مقاطع فيديو توضح أسباب إلغاء ديربي تل أبيب وسط وصفه بـ "حرب لا مباراة"
شهدت الأوساط الرياضية والشعبية في إسرائيل غضباً واسعاً مطلع هذا الأسبوع، عقب قرار الشرطة المفاجئ بمنع إقامة مباراة ديربي تل أبيب المرتقبة ضمن منافسات الدوري المحلي. جاء هذا القرار وسط حالة من الفوضى العارمة وتصاعد التوترات التي وصفها البعض بأنها أقرب إلى "حرب لا مباراة"، وهو ما كشفت عنه لاحقاً مقاطع فيديو انتشرت على نطاق واسع، مقدمةً صورة واضحة لما أدى إلى هذا الإلغاء غير المسبوق. هذا الحادث لم يقتصر تأثيره على الجانب الرياضي فحسب، بل أثار أيضاً انتقادات وشكاوى من الأندية المعنية وشخصيات سياسية، مسلطاً الضوء على تحديات الأمن في الفعاليات الجماهيرية الكبرى.

الخلفية والأحداث الرئيسية
كان من المقرر أن يستضيف أحد قطبي كرة القدم في تل أبيب، مباراة الديربي التقليدية التي تجمع بين فريقي مكابي تل أبيب وهبوعيل تل أبيب. تُعد هذه المباراة واحدة من أبرز الأحداث الرياضية في إسرائيل، وتجذب عادةً عشرات الآلاف من المشجعين المتحمسين، وتتسم بتاريخ طويل من التنافس الشديد. ومع ذلك، لم تسر الأمور كما هو مخطط لها.
قبل ساعات قليلة من موعد انطلاق صافرة البداية، ومع توافد الجماهير بأعداد كبيرة إلى محيط الملعب، بدأت الأجواء بالتصاعد نحو التوتر. أفادت تقارير أولية بوقوع اشتباكات متفرقة بين مجموعات من المشجعين، وتجاوزات أمنية شملت محاولات لاقتحام بوابات الملعب واستخدام مكثف للمفرقعات النارية والألعاب النارية داخل وخارج المدرجات. تحولت المنطقة المحيطة بالملعب إلى ساحة للفوضى، حيث أدت هذه الأحداث إلى تصعيد كبير في المخاوف الأمنية.
- اندلاع اشتباكات عنيفة بين مشجعي الفريقين المتنافسين، مما أثر على سلامة الجمهور والبنية التحتية المحيطة بالملعب.
 - رصد محاولات منظمة لبعض الجماهير لاقتحام مناطق غير مصرح بها داخل الملعب، مما يمثل خرقاً أمنياً خطيراً.
 - الاستخدام المفرط وغير المنضبط للمفرقعات والألعاب النارية، مما خلق أجواء من الهلع والخطر، خاصة مع وجود أعداد غفيرة من العائلات والأطفال.
 - تأكيدات من قوات الأمن بوجود تهديدات محتملة على سلامة اللاعبين والحكام وطاقم التنظيم، مما جعل استمرار المباراة أمراً محفوفاً بالمخاطر.
 
في ضوء هذه التطورات الخطيرة، وبعد تقييم شامل للوضع الأمني على الأرض، اتخذت الشرطة الإسرائيلية قراراً بإلغاء المباراة حفاظاً على الأرواح والممتلكات، ودرءاً لتفاقم الأوضاع إلى ما هو أسوأ.
ردود الفعل والتداعيات
لم يلق قرار الإلغاء ترحيباً من الجميع، بل أثار موجة واسعة من الغضب والإحباط في الأوساط المختلفة، خاصة وأن الديربي يعتبر حدثاً رياضياً رئيسياً. كانت ردود الفعل متعددة ومتنوعة:
- الأندية المعنية: عبرت إدارتا ناديي مكابي تل أبيب وهبوعيل تل أبيب عن استيائهما العميق من قرار الإلغاء. أشارت الأندية إلى الخسائر المالية الكبيرة المترتبة على عدم إقامة المباراة، بما في ذلك إيرادات التذاكر وحقوق البث، فضلاً عن التأثير على جدول الدوري والتحضيرات الفنية. وطالبت بضرورة محاسبة المتسببين في الفوضى وبإيجاد حلول جذرية لضمان عدم تكرار مثل هذه الحوادث.
 - الشرطة وقوات الأمن: دافعت الشرطة عن قرارها بشدة، مؤكدةً أن سلامة الجمهور كانت الأولوية القصوى. وأوضح المتحدثون باسم الشرطة أن الإجراءات المتخذة كانت ضرورية لتجنب وقوع كارثة أكبر، مشيرين إلى أن حجم الفوضى والتجاوزات الأمنية لم يترك لهم خياراً آخر سوى الإلغاء.
 - السياسيون والمعارضون: استغل بعض السياسيين، وخاصة من صفوف المعارضة، الحادث لانتقاد أداء الحكومة والجهات الأمنية. وجهت اتهامات بالإخفاق في تأمين الفعاليات الجماهيرية الكبرى، وطرحت تساؤلات حول مدى جاهزية الخطط الأمنية للتعامل مع مثل هذه السيناريوهات. ربط البعض بين هذه الأحداث وبين حالة عدم الاستقرار الأمني العام في البلاد.
 - الجماهير ووسائل الإعلام: انقسمت آراء الجماهير بين مؤيد للقرار حفاظاً على السلامة، وبين غاضب ومحبط بسبب حرمانهم من مشاهدة المباراة. تناولت وسائل الإعلام المحلية والدولية الحادث بتوسع، مع التركيز على مقاطع الفيديو التي أظهرت المشاهد الفوضوية.
 
