مقترح العريش كمقر لإدارة غزة: مصر تؤكد أن الأمر «قيد التفاوض»
في تصريح يعكس تعقيدات المشهد الإقليمي ومستقبل قطاع غزة ما بعد الصراع، كشف مصدر مصري مطلع أن مسألة اختيار مدينة العريش المصرية كمقر مؤقت لـهيئة إدارة دولية أو انتقالية لغزة هي قضية متروكة للتفاوض. هذا الكشف، الذي جاء في الآونة الأخيرة، يلقي الضوء على المباحثات الجارية حول سيناريوهات ما بعد الحرب في القطاع، ويؤكد على حساسية أي ترتيبات مستقبلية تتعلق بحكم غزة.

الخلفية والسياق
تأتي هذه الأنباء في ظل الدمار الهائل الذي لحق بقطاع غزة، والحاجة الملحة لوضع خطط لإعادة الإعمار والإدارة عقب انتهاء العمليات العسكرية. تتصاعد الدعوات الدولية والإقليمية لوضع تصور واضح لمستقبل القطاع، يشمل جوانب الإغاثة الإنسانية، الأمن، والإدارة المدنية. تطرح أفكار متعددة بشأن الجهة التي ستتولى مسؤولية إدارة غزة بعد الحرب، وتتراوح المقترحات بين عودة السلطة الفلسطينية المعززة، أو تشكيل إدارة دولية برعاية الأمم المتحدة، أو هيئة عربية مشتركة، أو حتى حكومة تكنوقراط فلسطينية. إن حجم التدمير غير المسبوق في البنية التحتية الأساسية والمباني السكنية، بالإضافة إلى النزوح الجماعي للسكان، يجعل من الصعب مباشرة أي عمليات إدارية واسعة النطاق داخل القطاع نفسه في المرحلة الأولى. لذلك، برزت فكرة إنشاء مقر مؤقت خارج غزة كحل لوجستي وعملي لإطلاق جهود الإدارة والإغاثة.
أهمية العريش والموقف المصري
تكتسب مدينة العريش، الواقعة في محافظة شمال سيناء المصرية والمتاخمة لقطاع غزة، أهمية استراتيجية كبيرة في أي نقاشات تتعلق بمستقبل القطاع. تُعد العريش نقطة عبور رئيسية للمساعدات الإنسانية والإمدادات الحيوية إلى غزة، وقد لعبت دوراً محورياً في جهود الإغاثة خلال الأزمة الراهنة. مقترح اتخاذها مقراً مؤقتاً لـهيئة إدارة غزة يعكس دور مصر المحوري كدولة جوار ووسيط إقليمي رئيسي، بالإضافة إلى اهتمامها باستقرار المنطقة وأمن حدودها. ومع ذلك، يؤكد المصدر المصري على أن القرار النهائي بشأن موقع المقر ليس أمراً مفروغاً منه، بل هو خاضع للمفاوضات المكثفة بين الأطراف المعنية، بما في ذلك الأطراف الفلسطينية والدولية والإقليمية. ويشدد الموقف المصري بشكل متواصل على دعم أي خطوة تمكن الشعب الفلسطيني من ممارسة حقه في تقرير المصير وحكم بلاده، مؤكداً على ضرورة أن تكون أي ترتيبات مستقبلية متوافقة مع تطلعات الفلسطينيين وتجنب أي تجاوزات تمس سيادتهم وحقوقهم المشروعة. ترفض مصر بشكل قاطع أي سيناريوهات قد تؤدي إلى تهجير الفلسطينيين من أراضيهم، وتؤكد على ضرورة الحفاظ على وحدة الأراضي الفلسطينية.
التحديات والمفاوضات المستقبلية
تتسم مفاوضات ما بعد الحرب في غزة ببالغ التعقيد، نظراً لتعدد الأطراف المعنية واختلاف مصالحها وتصوراتها لمستقبل القطاع. إن اختيار موقع لمقر هيئة إدارة غزة، سواء كانت دولية أو إقليمية أو فلسطينية، يتطلب توافقاً واسعاً لضمان شرعيتها وفعاليتها. تشمل التحديات الرئيسية ضرورة معالجة الوضع الأمني المتردي، توفير التمويل اللازم لإعادة الإعمار، وتأمين قبول فلسطيني ودولي لأي ترتيبات إدارية جديدة. التأكيد على أن الأمر «متروك للتفاوض» يشير إلى أن لا قرارات نهائية قد اتخذت بعد، وأن جميع الخيارات لا تزال قيد الدراسة والمباحثات المستمرة، بهدف الوصول إلى حلول تخدم مصلحة الشعب الفلسطيني وتضمن استقرار المنطقة. تُعد هذه التصريحات مؤشراً على أن المجتمع الدولي والأطراف الإقليمية منهمكة في صياغة رؤى لمستقبل غزة، وأن مصر تلعب دوراً أساسياً في هذه العملية، مع الحرص على أن تكون أي حلول نهائية نابعة من إرادة الشعب الفلسطيني وتحفظ حقوقه.





