نزاع السوبر الأوروبي يتصاعد: ريال مدريد وA22 يقاضيان اليويفا للمطالبة بتعويضات بمليارات اليوروهات
في تصعيد جديد للمعركة القانونية التي تعصف بكرة القدم الأوروبية، أقدم نادي ريال مدريد وشركة A22 Sports Management، وهي الجهة المسؤولة عن الترويج لمشروع دوري السوبر الأوروبي، على رفع دعوى قضائية ضخمة ضد الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا) والاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا). تطالب الدعوى بتعويضات مالية تقدر بمليارات اليوروهات، مما يمثل منعطفاً حاسماً في الصراع الطويل حول مستقبل مسابقات الأندية في القارة.

خلفية الصراع ومشروع دوري السوبر
تعود جذور هذا النزاع إلى شهر أبريل من عام 2021، حين أعلن 12 نادياً من كبار أندية أوروبا، بقيادة رئيس ريال مدريد فلورنتينو بيريز، عن إطلاق بطولة جديدة تحت مسمى "دوري السوبر الأوروبي". كان الهدف من المشروع إنشاء مسابقة شبه مغلقة تضمن مشاركة الأندية المؤسسة بشكل دائم، مما يتيح لها تحقيق إيرادات مالية ضخمة تتجاوز ما توفره بطولات اليويفا الحالية، وعلى رأسها دوري أبطال أوروبا.
لكن المشروع انهار في غضون 48 ساعة فقط بعد موجة غضب عارمة من المشجعين، والاتحادات الوطنية، والحكومات، بالإضافة إلى تهديدات قوية من اليويفا وفيفا بفرض عقوبات صارمة على الأندية واللاعبين المشاركين. ورغم انسحاب معظم الأندية المؤسسة، أصر ريال مدريد وبرشلونة على مواصلة المعركة القانونية، مؤكدين أن اليويفا يمارس احتكاراً غير قانوني للسوق.
التطورات القضائية وقرار محكمة العدل الأوروبية
شكل قرار محكمة العدل الأوروبية الصادر في ديسمبر 2023 نقطة تحول محورية في القضية. قضت المحكمة بأن قواعد فيفا واليويفا التي تشترط الحصول على موافقة مسبقة لإقامة أي بطولة جديدة، مثل دوري السوبر، تتعارض مع قوانين المنافسة في الاتحاد الأوروبي. وأكد الحكم أن الهيئتين الحاكمتين لكرة القدم استغلتا وضعهما المهيمن بشكل غير قانوني. على الرغم من أن القرار لم يمنح الضوء الأخضر لإقامة البطولة بشكل مباشر، إلا أنه فتح الباب أمام المنظمين لمتابعة مشروعهم دون الخوف من عقوبات فورية، ومكّنهم من المطالبة بتعويضات عن الأضرار التي لحقت بهم.
تفاصيل الدعوى القضائية الجديدة
استناداً إلى حكم محكمة العدل الأوروبية، تقدمت شركة A22 بدعم من ريال مدريد بدعوى قضائية أمام المحاكم الإسبانية للمطالبة بتعويضات ضخمة. تتهم الدعوى اليويفا وفيفا بارتكاب ممارسات مناهضة للمنافسة تسببت في إفشال المشروع في مهده وألحقت أضراراً مالية فادحة بالمؤسسين والمستثمرين. النقاط الرئيسية للدعوى تشمل:
- اتهام بالاحتكار: تدعي A22 أن اليويفا استغل موقعه كمنظم ومشغل تجاري وحيد للبطولات الكبرى لمنع أي منافسة محتملة.
- المطالبة بتعويضات: تقدر الأرقام المتداولة قيمة التعويضات المطلوبة بحوالي 4.5 مليار يورو، وهي تمثل الخسائر المتوقعة والإضرار بسمعة المشروع.
- السعي للحماية القانونية: تهدف الدعوى إلى الحصول على أمر قضائي يمنع اليويفا وفيفا من تكرار التهديدات أو الإجراءات العقابية ضد الأندية التي قد ترغب في الانضمام إلى بطولات بديلة في المستقبل.
الأهمية والتأثير المحتمل على مستقبل كرة القدم
تكتسب هذه القضية أهمية بالغة لأنها لا تتعلق فقط بالمال، بل بمستقبل حوكمة كرة القدم الأوروبية بأكملها. إذا نجحت الدعوى، فقد يؤدي ذلك إلى نتائج بعيدة المدى، منها إضعاف السلطة المطلقة لليويفا بشكل كبير، وفتح الباب أمام ظهور بطولات ومنافسات جديدة خارج إطاره التنظيمي. كما أن الحكم لصالح A22 سيمثل ضربة مالية قاسية لليويفا قد تؤثر على قدرته على تمويل البطولات وتوزيع العائدات على الاتحادات الأعضاء. في المقابل، يرى معارضو دوري السوبر أن نجاح هذه الدعوى قد يدمر الهيكل الهرمي لكرة القدم الذي يضمن التضامن المالي بين الأندية الكبرى والصغرى، ويهدد بتقويض الدوريات المحلية.
في الوقت الحالي، يستمر الجدل القانوني، ويبقى مستقبل المنافسات الأوروبية معلقاً بانتظار القرارات القضائية النهائية التي ستحدد شكل اللعبة في السنوات القادمة.





