أعمال شغب عنيفة تؤدي إلى إلغاء ديربي تل أبيب في الدوري الإسرائيلي
في حادثة هزت أوساط كرة القدم الإسرائيلية، اضطرت السلطات إلى إلغاء مباراة ديربي تل أبيب المرتقبة بين فريقي مكابي تل أبيب وهبوعيل تل أبيب، والتي كانت ضمن منافسات الدوري الإسرائيلي الممتاز. جاء قرار الإلغاء، الذي صدر بعد تصاعد أعمال شغب وعنف خطيرة بين جماهير الفريقين، ليضع حداً لمواجهة كروية شديدة التوتر كان ينتظرها الآلاف. وقعت هذه الأحداث، التي أثرت بشكل كبير على سير المباراة، في السابع عشر من نوفمبر عام 2014، وشكلت نقطة تحول في النقاش الدائر حول أمن الملاعب وسلوك الجماهير في إسرائيل.

الخلفية وأهمية الديربي
يُعد ديربي تل أبيب أحد أبرز وأكثر المنافسات الكروية سخونة في إسرائيل، حيث يحمل في طياته تاريخًا طويلاً من التنافس الشديد بين مكابي تل أبيب، الذي يُنظر إليه غالبًا على أنه يمثل الطبقة الوسطى والعليا واليمين، وهبوعيل تل أبيب، الذي يرتبط تقليديًا بالطبقة العاملة واليسار. هذه الانقسامات الاجتماعية والسياسية تزيد من حدة التنافس على أرض الملعب وفي المدرجات، مما يجعله أكثر من مجرد مباراة كرة قدم؛ إنه تعبير عن هويات متضاربة وولاءات عميقة. لطالما كانت مباريات الديربي هذه مصحوبة بتوترات عالية، وفي بعض الأحيان اشتباكات بسيطة، لكن حادثة نوفمبر 2014 تجاوزت كل الحدود السابقة من حيث شدة العنف وخطورته.
تفاصيل الأحداث التي سبقت وتخللت الإلغاء
بدأت الأجواء المشحونة تسيطر على محيط ملعب بلومفيلد في تل أبيب قبل وقت طويل من صافرة البداية المقررة للمباراة مساء يوم الاثنين الموافق 17 نوفمبر 2014. تجمعت جماهير الفريقين، وبدأت المناوشات اللفظية تتطور سريعًا إلى اشتباكات جسدية وعنف، مما استدعى تدخل الشرطة. ومع انطلاق المباراة بالفعل، لم تهدأ الأوضاع بل ازدادت سوءًا. فبعد مرور حوالي ثلاثين دقيقة، اقتحم أحد مشجعي مكابي تل أبيب أرض الملعب متجهًا نحو قائد فريق هبوعيل تل أبيب، اللاعب مهران راضي، وحاول الاعتداء عليه. في لحظة فوضوية، تدخل لاعب مكابي تل أبيب آنذاك، عيران زهافي، الذي كان قد لعب سابقًا لهبوعيل، لصد المشجع بضربه بقدمه. هذا التصرف أدى إلى طرد زهافي من المباراة، وهو القرار الذي فجر موجة غضب عارمة بين جماهير مكابي.
تصاعدت الفوضى بشكل غير مسبوق؛ حيث بدأت الجماهير من كلا الجانبين بإلقاء المقذوفات على أرض الملعب، وتدهورت الأوضاع الأمنية بشكل جذري. أصبح من الواضح أن سلامة اللاعبين والحكام وطاقم الأمن وحتى الجمهور نفسه في خطر حقيقي. وبعد تقييم شامل للوضع من قبل قوات الشرطة، تم تقديم توصية قاطعة إلى حكم المباراة إيلي حاكمون بوقف اللقاء بشكل دائم، وهو القرار الذي اتخذه الحكم بالفعل بناءً على المخاطر الأمنية المتزايدة.
قرار الإلغاء والتداعيات الأولية
لم يأتِ قرار إلغاء المباراة بشكل كامل إلا بعد تصاعد غير مسبوق في الأحداث، حيث كانت المباراة قد بدأت بالفعل وتم تسجيل هدف لكل فريق قبل الفوضى الكبرى. أثار القرار جدلاً واسعًا في الساعات التي تلته، حيث عبر مسؤولو الناديين عن أسفهم الشديد للوضع، لكنهم تبادلوا أيضًا الاتهامات حول مسؤولية ما حدث. أظهرت اللقطات التلفزيونية والمشاهد من أرض الملعب مدى فداحة الأوضاع التي وصلت إليها الأمور، مما دفع الرأي العام إلى المطالبة بإجراءات حازمة لتجنب تكرار مثل هذه الكوارث في المستقبل.
التبعات والقرارات التأديبية
بعد الإلغاء، تولت لجنة الانضباط في الاتحاد الإسرائيلي لكرة القدم مهمة التحقيق في الأحداث وتحديد العقوبات. وبعد مداولات مكثفة، أصدرت اللجنة قرارًا يعتبر المباراة ملغاة ويمنح مكابي تل أبيب الفوز بنتيجة 3-0 إداريًا، وهو قرار أثار استياءً كبيرًا لدى نادي هبوعيل تل أبيب وجماهيره، الذين رأوا أن فريقهم كان ضحية للعنف وأن القرار لم يكن عادلاً. كما تضمن القرار فرض غرامات مالية على كلا الناديين وإصدار عقوبات وإيقافات لعدد من المشجعين المتورطين في أعمال الشغب، بالإضافة إلى مراجعة شاملة لإجراءات الأمن في الملاعب.
لماذا يهم هذا الخبر؟
تكمن أهمية هذه الحادثة في عدة جوانب. أولاً، إنها تسلط الضوء على مشكلة العنف المتجذرة في بعض الأوساط الجماهيرية لكرة القدم، ليس فقط في إسرائيل بل عالميًا، وكيف يمكن أن تتحول المنافسة الرياضية إلى ساحة للعنف والفوضى. ثانيًا، ألقت هذه الأحداث بظلالها على سمعة الدوري الإسرائيلي ككل، مما استدعى ضرورة اتخاذ إجراءات أكثر صرامة لضمان أمن اللاعبين والجماهير. ثالثًا، أثارت الحادثة نقاشًا مجتمعيًا واسعًا حول دور الأندية والاتحادات والشرطة في التعامل مع مثل هذه الظواهر، وضرورة تعزيز الروح الرياضية ومكافحة التطرف في المدرجات. لقد كان إلغاء ديربي تل أبيب في عام 2014 بمثابة جرس إنذار دفع نحو إعادة التفكير في استراتيجيات الأمن والسلامة والمساءلة في كرة القدم الإسرائيلية.





