم. هذا يمكن أن يعزز ثقة الجماهير وأعضاء الجمعية العمومية في قيادته.
ثالثاً، يعيد هذا الاستشهاد بـ صالح سليم تسليط الضوء على الإرث العظيم الذي تركه المايسترو، ويؤكد أن مبادئه لا تزال حية ومؤثرة في صلب العمل الإداري بالنادي الأهلي حتى بعد سنوات طويلة من رحيله. إنه تأكيد على أن القيم المؤسسية هي الموجه الرئيسي للقرارات الهامة.
ردود الفعل
جاءت ردود الفعل على تصريحات محمود الخطيب متباينة، لكن معظمها اتسم بالترحيب والدعم من قبل جماهير النادي الأهلي ومحبيه. فقد رأى الكثيرون في هذا التراجع دليلاً على إخلاص الخطيب وتفانيه، وأنه استجاب لنداء الواجب للحفاظ على استقرار النادي وقيادته. كما أشاد البعض باستحضاره لروح صالح سليم، مؤكدين على أن هذا هو النهج الصحيح الذي يجب أن يسير عليه قادة النادي. بينما قد يرى البعض الآخر أن الاعتبارات الشخصية يجب أن تكون حاضرة أيضاً، فإن الغالبية أجمعت على أهمية القرار لمستقبل النادي.
بشكل عام، تعكس تصريحات محمود الخطيب واستشهاده بـ صالح سليم مدى عمق الارتباط بين الجيل الحالي والماضي الذهبي للنادي الأهلي، وتؤكد على أن المبادئ الراسخة هي البوصلة التي توجه قادة الكيان في أصعب القرارات وأكثرها حساسية.





