مديرية الشباب والرياضة بالإسكندرية تُفعّل 'نادي الوقاية' لمكافحة وعلاج الإدمان
أطلقت مديرية الشباب والرياضة بمحافظة الإسكندرية، بالتعاون مع الإدارة المركزية لمراكز الشباب، فعاليات مكثفة لـنادي الوقاية لمكافحة وعلاج الإدمان. جرت هذه المبادرة، التي تشرف عليها الدكتورة صفاء الشريف، وكيل وزارة الشباب والرياضة بالإسكندرية، يوم السبت الماضي، كجزء من جهود أوسع تستهدف بناء جيل واعٍ ومدرك لمخاطر الإدمان، وقادر على مواجهة التحديات المجتمعية والصحية المرتبطة بها.

تأتي هذه الفعاليات ضمن إطار الاستراتيجية الوطنية الشاملة لمكافحة ظاهرة الإدمان في مصر، والتي تولي اهتماماً خاصاً بالشباب كشريحة حيوية تحتاج إلى الدعم والتوعية المستمرة. وتؤكد مديرية الشباب والرياضة على دورها المحوري في استخدام المنشآت الشبابية والرياضية كمنصات للتثقيف والتوعية، فضلاً عن توفير بيئة صحية وآمنة للشباب.
مقدمة حول مبادرة "نادي الوقاية" وأهميتها
يمثل نادي الوقاية مبادرة مبتكرة تهدف إلى تعزيز الوعي بمخاطر تعاطي المخدرات وتوفير آليات للوقاية والعلاج. ترتكز هذه الأندية على تنفيذ برامج توعوية وتثقيفية متنوعة تستهدف الفئات العمرية المختلفة، مع التركيز بشكل خاص على المراهقين والشباب، كونهم الأكثر عرضة للتأثر بآفة الإدمان. تبرز أهمية هذه الأندية في تبني نهج وقائي استباقي، بدلاً من الاقتصار على التدخل العلاجي بعد وقوع المشكلة، مما يسهم في بناء حصانة مجتمعية ضد الإدمان.
لا تقتصر أهداف النادي على التوعية النظرية فحسب، بل تمتد لتشمل تنمية المهارات الحياتية للشباب، مثل مهارات اتخاذ القرار، ورفض الضغوط السلبية، والتفكير النقدي. كما تسعى إلى تشجيع المشاركة المجتمعية للشباب في قضاياهم، وتحفيزهم ليكونوا عناصر فاعلة في مجتمعاتهم المحلية، وذلك بالاستفادة من طاقاتهم الكامنة في مجالات إيجابية كالحركة والرياضة والثقافة.
خلفية وتحديات الإدمان في المجتمع المصري
تُعد ظاهرة الإدمان من التحديات الصحية والاجتماعية الكبرى التي تواجه المجتمع المصري، حيث تؤثر سلباً على الأفراد والأسر والمجتمع ككل. تزيد هذه الظاهرة من أعباء الرعاية الصحية، وتقلل من الإنتاجية، وتعيق التنمية الشاملة. وتشير الإحصائيات والدراسات المتخصصة إلى أن فئة الشباب هي الأكثر تضرراً من هذه الآفة، نظراً للضغوط النفسية والاجتماعية والاقتصادية التي قد يتعرضون لها، إضافة إلى سهولة الوصول إلى بعض المواد المخدرة في بيئات معينة.
تتبنى الدولة المصرية، ممثلة في عدة وزارات وهيئات، استراتيجية وطنية شاملة لمكافحة الإدمان، تتضمن محاور متعددة تشمل الوقاية، والعلاج، وإعادة التأهيل، والحد من العرض (المكافحة الأمنية). وتلعب وزارة الشباب والرياضة دوراً حيوياً في محور الوقاية، من خلال برامجها وأنشطتها التي تستهدف شغل أوقات فراغ الشباب بما هو مفيد، وتنمية قدراتهم، وتعزيز قيم الانتماء والمسؤولية لديهم، ودمجهم في أنشطة مجتمعية بناءة بعيداً عن أي عوامل خطر قد تدفعهم نحو التعاطي.
تفاصيل الفعاليات والبرامج التوعوية المنفذة
شملت فعاليات نادي الوقاية التي تم تنفيذها مؤخراً في الإسكندرية مجموعة متنوعة من الأنشطة والبرامج المصممة خصيصاً لمكافحة وعلاج الإدمان. وقد تضمنت هذه البرامج ما يلي:
- ندوات ومحاضرات توعوية: استضافت المديرية متخصصين وأطباء نفسيين وإخصائيين في مجال الإدمان لتقديم معلومات علمية دقيقة حول أنواع المخدرات وآثارها الضارة على الصحة الجسدية والنفسية، وكذلك على الجوانب الاجتماعية والاقتصادية لحياة الفرد والمجتمع.
- ورش عمل تفاعلية: ركزت على تطوير مهارات الشباب في اتخاذ القرارات السليمة، وكيفية التعامل مع ضغوط الأقران، وتعزيز الثقة بالنفس، وإدارة الغضب والتوتر بطرق صحية. كما تناولت الورش أهمية الرياضة والأنشطة الإيجابية كبديل فعال لتعاطي المخدرات.
