هيئة الطاقة الذرية والوكالة الدولية تبحثان سبل تطوير واقتناء تكنولوجيا التشعيع
عقدت هيئة الطاقة الذرية المصرية مباحثات مكثفة مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية (IAEA) مؤخرًا، تركزت حول سبل تعزيز وتطوير دراسات الجدوى المتعلقة باقتناء وتطبيق تكنولوجيا التشعيع. تأتي هذه المناقشات في إطار التعاون المستمر بين الجانبين، بهدف الارتقاء بالقدرات الوطنية المصرية في استخدام التطبيقات السلمية للطاقة الذرية، خصوصًا في المجالات التي تعود بالنفع المباشر على التنمية المستدامة والصحة العامة والاقتصاد الوطني.

أهمية تكنولوجيا التشعيع
تُعد تكنولوجيا التشعيع من التقنيات النووية السلمية ذات الأهمية الاستراتيجية المتزايدة، والتي تستخدم الإشعاع المؤين، مثل أشعة جاما أو الحزم الإلكترونية، لمعالجة المواد وتحقيق أهداف محددة. وتتنوع تطبيقات هذه التكنولوجيا لتشمل قطاعات حيوية:
- حفظ الأغذية وسلامتها: تُستخدم تقنيات التشعيع لإطالة فترة صلاحية المنتجات الغذائية، والقضاء على الكائنات الدقيقة المسببة للأمراض مثل البكتيريا والفطريات، ومكافحة الآفات الحشرية، مما يقلل من الفاقد ويُعزز الأمن الغذائي.
 - تعقيم المستلزمات الطبية والصيدلانية: تُمكن هذه التكنولوجيا من تعقيم الأدوات الجراحية، والأجهزة الطبية الحساسة للحرارة، والمستحضرات الصيدلانية، والأنسجة الحيوية المستخدمة في عمليات الزرع، بما يضمن أعلى معايير السلامة والنظافة.
 - التطبيقات الصناعية والبيئية: تشمل تحسين خصائص البوليمرات، معالجة مياه الصرف الصحي والنفايات، وتطهير بعض المواد الصناعية، مما يسهم في تطوير الصناعات وتعزيز الممارسات البيئية المستدامة.
 
لذلك، فإن امتلاك وتطوير هذه التكنولوجيا يُعد خطوة مهمة نحو تعزيز القدرات الذاتية للدول في مجالات الصحة والغذاء والصناعة، مع الالتزام بالمعايير الدولية.
دور الوكالة الدولية للطاقة الذرية
تضطلع الوكالة الدولية للطاقة الذرية بدور محوري كمركز عالمي للتعاون في المجال النووي. تعمل الوكالة على تعزيز الاستخدامات السلمية للطاقة الذرية من خلال برامج المساعدة الفنية، وتوفير الخبرات، وتطوير المعايير الدولية للسلامة والأمن النوويين. في سياق هذه المباحثات، تقدم الوكالة الدعم الفني اللازم لتقييم الجدوى الاقتصادية والفنية لمشاريع التشعيع، وتساعد الدول الأعضاء على وضع الخطط المناسبة لاقتناء وتشغيل هذه المنشآت بأمان وكفاءة. يضمن هذا التعاون أن تكون المشاريع الوطنية متوافقة مع أفضل الممارسات العالمية، وأن تستفيد من أحدث التطورات في هذا المجال.
سياق التعاون المصري والدولي
تمتلك مصر تاريخًا طويلًا في الاستفادة من التطبيقات السلمية للطاقة الذرية، وتُعد هيئة الطاقة الذرية المصرية هي الجهة الوطنية المسؤولة عن البحث والتطوير وتنظيم استخدام الطاقة الذرية في البلاد. يأتي التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية في إطار شراكة استراتيجية مستمرة، شهدت تنفيذ العديد من المشاريع المشتركة في مجالات الزراعة والصحة والصناعة والبيئة. تهدف هذه المباحثات الأخيرة إلى تعميق هذا التعاون، والاستفادة من خبرات الوكالة لتطوير البنية التحتية التكنولوجية في مصر، لا سيما في مجال التشعيع الذي يُعد ركيزة أساسية لتحقيق أهداف التنمية الشاملة.
الخطوات المستقبلية والآفاق
تركز المناقشات الحالية على تطوير دراسة الجدوى، وهي خطوة حاسمة لتقييم جميع الجوانب الفنية والاقتصادية والبيئية لمشروع اقتناء تكنولوجيا التشعيع. من المتوقع أن تُسهم هذه الدراسة في وضع خارطة طريق واضحة لتنفيذ المشروع، مع الأخذ في الاعتبار الاحتياجات الوطنية والإمكانات المتاحة. ومن شأن النجاح في تطوير واقتناء هذه التكنولوجيا أن يُحدث تأثيرًا إيجابيًا واسع النطاق على عدة مستويات:
- تحسين جودة المنتجات: ضمان جودة وسلامة المنتجات الغذائية والطبية، بما يُعزز القدرة التنافسية للصادرات المصرية.
 - تعزيز الصحة العامة: توفير وسائل فعالة لتعقيم المستلزمات الطبية، مما يحد من انتشار العدوى ويدعم المنظومة الصحية.
 - دعم الابتكار الصناعي: فتح آفاق جديدة للصناعات المحلية من خلال تطوير مواد وتقنيات مبتكرة.
 - بناء القدرات الوطنية: تدريب الكوادر الفنية والعلماء المصريين على أحدث التقنيات النووية السلمية، مما يُعزز مكانة مصر في مجال العلوم والتكنولوجيا.
 
يُبرز هذا التعاون التزام مصر المستمر بالاستفادة من أحدث التقنيات العالمية لتحقيق التنمية المستدامة وخدمة مصالحها الوطنية، تحت إشراف ودعم منظمة دولية مرموقة مثل الوكالة الدولية للطاقة الذرية.