دور مقاطع الفيديو
لعبت مقاطع الفيديو التي تم تداولها على نطاق واسع عبر منصات التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام دوراً محورياً في كشف حجم الأحداث وتبرير قرار الإلغاء. أظهرت هذه المقاطع بوضوح مشاهد الاشتباكات بين الجماهير، لحظات استخدام المفرقعات النارية الكثيفة التي حولت سماء الملعب إلى ما يشبه ساحة معركة، ومحاولات اختراق الحواجز الأمنية. كانت هذه المشاهد هي التي رسخت وصف "حرب لا مباراة" في أذهان الكثيرين، وقدمت دليلاً قاطعاً على التهديدات الأمنية التي واجهتها الشرطة.
ساهمت هذه المقاطع في تشكيل الرأي العام حول الحادث، حيث أكدت الروايات الرسمية للشرطة وأظهرت للملأ خطورة الوضع الذي استدعى تدخلها الحاسم. وقد شكلت هذه الأدلة المرئية أساساً للنقاشات حول ضرورة تعزيز الإجراءات الأمنية ومحاسبة المتورطين في إثارة الشغب.
التأثيرات المستقبلية
من المتوقع أن يكون لهذا الحادث تداعيات بعيدة المدى على تنظيم الفعاليات الرياضية الكبرى في إسرائيل، وقد يدفع الجهات المعنية إلى إعادة تقييم شاملة للبروتوكولات الأمنية:
- مراجعة البروتوكولات الأمنية: من المرجح أن يتم إجراء مراجعة شاملة للخطط الأمنية المتبعة في المباريات ذات الحساسية العالية، مع التركيز على تعزيز التعاون بين الأندية والشرطة والاتحاد الرياضي.
 - عقوبات محتملة: قد تواجه الأندية المتورطة أو جماهيرها عقوبات صارمة، تشمل غرامات مالية، أو اللعب خلف أبواب مغلقة، أو حظر بعض المشجعين من حضور المباريات.
 - نقاش حول ثقافة المشجعين: أثار الحادث نقاشاً مجتمعياً حول ثقافة المشجعين وسلوكياتهم، والحاجة إلى حملات توعية للحد من أعمال الشغب والعنف في الملاعب.
 - تأثير على سمعة الدوري: قد يؤثر إلغاء الديربي على سمعة الدوري الإسرائيلي لكرة القدم، ويطرح تساؤلات حول قدرته على استضافة أحداث رياضية آمنة ومنظمة.
 
يُعد إلغاء ديربي تل أبيب حدثاً استثنائياً يسلط الضوء على التعقيدات والتحديات الكبيرة التي تواجه الجهات الأمنية في إدارة الفعاليات الجماهيرية الحاشدة. بينما أثار القرار غضباً واسعاً، إلا أنه جاء نتيجة لتقييم أمني صارم عززته مقاطع الفيديو المنتشرة. تبقى هذه الواقعة تذكيراً صارخاً بأهمية الحفاظ على الأمن والنظام في الملاعب، وبضرورة معالجة الأسباب الجذرية لأعمال الشغب لضمان سلامة الجماهير واستمرارية الروح الرياضية.





