نجاة رئيس الإكوادور من إطلاق نار خلال احتجاجات على أسعار الوقود
نجا الرئيس الإكوادوري، دانيال نوبوا، من هجوم بإطلاق نار استهدف موكبه يوم الثلاثاء، 10 سبتمبر 2024، في مدينة بويو بمقاطعة باستازا الأمازونية. وقع الحادث وسط توترات متصاعدة واحتجاجات واسعة النطاق تشهدها البلاد بسبب قرار الحكومة رفع الدعم عن وقود الديزل. وأكدت السلطات أن الرئيس لم يصب بأذى، وأن قوات الأمن تمكنت من السيطرة على الموقف واعتقال عدد من المشتبه بهم.

تفاصيل الحادثة وتطوراتها
كان الرئيس نوبوا يغادر فعالية حكومية في مدينة بويو عندما اعترض مئات المتظاهرين طريقه. ووفقًا لبيانات رسمية وشهود عيان، تصاعدت حدة الموقف بسرعة، حيث تم إلقاء الحجارة والأجسام الصلبة على الموكب الرئاسي، قبل أن يُسمع دوي إطلاق نار. في البداية، حاولت الحكومة التقليل من أهمية الواقعة، حيث وصفتها وزيرة الداخلية مونيكا بالنسيا بأنها "حادث معزول"، نافيةً وجود هجوم مباشر على الرئيس. ولكن في وقت لاحق، أكدت الرئاسة وقوع إطلاق نار بالقرب من الموكب، مشيرة إلى أن التحقيقات جارية لتحديد مصدره والمسؤولين عنه. وأظهرت مقاطع فيديو انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي حالة من الفوضى، حيث كانت قوات الأمن تعمل على تأمين الموكب وسط حشود غاضبة.
خلفية الأزمة: رفع الدعم عن الوقود
يأتي هذا الحادث في سياق اضطرابات اجتماعية كبيرة تشهدها الإكوادور. ففي وقت سابق من الشهر، أعلنت حكومة نوبوا عن خطة لخفض الدعم الحكومي على وقود الديزل، مما أدى إلى ارتفاع سعره بنحو 60 سنتًا للجالون الواحد. بررت الحكومة هذا الإجراء بأنه ضروري لخفض الإنفاق العام وتوجيه الموارد نحو قطاعات أخرى، وذلك في إطار اتفاق مع صندوق النقد الدولي. إلا أن القرار أثار غضبًا عارمًا، خاصة بين قطاعات النقل والسكان الأصليين، التي تعتبر المستهلك الرئيسي للديزل وتعتمد عليه في أنشطتها الاقتصادية اليومية. وقد دعت "كونفدرالية القوميات الأصلية في الإكوادور" (CONAIE)، وهي منظمة قوية لها تاريخ في قيادة الاحتجاجات التي أطاحت برؤساء سابقين، إلى إضراب وطني مفتوح وشلت الحركة في أجزاء واسعة من البلاد عبر إغلاق الطرق الرئيسية.
ردود الفعل الرسمية والشعبية
أدانت حكومة الإكوادور بشدة الهجوم، ووصفته بأنه عمل عنيف يهدف إلى زعزعة استقرار الديمقراطية. وتعهد الرئيس نوبوا، الذي تولى منصبه في أواخر عام 2023، بالمضي قدمًا في سياساته الاقتصادية وعدم الرضوخ لما وصفه بـ"الابتزاز والعنف". كما شددت السلطات على أنها ستتعامل بحزم مع كل من يشارك في أعمال شغب أو يعطل النظام العام، مستندةً إلى حالة "الصراع المسلح الداخلي" التي كان قد أعلنها الرئيس في وقت سابق لمواجهة عصابات الجريمة المنظمة. من جانبهم، نفى قادة الاحتجاجات، وعلى رأسهم "كونفدرالية القوميات الأصلية"، أي تورط في الهجوم أو وجود نية لاستهداف الرئيس. وأكدوا أن احتجاجاتهم سلمية، متهمين الحكومة بمحاولة "تجريم الحراك الاجتماعي" واستخدام الحادثة كذريعة لقمع المعارضة الشعبية لسياساتها.
الأهمية والتداعيات المحتملة
تكمن أهمية هذا الحادث في أنه يمثل تصعيدًا خطيرًا في المواجهة بين الحكومة والحركات الاجتماعية في الإكوادور. إن استهداف الموكب الرئاسي، سواء كان محاولة اغتيال مدبرة أو نتيجة انفلات الأوضاع خلال احتجاج غاضب، يضع استقرار البلاد على المحك. وقد يدفع هذا التطور الحكومة إلى تبني نهج أمني أكثر صرامة في التعامل مع المظاهرات، مما قد يؤدي إلى مزيد من العنف. في المقابل، قد يزيد من تعاطف شرائح من المجتمع مع المحتجين الذين يرون أن سياسات الحكومة تضر بسبل عيشهم. ويبقى السؤال الأبرز هو ما إذا كان الطرفان سيلجآن إلى الحوار لإنهاء الأزمة، أم أن الإكوادور مقبلة على فترة طويلة من عدم الاستقرار السياسي والاجتماعي.