- عروض تثقيفية وفنية: تضمنت عروضاً مسرحية قصيرة، وفقرات فنية ورسومات معبرة تهدف إلى إيصال رسائل التوعية بطرق إبداعية وجذابة تتناسب مع طبيعة الشباب وتثير اهتمامهم.
- جلسات حوار مفتوح: أتاحت هذه الجلسات الفرصة للشباب للتعبير عن مخاوفهم وأسئلتهم المتعلقة بالإدمان في بيئة آمنة ومفتوحة، وتلقي الإجابات والتوجيهات من الخبراء مباشرة.
- أنشطة رياضية وترفيهية: تم دمج الأنشطة البدنية والرياضية في البرنامج، لتسليط الضوء على أهميتها في الحفاظ على صحة الجسم والعقل، وتفريغ الطاقة السلبية بطرق بناءة.
وقد حرصت الفعاليات على استخدام لغة بسيطة ومحتوى مرئي جذاب لضمان وصول الرسالة التوعوية إلى أكبر شريحة ممكنة من الشباب والمراهقين، مع التركيز على الأمثلة الواقعية والقصص الملهمة.
دور مديرية الشباب والرياضة والشراكات الاستراتيجية
تؤكد الدكتورة صفاء الشريف على التزام مديرية الشباب والرياضة بالإسكندرية بدورها المجتمعي الفاعل في حماية الشباب من آفة الإدمان. فالمراكز الشبابية والرياضية المنتشرة في أنحاء المحافظة تُعد بمثابة حاضنات طبيعية للشباب، حيث توفر لهم مساحات آمنة لممارسة الأنشطة المتنوعة، وتنمية مواهبهم، وتلقي الدعم والتوجيه اللازم. وتُسهم هذه المبادرات في إبعاد الشباب عن أي طرق قد تقودهم إلى سلوكيات سلبية.
ولتحقيق أقصى درجات النجاح، اعتمدت المديرية على الشراكة الفاعلة مع الإدارة المركزية لمراكز الشباب، التي تملك خبرة واسعة في التعامل مع هذه الشريحة وتوفير البيئة المناسبة للأنشطة الشبابية. كما تستفيد المديرية من التعاون مع الجهات الحكومية الأخرى المعنية، مثل صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي، ومؤسسات المجتمع المدني، والجامعات، لتبادل الخبرات وتنسيق الجهود بما يعزز من فاعلية البرامج المقدمة.
الأهداف المرجوة والتأثير المتوقع
تسعى مديرية الشباب والرياضة بالإسكندرية من خلال هذه المبادرة إلى تحقيق عدة أهداف استراتيجية، منها:
- زيادة الوعي: رفع مستوى الوعي لدى الشباب والأسر بمخاطر الإدمان، وكيفية الوقاية منه، وأهمية طلب المساعدة في المراحل المبكرة.
- بناء القدرات: تزويد الشباب بالمعلومات والمهارات اللازمة لرفض المواد المخدرة، واتخاذ خيارات صحية، وتطوير آليات التكيف الإيجابي مع تحديات الحياة.
- تغيير السلوك: التأثير على الاتجاهات والسلوكيات السلبية المرتبطة بالإدمان، وتشجيع تبني أنماط حياة صحية ونشطة.
- توفير الدعم: إتاحة قنوات آمنة وسرية لتقديم المشورة والدعم النفسي لمن يعانون من مشكلات تتعلق بالإدمان، أو من هم عرضة لذلك.
- المساهمة في التنمية: دعم بناء جيل سليم بدنياً ونفسياً، قادر على المساهمة بفاعلية في بناء مجتمعه وتحقيق التنمية المستدامة.
يُتوقع أن يكون لهذه الفعاليات تأثير إيجابي كبير على المجتمع السكندري، من خلال الحد من انتشار ظاهرة الإدمان بين الشباب، وتعزيز صحتهم النفسية والجسدية، وتوجيه طاقاتهم نحو مسارات إيجابية. كما ستساهم في خلق بيئة داعمة للتعافي والاندماج الاجتماعي للمتعافين.
التطلعات المستقبلية
تؤكد مديرية الشباب والرياضة بالإسكندرية أن هذه الفعاليات ليست مجرد مبادرات عابرة، بل هي جزء من استراتيجية طويلة الأمد تستهدف تعزيز الحصانة المجتمعية ضد الإدمان. وتطمح المديرية إلى توسيع نطاق نادي الوقاية ليشمل المزيد من مراكز الشباب والأندية الرياضية في جميع أنحاء المحافظة، لضمان وصول هذه البرامج التوعوية والتثقيفية إلى أكبر عدد ممكن من الشباب. كما تخطط لاستحداث برامج متابعة وتقييم مستمرة لقياس الأثر الفعلي لهذه المبادرات وتطويرها بما يتناسب مع الاحتياجات المتغيرة للمجتمع والشباب.





