مصر على أعتاب تشغيل المونوريل بسعة استيعابية تصل إلى نصف مليون راكب يوميًا
تستعد وزارة النقل المصرية لوضع اللمسات النهائية على أحد أضخم مشاريع البنية التحتية في تاريخها الحديث، حيث تقترب من التشغيل الفعلي لمشروع المونوريل الذي يهدف إلى إحداث نقلة نوعية في منظومة النقل الجماعي بالعاصمة. ومع اكتمال مراحل متقدمة من التشغيل التجريبي، بات المشروع الذي سيربط القاهرة الكبرى بالمجتمعات العمرانية الجديدة جاهزًا لخدمة مئات الآلاف من الركاب يوميًا، مما يمثل خطوة حاسمة نحو تخفيف الازدحام المروري وتحقيق التنمية المستدامة.

خلفية وأهداف المشروع
يعد المونوريل قطارًا كهربائيًا يعمل على مسار علوي واحد، ويتميز بسرعته العالية وأمانه وكونه وسيلة نقل صديقة للبيئة. ويندرج المشروع ضمن خطة الدولة المصرية الشاملة لتطوير شبكات النقل وربط العاصمة بالمناطق الحيوية الجديدة، وعلى رأسها العاصمة الإدارية الجديدة ومدينة السادس من أكتوبر. يتكون المشروع من خطين رئيسيين:
- مونوريل شرق النيل (العاصمة الإدارية): يمتد هذا الخط بطول 56.5 كيلومترًا ويشمل 22 محطة. يبدأ مساره من محطة الاستاد بمدينة نصر، مرورًا بمحاور رئيسية في القاهرة الجديدة، وصولًا إلى قلب العاصمة الإدارية الجديدة. تم تصميم هذا الخط لخدمة الموظفين المنتقلين إلى العاصمة الجديدة وسكان التجمعات العمرانية في شرق القاهرة.
- مونوريل غرب النيل (6 أكتوبر): يبلغ طول هذا الخط حوالي 42 كيلومترًا ويضم 13 محطة، ويربط بين محافظة الجيزة ومدينة السادس من أكتوبر والشيخ زايد. يهدف هذا الخط إلى تسهيل حركة المواطنين في غرب القاهرة وتوفير وسيلة نقل حضارية وسريعة.
يقوم على تنفيذ هذا المشروع الضخم تحالف من كبرى الشركات العالمية والمحلية، بقيادة شركة ألستوم الفرنسية، وبمشاركة شركتي أوراسكوم للإنشاءات والمقاولون العرب المصريتين، مما يضمن تنفيذ المشروع وفقًا لأعلى المعايير الدولية.
التطورات الأخيرة ومراحل التشغيل
شهدت الأشهر الأخيرة من عام 2023 وبدايات عام 2024 تكثيفًا لعمليات التشغيل التجريبي لخط مونوريل شرق النيل. وقد أعلنت وزارة النقل عن استمرار الاختبارات بدون ركاب على كامل مسار الخط، بهدف التأكد من كفاءة وسلامة جميع مكونات المنظومة، بما في ذلك القطارات وأنظمة الإشارات والتحكم والاتصالات والمحطات. وأكدت مصادر رسمية أن هذه المرحلة التجريبية قطعت شوطًا كبيرًا وأن المشروع أصبح قريبًا جدًا من بدء الخدمة الفعلية للجمهور.
وفقًا للتصريحات الأخيرة الصادرة عن المسؤولين، من المتوقع أن يتم افتتاح خط العاصمة الإدارية الجديدة للركاب في المستقبل القريب، بعد الانتهاء من كافة اختبارات الأمان والتأكد من جاهزية النظام بالكامل. وفيما يتعلق بخط غرب النيل، فإن الأعمال الإنشائية والتنفيذية تسير بمعدلات متقدمة، ومن المخطط أن تبدأ مرحلة التشغيل التجريبي له بعد فترة من تشغيل الخط الأول.
الأهمية الاستراتيجية والأثر المتوقع
يمثل مشروع المونوريل أهمية استراتيجية كبرى لمصر، حيث من المتوقع أن يُحدث تأثيرًا إيجابيًا على عدة مستويات. تصل القدرة الاستيعابية لخط شرق النيل وحده إلى حوالي 45 ألف راكب في الساعة في كل اتجاه، بإجمالي يتجاوز نصف مليون راكب يوميًا، وهو ما سيسهم بشكل مباشر في تخفيف الضغط على شبكة الطرق وتقليل الاختناقات المرورية.
وتتلخص أبرز فوائد المشروع في النقاط التالية:
- ربط المدن الجديدة: يوفر المونوريل وسيلة نقل جماعي سريعة وآمنة تربط القاهرة الكبرى بالعاصمة الإدارية ومدينة 6 أكتوبر، مما يشجع على الانتقال إلى هذه المدن وتنميتها.
- توفير الوقت والجهد: من المتوقع أن يختصر المونوريل زمن الرحلة إلى العاصمة الإدارية إلى حوالي 60 دقيقة فقط، وهو ما يوفر وقتًا كبيرًا على الركاب.
- دعم التحول إلى النقل الأخضر: كونه يعمل بالكهرباء، يساهم المشروع في تقليل الانبعاثات الكربونية والحد من التلوث، تماشيًا مع أهداف التنمية المستدامة ورؤية مصر 2030.
- تطوير المنظومة الاقتصادية: يعمل المشروع على تعزيز قيمة المناطق التي يمر بها، كما يعد جزءًا من بنية تحتية حديثة تجذب الاستثمارات وتدعم النمو الاقتصادي للبلاد.





