ميلان وإنتر يحكمان قبضتهما على مستقبل سان سيرو: استحواذ رسمي على المجمع الرياضي
في تطور هام يعيد تشكيل المشهد الرياضي والاقتصادي لمدينة ميلانو، أعلن ناديا ميلان وإنتر رسمياً عن استحواذهما المشترك على منطقة سان سيرو، التي تشمل ملعب جوزيبي مياتزا التاريخي والمناطق المحيطة به. هذا الإعلان، الذي صدر في بيان مشترك من الناديين في الآونة الأخيرة، يمثل تتويجاً لسنوات من المفاوضات والخطط الطموحة التي تهدف إلى تحديث البنية التحتية الرياضية للمدينة وتأمين مستقبل مالي أكثر استقراراً للناديين العملاقين.

خلفية تاريخية وملفات معقدة
لطالما كان ملعب سان سيرو، المعروف أيضاً باسم جوزيبي مياتزا، أيقونة لكرة القدم الإيطالية وواحداً من أبرز الملاعب في العالم. منذ عقود طويلة، تقاسم الناديان، ميلان وإنتر، هذا الصرح العريق الذي تملكه بلدية ميلانو. ورغم مكانته الأسطورية، واجه الملعب تحديات متزايدة تتعلق ببنيته التحتية المتقادمة، والتي لم تعد تتماشى مع معايير الملاعب الحديثة من حيث المرافق وخدمات الجماهير وتوليد الإيرادات. أدرك الناديان أن الاعتماد على ملعب مملوك للبلدية يحد من قدرتهما على تحقيق أقصى استفادة مالية وتجارية، وهي مشكلة تواجه العديد من الأندية الإيطالية مقارنة بنظيراتها في الدوريات الأوروبية الكبرى التي تمتلك ملاعبها الخاصة.
على مر السنين، شهدت مدينة ميلانو نقاشات واسعة حول مستقبل الملعب. طرحت العديد من المقترحات، تراوحت بين التجديد الشامل لسان سيرو الحالي، أو بناء ملعب جديد تماماً في المنطقة المجاورة. هذه الخطط غالباً ما واجهت عقبات بيروقراطية وسياسية كبيرة، فضلاً عن اعتراضات من جماعات الحفاظ على التراث وسكان المنطقة. كان الهدف الرئيسي لكلا الناديين هو الحصول على قدر أكبر من التحكم في العمليات اليومية للملعب وفي مشاريع التطوير المستقبلية، وهو ما يعتبر أمراً حيوياً لزيادة إيرادات أيام المباريات، وعقود الرعاية، والفرص التجارية الأخرى.
تطورات حديثة نحو السيطرة المشتركة
يمثل الاستحواذ الرسمي الأخير نقطة تحول حاسمة في هذه السلسلة الطويلة من المفاوضات. يشير هذا التطور إلى أن الناديين قد توصلا إلى اتفاق مع بلدية ميلانو يمنحهما حقوقاً واسعة لإدارة وتطوير منطقة سان سيرو بأكملها، وليس فقط الملعب بحد ذاته. على الأرجح، لا ينطوي هذا الاستحواذ على الملكية الكاملة للأرض من الناحية القانونية، والتي غالباً ما تحتفظ بها البلديات، بل يشمل حقوق سطح طويلة الأجل أو اتفاقية امتياز تمنح الناديين سلطة كبيرة على التخطيط والتطوير والبناء في المنطقة المحددة.
تضمنت الخطط السابقة، والتي قد تُستأنف أو تتغير في ضوء هذا الاستحواذ، مشروعاً ضخماً لبناء ملعب جديد متطور يُعرف باسم «الكاتدرائية» (The Cathedral) بالقرب من سان سيرو الحالي، مع خطط لتحويل المنطقة المحيطة إلى مركز تجاري وترفيهي متكامل. هذا النهج يهدف إلى خلق وجهة عصرية لا تقتصر على كرة القدم فحسب، بل توفر تجارب متنوعة للزوار على مدار الأسبوع، مما يعزز من جاذبية المنطقة ويزيد من مصادر الإيرادات.
الأهمية والتأثيرات المستقبلية
هذا الاستحواذ يحمل أهمية بالغة على عدة مستويات:
- الدعم المالي والاستدامة: سيمكن الناديين من زيادة إيراداتهما بشكل كبير من خلال التحكم الكامل في أيام المباريات، وتذاكر كبار الشخصيات، وعقود الضيافة، وتسمية الملعب (Naming Rights)، والمساحات التجارية. هذا الأمر حيوي لتحقيق الاستقرار المالي والامتثال لقواعد اللعب المالي النظيف.
- التنافسية الرياضية: الإيرادات المتزايدة ستسمح للناديين بالاستثمار بشكل أكبر في فرقهم، وجذب أفضل اللاعبين والمدربين، وبالتالي تعزيز قدرتهما على المنافسة محلياً وأوروبياً.
- التطوير العمراني: سيسهم المشروع في تجديد حي سان سيرو بالكامل، مما يخلق فرص عمل جديدة ويعزز الاقتصاد المحلي، ويقدم مساحات عامة ومرافق حديثة لسكان المدينة.
- تجربة الجماهير: سيوفر الملعب أو المجمع الجديد تجربة محسنة للجماهير من حيث سهولة الوصول، والمرافق الحديثة، والخدمات الترفيهية، مما يعزز ولاء المشجعين ويجذب أجيالاً جديدة.
- استقلالية الناديين: يمنح الاستحواذ ميلان وإنتر استقلالية أكبر في اتخاذ القرارات الاستراتيجية المتعلقة ببنيتهما التحتية الأساسية، بعيداً عن التعقيدات البيروقراطية التي كانت تحد من مرونتهما في الماضي.
رغم التحديات المحتملة التي قد تظهر خلال مراحل التصميم والترخيص والبناء، مثل التكاليف الباهظة التي تقدر بمئات الملايين أو حتى مليار يورو، يمثل هذا الاستحواذ خطوة استراتيجية جريئة لكل من ميلان وإنتر. إنه يؤكد التزامهما بالبقاء في طليعة كرة القدم الأوروبية ويضع حجر الأساس لمستقبل أكثر إشراقاً واستدامة للناديين وللحي الرياضي في ميلانو.
نظرة مستقبلية
الخطوة التالية ستكون وضع اللمسات النهائية على الخطط التفصيلية للمجمع الجديد، والحصول على التصاريح اللازمة، والبدء في أعمال البناء. هذا التعاون بين الغريمين التقليديين، الذي أثمر عن هذا الاستحواذ، يشير إلى رؤية مشتركة لمستقبل يركز على التنمية والتقدم. ومع اكتمال المشروع، من المتوقع أن يلتحق ميلان وإنتر بركب الأندية الأوروبية الكبرى التي تتباهى بملاعبها العصرية والمملوكة لها، مما يعزز مكانة ميلانو كعاصمة رياضية عالمية.





