مليون شخص يتوجهون لـ ChatGPT أسبوعيًا لمناقشة قضايا الصحة النفسية
كشفت شركة OpenAI، المطورة لروبوت الدردشة الذكي ChatGPT، عن بيانات حديثة تشير إلى أن ما يقرب من مليون مستخدم يتفاعلون مع المنصة أسبوعياً لمناقشة قضايا تتعلق بالصحة النفسية والعقلية. تسلط هذه الأرقام الضوء على تحول غير متوقع في كيفية استخدام الأفراد لأدوات الذكاء الاصطناعي، متجاوزين وظائفها الأصلية في البحث وتوليد المحتوى، ليجدوا فيها مساحة للتعبير عن تحدياتهم النفسية.

سياق الظاهرة وتطوراتها
منذ إطلاقه في أواخر عام 2022، اكتسب ChatGPT شعبية هائلة وسريعة، مقدماً قدرات متقدمة في معالجة اللغة الطبيعية وإنشاء نصوص متماسكة. ورغم أن تصميمه الأساسي يركز على المساعدة في المهام المعرفية والإنتاجية، إلا أن بيانات OpenAI التي صدرت يوم الاثنين الماضي تكشف عن تطور في استخداماته، حيث يتجه المستخدمون إليه لمناقشة مواضيع حساسة مثل القلق، التوتر، الاكتئاب، أو مجرد الحاجة إلى التحدث.
لم يتم تصميم ChatGPT ليحل محل المتخصصين في الصحة النفسية أو لتقديم العلاج النفسي. ومع ذلك، تشير هذه الظاهرة إلى أن الأفراد يبحثون عن أشكال بديلة للدعم، قد تكون ناجمة عن عدة عوامل اجتماعية ونفسية.
الدوافع وراء اللجوء إلى الذكاء الاصطناعي
- الوصول والتوفر: يوفر ChatGPT إمكانية الوصول إليه على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع، مما يجعله متاحاً في أي وقت يحتاج فيه المستخدم للدعم، على عكس العلاج البشري الذي يتطلب مواعيد محددة.
- التكلفة: تعتبر خدمات الصحة النفسية المتخصصة مكلفة بالنسبة للكثيرين، مما يجعل البديل المجاني أو منخفض التكلفة الذي يقدمه الذكاء الاصطناعي جذاباً.
- إزالة الوصمة: قد يجد الأفراد صعوبة في التحدث بصراحة عن مشاكلهم النفسية مع البشر بسبب الخوف من الوصمة الاجتماعية أو الحكم. يوفر الذكاء الاصطناعي بيئة غير قضائية ومنفذاً مجهولاً.
- الخصوصية والسرية: يمكن أن يشعر المستخدمون بأمان أكبر عند مناقشة معلومات شخصية وحساسة مع كيان غير بشري، معتقدين أن خصوصيتهم محمية بشكل أفضل.
المخاطر والتحديات المحتملة
على الرغم من الجاذبية الظاهرة لاستخدام الذكاء الاصطناعي للدعم النفسي، يحذر الخبراء بشدة من المخاطر الجوهرية المرتبطة بهذا التوجه. يفتقر ChatGPT إلى الصفات الأساسية التي تجعله بديلاً فعالاً للعلاج البشري، مثل التعاطف، والفهم العميق للعواطف البشرية المعقدة، والقدرة على بناء علاقة علاجية.
- غياب الفهم العميق: لا يستطيع الذكاء الاصطناعي فهم الفروقات الدقيقة في التجربة الإنسانية، السياق الثقافي، أو تاريخ الشخص، مما قد يؤدي إلى تقديم نصائح غير مناسبة أو سطحية.
- خطر المعلومات المضللة: قد يقدم الروبوت معلومات غير دقيقة أو غير مدعومة علمياً، أو حتى نصائح خاطئة، مما قد يؤدي إلى تفاقم حالة المستخدم بدلاً من تحسينها.
- قضايا الخصوصية والبيانات: على الرغم من الشعور بالأمان، لا تزال هناك مخاوف بشأن كيفية معالجة وتخزين البيانات الشخصية والحساسة التي يشاركها المستخدمون مع المنصة.
- عدم استبدال العلاج البشري: يؤكد المتخصصون في الصحة النفسية أن الذكاء الاصطناعي لا يمكن أن يحل محل الدعم الشخصي والخبرة التي يقدمها المعالجون البشريون المدربون والقادرون على التشخيص ووضع خطط علاجية متكاملة.
الآثار المستقبلية وتوصيات الخبراء
يسلط هذا التطور الضوء على ضرورة وضع إرشادات أخلاقية واضحة وتنظيم صارم لاستخدام الذكاء الاصطناعي في تطبيقات الصحة النفسية. بينما يمكن أن يكون الذكاء الاصطناعي أداة مساعدة أولية لفرز المشكلات، أو توفير موارد معلوماتية، أو حتى مساحة أولية للتعبير عن الذات، يجب أن يتم توجيه المستخدمين دائماً وبشكل فعال نحو الدعم البشري المتخصص عند الحاجة.
يدعو الخبراء إلى تطوير نماذج ذكاء اصطناعي مصممة خصيصاً لمجال الصحة النفسية، مع ضمانات أخلاقية قوية، وإشراف بشري مستمر، وإدراك لحدودها الجوهرية. وفي الوقت الراهن، تظل العلاقة بين الإنسان والذكاء الاصطناعي في هذا المجال قيد التطور المستمر، مع تأكيد على أن الوعي بالمخاطر وتحديد التوقعات الواقعية أمران حاسمان لضمان سلامة ورفاهية المستخدمين.





