مصر تعرض تقديم دعم لوجستي لتحديد أماكن رفات المحتجزين الإسرائيليين في غزة
في خطوة تعكس دورها المحوري في الوساطة المتعلقة بالصراع في قطاع غزة، قدمت مصر عرضاً لتقديم مساعدات لوجستية ومعدات متخصصة للمساعدة في تحديد مواقع رفات المحتجزين الإسرائيليين الذين يُعتقد أنهم لقوا حتفهم في القطاع. ويأتي هذا العرض، الذي نُقل عن مصادر مصرية رفيعة المستوى في أواخر مايو 2024، في ظل التحديات الهائلة التي تواجه عمليات البحث والانتشال بسبب حجم الدمار الواسع الذي لحق بالبنية التحتية والمناطق السكنية في غزة جراء العمليات العسكرية الإسرائيلية المستمرة.

خلفية العرض المصري
تلعب مصر، إلى جانب قطر والولايات المتحدة، دوراً رئيسياً في جهود الوساطة بين إسرائيل وحركة حماس بهدف التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى والمحتجزين. وتستند المبادرة المصرية على فهم عميق للصعوبات الميدانية في غزة، حيث أدت أشهر من القصف المكثف إلى تحويل مناطق بأكملها إلى ركام، مما يجعل عمليات تحديد أماكن الجثث والوصول إليها مهمة معقدة للغاية وتتطلب تقنيات ومعدات خاصة.
المعلومات حول العرض تم تداولها لأول مرة عبر قناة "القاهرة الإخبارية"، وهي وسيلة إعلامية مقربة من الدولة المصرية، مما يمنح العرض طابعاً رسمياً غير مباشر. ويُنظر إلى هذه الخطوة على أنها جزء من استراتيجية مصرية أوسع للحفاظ على قنوات الاتصال مفتوحة مع جميع الأطراف، وتأكيداً على دورها كعامل استقرار إقليمي قادر على تقديم حلول عملية للقضايا الإنسانية المعقدة الناجمة عن الصراع.
طبيعة المساعدة المقترحة وأهميتها
لم يتم الكشف عن تفاصيل دقيقة حول نوع المعدات اللوجستية التي عرضتها مصر، ولكن من المرجح أن تشمل تقنيات متطورة تستخدم في مثل هذه الظروف، مثل:
- معدات المسح الجيوفيزيائي والرادارات المخترقة للأرض (GPR) لتحديد أماكن الأجسام المدفونة تحت الأنقاض.
- فرق متخصصة في البحث والإنقاذ لديها خبرة في التعامل مع المباني المنهارة.
- دعم لوجستي لتسهيل حركة الفرق والمعدات في بيئة عملياتية صعبة.
- مختبرات متنقلة للمساعدة في التعرف على الرفات من خلال الحمض النووي.
تكمن أهمية هذا العرض في كونه يلامس إحدى أكثر القضايا حساسية بالنسبة للمجتمع الإسرائيلي، حيث يشكل استعادة المحتجزين، سواء كانوا أحياءً أو أمواتاً، ضغطاً سياسياً واجتماعياً هائلاً على الحكومة الإسرائيلية. إن صعوبة استعادة الجثامين لا تزيد من معاناة عائلاتهم فحسب، بل تمثل أيضاً تحدياً عملياتياً للجيش الإسرائيلي.
السياق الأوسع للمفاوضات وقضية المحتجزين
يعد ملف المحتجزين حجر الزاوية في أي مفاوضات محتملة للتوصل إلى هدنة طويلة الأمد. وتفيد التقديرات الإسرائيلية بأن عشرات المحتجزين الذين تم أسرهم في 7 أكتوبر 2023 قد لقوا حتفهم، لكن جثامينهم لا تزال محتجزة في غزة. وتعتبر حماس هذه الجثامين ورقة تفاوضية مهمة ضمن أي صفقة شاملة قد تتضمن إطلاق سراح أعداد كبيرة من الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية.
يأتي العرض المصري في وقت وصلت فيه المفاوضات غير المباشرة إلى طريق مسدود مراراً. ومن خلال تقديم المساعدة في جانب إنساني بحت، قد تأمل القاهرة في بناء قدر من الثقة وتسهيل التوصل إلى تفاهمات يمكن أن تمهد الطريق لاستئناف المحادثات الجدية. كما يسلط العرض الضوء على البعد الإنساني الكارثي للصراع، والذي لا يقتصر على الضحايا من الجانب الفلسطيني، بل يمتد ليشمل مصير المحتجزين الإسرائيليين وعائلاتهم.
التداعيات المحتملة
حتى الآن، لم يصدر رد فعل رسمي ومعلن من الحكومة الإسرائيلية على العرض المصري. غالباً ما يتم التعامل مع مثل هذه المبادرات الحساسة عبر القنوات الدبلوماسية والأمنية بعيداً عن الإعلام. ومع ذلك، فإن هذه الخطوة قد تساهم في تخفيف حدة التوتر في العلاقات المصرية الإسرائيلية، التي شهدت فتوراً ملحوظاً خاصة بعد سيطرة الجيش الإسرائيلي على الجانب الفلسطيني من معبر رفح الحدودي. إن تقديم مصر للمساعدة في قضية ذات أولوية قصوى لإسرائيل يمكن أن يُنظر إليه كبادرة حسن نية تهدف إلى إعادة ضبط العلاقات وتأكيد المصالح المشتركة في تحقيق الاستقرار على المدى الطويل.





