ناغلسمان مدرب ألمانيا: ثقة تامة بمهاجمه لقيادة الهجوم في اليورو
أكد يوليان ناغلسمان، المدير الفني للمنتخب الألماني لكرة القدم، مرارًا وتكرارًا ثقته الكبيرة في مهاجمه الأساسي لقيادة الخط الأمامي للفريق في بطولة أمم أوروبا يورو 2024 التي تستضيفها ألمانيا. تأتي هذه التصريحات في خضم استعدادات مكثفة للبطولة، حيث يسعى ناغلسمان لترسيخ استراتيجية هجومية واضحة تعتمد على قوة وثبات مركز المهاجم الصريح، وهو ما كان يمثل نقطة جدل وتحديًا للمانشافت في السنوات الأخيرة. تصريحات المدرب تعكس رهانًا واضحًا على قدرة اللاعبين المختارين على ترجمة الفرص إلى أهداف، خصوصًا مع اقتراب موعد انطلاق الحدث الكروي الأبرز في القارة.

الخلفية التاريخية والتحديات الهجومية لألمانيا
لطالما عانى المنتخب الألماني من غياب مهاجم صريح وهداف من الطراز الرفيع منذ اعتزال أساطير مثل ميروسلاف كلوزه. بعد الفوز بكأس العالم 2014، بدأت مشكلة المهاجم الكلاسيكي تبرز بشكل لافت، حيث فشل المدربون المتعاقبون في إيجاد حل دائم لهذا المركز الحيوي. أدت هذه المعضلة إلى تجارب تكتيكية مختلفة، كاللعب بـ "المهاجم الوهمي" أو الاعتماد على لاعبين من خط الوسط المهاجم في هذا الدور، وهو ما لم يحقق الاستقرار أو الفعالية المطلوبة في كثير من الأحيان. تجلى هذا القصور بشكل خاص في بطولتي كأس العالم 2018 و 2022، حيث خرجت ألمانيا من دور المجموعات، وكان الفشل في تحويل الفرص إلى أهداف أحد الأسباب الرئيسية لهذه الإخفاقات. كان هذا النقص في القوة الهجومية أحد أبرز التحديات التي واجهت ناغلسمان عند توليه المهمة، وبات إيجاد مهاجم يمكن الاعتماد عليه أولوية قصوى.
ثقة ناغلسمان وتحديد الأدوار الهجومية
في الفترة التي سبقت يورو 2024، وبشكل خاص خلال المعسكرات التدريبية والمباريات الودية الأخيرة، ركز ناغلسمان بشكل كبير على دمج مهاجم يمتلك الخصائص البدنية والتهديفية اللازمة لقيادة الهجوم. لاعب مثل نيكلاس فولكروغ برز كخيار رئيسي في هذا الصدد. يعتمد المدرب على فولكروغ لما يمتلكه من قوة بدنية، قدرة على الاحتفاظ بالكرة، وتميز في الكرات الرأسية داخل منطقة الجزاء، وهي سمات طالما افتقدها المنتخب الألماني. وقد أظهر فولكروغ فعالية ملحوظة في تسجيل الأهداف الحاسمة في بعض المباريات الدولية، سواء كلاعب أساسي أو كبديل مؤثر، مما عزز ثقة المدرب فيه. كما أن قدرته على الربط بين خطي الوسط والهجوم والضغط على دفاع الخصم تتناسب مع فلسفة ناغلسمان التكتيكية. وإلى جانب فولكروغ، يعتمد ناغلسمان أيضًا على مرونة لاعبين مثل كاي هافرتس الذي يمكنه اللعب في دور المهاجم الصريح أو المهاجم المتأخر، مما يوفر خيارات تكتيكية متعددة ويضمن بقاء الخط الأمامي ديناميكيًا وغير متوقع.
الجدل حول خيارات المهاجمين والتكتيك
لم تخلُ خيارات ناغلسمان من الجدل الدائر في الأوساط الإعلامية والجماهيرية الألمانية. هناك من يطالب بالاعتماد على مهاجم تقليدي "رقم 9" بصفة دائمة، بينما يفضل آخرون نهجًا أكثر مرونة يعتمد على لاعبين متعددين في الأدوار الهجومية. هذا النقاش يعكس تاريخ ألمانيا الحديث مع مركز المهاجم. وقد أشار ناغلسمان في عدة مناسبات إلى أنه لا يرى مشكلة في عدم وجود مهاجم واحد ثابت، بل يرى القوة في تنوع الخيارات والقدرة على التكيف مع مختلف أساليب اللعب. ومع ذلك، فإن ثقته في مهاجم بعينه، سواء كان فولكروغ أو غيره، تشير إلى أنه قد استقر على نهج يجمع بين الحاجة إلى نقطة ارتكاز قوية في الهجوم والمرونة التكتيكية. يشمل ذلك أيضًا منح الفرص للاعبين صاعدين مثل ماكسيميليان باير أو دينيز أوندوف لإثبات أنفسهم، مما يضيف عمقًا للمجموعة الهجومية.
الأهمية والتداعيات لبطولة أمم أوروبا 2024
تكتسب ثقة المدرب في مهاجمه أهمية قصوى قبل بطولة كبرى مثل يورو 2024، خاصة وأن ألمانيا هي الدولة المضيفة. الضغط الجماهيري والإعلامي على الفريق لتحقيق أداء مشرف والوصول لأدوار متقدمة كبير جدًا. وجود مهاجم يحظى بثقة المدرب يمكن أن يمنح الفريق استقرارًا نفسيًا وتكتيكيًا، ويساهم في بناء الثقة داخل المجموعة. الهجوم الفعال والقدرة على تسجيل الأهداف الحاسمة ستكون عاملًا محوريًا في حسم المباريات الصعبة، لا سيما في مراحل خروج المغلوب. هذه الثقة تعني أيضًا رسالة واضحة للمهاجم نفسه بأنه يحظى بدعم كامل، مما قد ينعكس إيجابًا على أدائه وتركيزه داخل الملعب. إن رهان ناغلسمان على مهاجمه، والذي ظهر جليًا في تصريحاته الأخيرة قبل انطلاق البطولة، يعتبر استثمارًا في العنصر البشري الذي يعول عليه لترجمة جهود الفريق إلى انتصارات وتحقيق طموحات الأمة الألمانية في البطولة التي تقام على أرضها.





