نازح من الفاشر يصف الأهوال: "رأيت الجثث تأكلها الصقور والكلاب"
تعكس شهادة مروعة لنازح من مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، حجم الكارثة الإنسانية التي تعصف بالمدينة جراء القتال الدائر بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع. حيث يصف النازح مشاهد لجثث متروكة في الشوارع تنهشها الحيوانات، في صورة تختزل الانهيار الكامل للخدمات الأساسية وتفاقم الأوضاع الأمنية التي تمنع حتى دفن الموتى بكرامة. هذه الشهادة، التي انتشرت في تقارير إعلامية خلال الأشهر الأخيرة، تسلط الضوء على الوضع الكارثي للمدنيين العالقين وسط الصراع.

التصعيد العسكري والأزمة الإنسانية
منذ تصاعد القتال حول الفاشر في مايو 2024، فرضت قوات الدعم السريع حصاراً خانقاً على المدينة، التي تعد آخر معاقل الجيش السوداني في إقليم دارفور الشاسع. وتستضيف المدينة مئات الآلاف من النازحين الذين فروا من مناطق أخرى في الإقليم، مما يجعلها مركزاً سكانياً حيوياً. وقد أدى القصف المدفعي العنيف والهجمات المستمرة إلى مقتل وجرح المئات من المدنيين، وتدمير البنية التحتية الحيوية، بما في ذلك المستشفيات ومصادر المياه، مما دفع المنظمات الإنسانية إلى التحذير من مجاعة وشيكة وانهيار صحي كامل.
خلفية الصراع في الفاشر
تكتسب الفاشر أهمية استراتيجية كبرى للطرفين المتحاربين. فبالنسبة لقوات الدعم السريع، يمثل السيطرة عليها إحكاماً كاملاً لنفوذها على إقليم دارفور بأكمله. أما بالنسبة للجيش السوداني، فإن خسارتها تعني فقدان آخر موطئ قدم له في الإقليم. بدأ الصراع الأوسع في السودان في أبريل 2023، وسرعان ما امتد إلى دارفور، معيداً إلى الأذهان فصولاً مظلمة من العنف العرقي الذي شهده الإقليم في السابق. الوضع الحالي يزداد تعقيداً مع انخراط حركات مسلحة موقعة على اتفاق سلام مع الحكومة إلى جانب الجيش، مما يحول المدينة إلى ساحة قتال متعددة الأطراف.
الآثار المروعة على المدنيين
يعيش السكان في الفاشر تحت وطأة ظروف لا إنسانية، حيث تتجلى الآثار المدمرة للصراع في جوانب متعددة من حياتهم اليومية. وتشمل أبرز هذه الآثار ما يلي:
- النزوح الجماعي: أُجبر عشرات الآلاف من السكان على الفرار من منازلهم في ظروف خطيرة للغاية، باحثين عن الأمان في مناطق أخرى أقل تضرراً أو في مخيمات مكتظة تفتقر لأبسط المقومات.
 - انهيار الرعاية الصحية: أدى القصف المتكرر للمرافق الطبية، بما في ذلك المستشفى الجنوبي الذي كان المرفق الرئيسي للجراحة في المدينة، إلى شل قدرة النظام الصحي على الاستجابة للأعداد الهائلة من المصابين.
 - نقص حاد في الغذاء والماء: تسبب الحصار وقطع طرق الإمداد في نقص كارثي في المواد الغذائية والمياه النظيفة، مما يهدد بانتشار الأمراض والأوبئة ويزيد من خطر المجاعة.
 - الصدمة النفسية: تركت مشاهد الموت والدمار اليومي، مثل رؤية الجثث في الشوارع، آثاراً نفسية عميقة على الناجين، خاصة الأطفال والنساء.
 
الاستجابة الدولية والتحذيرات
أعربت منظمات دولية، على رأسها الأمم المتحدة ومنظمة أطباء بلا حدود، عن قلقها البالغ إزاء الوضع، محذرة من أن ما يحدث في الفاشر قد يرقى إلى مستوى الإبادة الجماعية. ودعت هذه المنظمات مراراً إلى وقف فوري لإطلاق النار، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية دون عوائق لحماية أرواح المدنيين. كما فرض مجلس الأمن الدولي قراراً يطالب قوات الدعم السريع بإنهاء حصارها للمدينة، لكن هذه الدعوات لم تجد استجابة فعلية على الأرض حتى الآن، مع استمرار تدهور الوضع بشكل يومي.




