معضلة رينارد: كيف يعالج غياب كنو المؤثر في موقعة العراق الحاسمة؟
يواجه المدير الفني للمنتخب السعودي، هيرفي رينارد، تحدياً تكتيكياً كبيراً بعد تأكيد غياب لاعب خط الوسط المحوري، محمد كنو، عن المواجهة الحاسمة المرتقبة ضد المنتخب العراقي. يأتي هذا التطور بعدما قطع "الأخضر" نصف الطريق نحو نهائيات كأس العالم 2026 بفوزه المثير على نظيره الإندونيسي بنتيجة 3-2 في جدة ضمن الدور الرابع (الملحق) من التصفيات الآسيوية، في مباراة شهدت طرد كنو، مما وضع رينارد في مأزق يتطلب إيجاد أفضل الحلول قبل اللقاء المصيري يوم الثلاثاء القادم.

خلفية التطورات الأخيرة والتأهل الآسيوي
في إطار سعي المنتخب السعودي الحثيث للتأهل لنهائيات كأس العالم 2026، قدم "الأخضر" أداءً قوياً في التصفيات الآسيوية، مكنه من الوصول إلى مراحل متقدمة. الفوز الأخير على إندونيسيا بنتيجة ثلاثة أهداف مقابل هدفين لم يكن مجرد انتصار عادي، بل كان خطوة مهمة جداً نحو تحقيق الهدف المنشود. هذا الانتصار، الذي تحقق على أرضه وبين جماهيره في جدة، أكد على عزيمة الفريق وقدرته على التعامل مع الضغوط في المباريات الحاسمة.
ومع ذلك، لم تخلُ المباراة من منعطفات درامية، أبرزها تعرض لاعب الارتكاز محمد كنو لبطاقة حمراء مباشرة، أدت إلى طرده من الملعب. هذه الحادثة، التي وقعت في لحظات حاسمة من اللقاء، لم تؤثر على نتيجة المباراة التي حافظ فيها الأخضر على تقدمه وفاز، لكنها تركت تداعيات ستظهر بوضوح في المواجهة القادمة. غياب لاعب بقيمة كنو، الذي يعتبر أحد الأعمدة الأساسية في منظومة رينارد، يمثل ضربة قوية لخطط المدرب الفرنسي قبل التحدي الأهم.
معضلة رينارد التكتيكية: أهمية غياب كنو
يُعد محمد كنو لاعباً حاسماً في خط وسط المنتخب السعودي، حيث يجمع بين القدرة على استخلاص الكرات وتوزيعها بدقة، إلى جانب مساهماته الهجومية والدفاعية على حد سواء. هو محرك الفريق وربما صلة الوصل بين الدفاع والهجوم، وتأثير غيابه لا يقتصر فقط على الجانب الفني، بل يمتد إلى الجانب المعنوي والقيادي في الملعب. هذا الغياب المفاجئ يضع المدرب هيرفي رينارد أمام تحدٍ حقيقي لإعادة ترتيب أوراقه وإيجاد البديل المناسب الذي يمكنه سد الفراغ الكبير الذي سيتركه كنو.
تتمثل المعضلة بشكل رئيسي في كيفية الحفاظ على التوازن المطلوب في خط الوسط، خاصة وأن مباراة العراق ستكون ذات طابع مختلف وربما أكثر شراسة وتكتيكية. يحتاج رينارد إلى لاعب يمتلك الخبرة الكافية للتعامل مع الضغط، فضلاً عن القدرة على تنفيذ المهام الفنية الموكلة إليه بكفاءة. الخيارات المتاحة للمدرب ستكون محور اهتمامه خلال الأيام القليلة التي تسبق المباراة، وسيتعين عليه اتخاذ قرار سريع وفعال لضمان عدم تأثر أداء الفريق بشكل سلبي.
الخيارات المتاحة والتحضيرات لمواجهة العراق
بينما يعمل رينارد على وضع خطته البديلة، تبرز عدة خيارات أمام المدرب الفرنسي لتعويض غياب كنو. قد يلجأ إلى أحد اللاعبين الاحتياطيين المتخصصين في مركز خط الوسط الارتكازي، معتمداً على جاهزيتهم البدنية والفنية. وقد يفضل خياراً تكتيكياً آخر، مثل تغيير الرسم التكتيكي للفريق ليتناسب مع إمكانيات اللاعبين المتاحين، أو الاعتماد على لاعبين متعددين الأدوار يمكنهم تغطية الجانب الدفاعي والهجومي بفعالية.
- تحديد البديل المباشر: سيتم التركيز على لاعب يمتلك سمات مشابهة لكنو من حيث القدرة على قطع الكرات وبناء اللعب.
 - تعديل التشكيلة: قد يرى رينارد ضرورة في تعديل الخطة من 4-3-3 إلى 4-2-3-1 على سبيل المثال، لتعزيز منطقة الوسط بلاعبين إضافيين للتحكم في الإيقاع.
 - الاعتماد على لاعبين ذوي أدوار مزدوجة: البحث عن لاعب يمكنه تأدية الأدوار الدفاعية والهجومية بكفاءة لتعويض النقص.
 - التركيز على الجانب النفسي: تحضير اللاعبين نفسياً للمواجهة الحاسمة، والتأكيد على العمل الجماعي لتجاوز غياب أي فرد.
 
تحمل مواجهة العراق أهمية قصوى، حيث إن الفوز فيها سيضمن للمنتخب السعودي تحليقه رسمياً نحو نهائيات كأس العالم في أميركا (المقصود هنا استضافة مشتركة بين أمريكا وكندا والمكسيك). هذا يعني أن الخطأ غير مسموح به، وأن رينارد وجهازه الفني مطالبون بإيجاد حلول مبتكرة وفعالة لمواجهة هذا التحدي الكبير.
أهمية المباراة المصيرية وتطلعات التأهل
تعتبر مباراة الثلاثاء المقبل ضد العراق بمثابة "موقعة" حاسمة بكل ما تحمله الكلمة من معنى. فالمنتخب السعودي على بعد خطوة واحدة من تحقيق حلم التأهل لنهائيات كأس العالم للمرة الثانية على التوالي، وهو إنجاز كبير يضاف إلى سجل كرة القدم السعودية. التأهل لا يعني فقط المشاركة في الحدث الرياضي الأكبر عالمياً، بل يمثل أيضاً دفعة قوية لتطوير الكرة السعودية وزيادة القاعدة الجماهيرية وتوفير الخبرة للاعبين الشباب.
تاريخياً، لطالما كانت المواجهات بين المنتخبين السعودي والعراقي تتميز بالندية والإثارة، وهذه المباراة لن تكون استثناءً. ستتجه أنظار الجماهير السعودية والعربية نحو هذه القمة الكروية، مترقبة الحلول التي سيقدمها المدرب رينارد لتجاوز عقبة غياب كنو، وتحقيق الفوز الذي سيفتح أبواب المونديال على مصراعيها أمام "الصقور الخضر". التحدي كبير، لكن الطموح بتحقيق الإنجاز لا يزال أكبر.
من المتوقع أن تشهد الأيام القليلة القادمة تحضيرات مكثفة من قبل الجهاز الفني واللاعبين، مع تركيز خاص على الجوانب التكتيكية والنفسية لضمان أقصى درجات الجاهزية لهذه المباراة المصيرية التي ستقام يوم الثلاثاء.





