مصرع ثلاثة بالبحيرة جراء صاعقة برق وتشييع مهيب لجثامينهم
شهدت محافظة البحيرة، وتحديداً في قرية البتانون بمركز شبراخيت، يوم الثلاثاء الموافق 14 مايو 2024، فاجعة كبرى تمثلت في وفاة ثلاثة أشخاص إثر تعرضهم لصاعقة برق قوية ومباشرة. وقد تحولت القرية إلى مأتم كبير مع تشييع جثامين الضحايا في مشهد مهيب عكس حجم الصدمة والحزن الذي خيم على الأهالي. تسببت الصاعقة في إنهاء حياة ثلاثة من أبناء القرية بينما كانوا يؤدون أعمالهم الزراعية اليومية في أراضيهم، مما يسلط الضوء على المخاطر التي قد تواجهها الفئات العاملة في القطاع الزراعي خلال التقلبات الجوية العنيفة.

تفاصيل الحادث الأليم
وقع الحادث قرابة الساعة الرابعة عصرًا، حيث كانت المنطقة تشهد تقلبات جوية حادة شملت هطول أمطار غزيرة وعواصف رعدية عنيفة. الضحايا، وهم كل من سيد أحمد علي (55 عامًا)، وأحمد محمود حسنين (40 عامًا)، ومحمود السيد إبراهيم (32 عامًا)، كانوا متواجدين في إحدى الأراضي الزراعية الواقعة على أطراف القرية. تشير التحقيقات الأولية وشهادات الأهالي إلى أن الصاعقة ضربت المنطقة بشكل مفاجئ ومباشر، دون أن تتاح للضحايا فرصة للاحتماء أو الفرار، مما أدى إلى وفاتهم على الفور في موقع الحادث.
هرعت قوات الشرطة وسيارات الإسعاف إلى مكان الواقعة فور تلقي البلاغات، وتم نقل الجثامين إلى مشرحة المستشفى المركزي. وقد باشرت النيابة العامة تحقيقاتها لمعرفة كافة ملابسات الحادث والتأكد من عدم وجود أي شبهة جنائية، حيث أكدت المعاينة الأولية أن الوفاة ناتجة عن الإصابة المباشرة بالبرق وما يتبعه من صدمة كهربائية وتوقف في الوظائف الحيوية للجسم.
مراسم التشييع وأجواء الحزن
تحولت قرية البتانون إلى سرادق عزاء مفتوح، حيث توافد الآلاف من أهالي القرية والقرى المجاورة للمشاركة في مراسم تشييع جثامين الضحايا الثلاثة. خرجت الجنازات من مسجد القرية الكبير بعد صلاة العشاء، في موكب مهيب سار لمسافة طويلة حتى المقابر. ارتسمت علامات الصدمة والألم على وجوه المشيعين، حيث تعالت صرخات النساء ودموع الرجال، في تعبير صادق عن مدى الحزن الذي خيم على الجميع لفقدان ثلاثة من أبناء القرية المعروفين بحسن سيرتهم وعملهم الدؤوب.
أكد العديد من أهالي القرية أن الضحايا كانوا من أرباب الأسر ويعولون أعدادًا كبيرة من الأبناء، مما يزيد من وطأة الكارثة على عائلاتهم. وقد عبر شيوخ القرية وعمدتها عن خالص تعازيهم لأسر الضحايا، داعين لهم بالصبر والسلوان، ومؤكدين على تكاتف الجميع لدعم الأسر المنكوبة في محنتها.
سياق الظاهرة وتكرارها
تعد حوادث الصواعق البرقية ظاهرة طبيعية، ولكنها نادرة الحدوث بهذه الشدة والنتائج المأساوية في المناطق المأهولة بالسكان أو الأراضي الزراعية المفتوحة. تشير التقارير الجوية إلى أن محافظة البحيرة تشهد بين الحين والآخر تقلبات جوية عنيفة، خاصة خلال فصول الربيع والخريف، التي تتميز بتشكل السحب الرعدية الممطرة. وعلى الرغم من الجهود المبذولة للتوعية بمخاطر الطقس السيء، إلا أن سرعة وشدة الصواعق قد لا تترك مجالًا للاستجابة السريعة.
غالباً ما يكون العاملون في الحقول والأماكن المفتوحة الأكثر عرضة لخطر الصواعق، نظراً لعدم وجود مأوى آمن أو عوازل طبيعية. وتذكر الإحصائيات العالمية أن الصواعق تودي بحياة الآلاف سنوياً حول العالم، وتصيب أعداداً أكبر بإصابات خطيرة ومستديمة. وفي مصر، تتكرر هذه الحوادث في بعض المحافظات، خاصة الصعيد والدلتا، مما يستدعي زيادة الوعي بإجراءات السلامة الواجب اتباعها عند حدوث عواصف رعدية، ومنها:
- البحث عن مأوى آمن ومحكم الإغلاق فور ملاحظة علامات العاصفة الرعدية.
- تجنب التواجد في الأماكن المفتوحة أو تحت الأشجار العالية التي قد تجذب البرق.
- الابتعاد عن الأجسام المعدنية أو الموصلة للكهرباء.
- عدم استخدام الهواتف المحمولة أو الأجهزة الكهربائية في الأماكن المكشوفة أثناء العاصفة.
تداعيات الحادث ودعوات للمساعدة
خلّف هذا الحادث الأليم صدمة عميقة في نفوس أهالي البحيرة بشكل عام وقرية البتانون بشكل خاص. ومع فقدان ثلاثة معيلين لأسرهم، برزت دعوات عاجلة لتقديم الدعم المادي والمعنوي لعائلات الضحايا. وقد ناشدت بعض الجهات الخيرية والجمعيات الأهلية المواطنين وأصحاب الأيادي البيضاء للمساهمة في تخفيف العبء عن الأسر التي فقدت مصدر دخلها الرئيسي. من المتوقع أن تبدأ بعض المبادرات المجتمعية لجمع التبرعات وتوفير المساعدات اللازمة، تأكيداً على روح التكافل التي تميز المجتمع المصري.
كما جدد الحادث التساؤلات حول آليات توفير الحماية للعاملين في القطاع الزراعي خلال الظروف الجوية القاسية، والحاجة إلى برامج توعية أكثر فعالية تستهدف هذه الفئة لضمان سلامتهم وتجنب تكرار مثل هذه المآسي في المستقبل. يظل هذا اليوم محفوراً في ذاكرة أهالي البحيرة، تذكيرًا بقوة الطبيعة وأهمية الاستعداد لمواجهة تحدياتها.





