وزارتا الاتصالات والسياحة تتفقان على إطلاق بوابة تراث مصر الرقمي
شهدت العاصمة المصرية القاهرة، مؤخرًا في أوائل عام 2020، مراسم توقيع بروتوكولي تعاون استراتيجيين بين وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ووزارة السياحة والآثار، وذلك في مقر المتحف المصري الكبير. يهدف هذا التعاون إلى إطلاق مشروع طموح يُعرف بـ «بوابة تراث مصر الرقمي»، والذي يمثل خطوة محورية نحو تعزيز جهود التحول الرقمي وتطوير البنية التحتية الذكية للمواقع الأثرية والمتاحف المصرية على مستوى الجمهورية. يأتي هذا المشروع ضمن رؤية الدولة المصرية لتوظيف التكنولوجيا الحديثة في الحفاظ على تراثها الغني والتعريف به عالميًا.

خلفية وأهمية المشروع
تُعد مصر مهدًا لحضارة عريقة وتزخر بكم هائل من المواقع الأثرية والمتاحف التي تجذب ملايين الزوار سنويًا. وقطاع السياحة أحد الركائز الأساسية للاقتصاد المصري. مع التطور التكنولوجي المتسارع، أصبح من الضروري تبني أساليب مبتكرة لاستعراض هذا التراث الثقافي الغني والحفاظ عليه، بالإضافة إلى تسهيل الوصول إليه لجمهور أوسع حول العالم. تدرك الحكومة المصرية أهمية دمج التكنولوجيا في مختلف القطاعات، ويأتي هذا التعاون ليعكس هذا التوجه الاستراتيجي. إن رقمنة التراث المصري لا تخدم فقط الأهداف السياحية والاقتصادية، بل تسهم أيضًا في الحفاظ العلمي والتوعية الثقافية.
- تعزيز السياحة: يهدف المشروع إلى تقديم تجربة سياحية متطورة وجذابة، تمكن الزوار من استكشاف المواقع الأثرية والمتاحف بطرق تفاعلية، سواء قبل زيارتهم الفعلية أو كبديل لمن لا يستطيعون السفر.
- الحفاظ على التراث: توفير نسخ رقمية دقيقة للآثار والمقتنيات يضمن حفظها للأجيال القادمة ويحميها من عوامل التلف والزوال.
- التوعية الثقافية: جعل المعلومات حول الحضارة المصرية العريقة متاحة للباحثين والطلاب والجمهور العام في جميع أنحاء العالم.
تفاصيل بوابة تراث مصر الرقمي
مشروع «بوابة تراث مصر الرقمي» هو منصة رقمية متكاملة ستضم قاعدة بيانات ضخمة للمواقع الأثرية والمتاحف والمقتنيات الأثرية في جميع أنحاء مصر. ستمكن هذه البوابة المستخدمين من الوصول إلى معلومات مفصلة وصور عالية الجودة، بالإضافة إلى محتوى تفاعلي مبتكر. من المتوقع أن تعتمد البوابة على أحدث التقنيات الرقمية لتقديم محتوى غني وتجارب فريدة:
- الواقع الافتراضي (VR) والواقع المعزز (AR): لتقديم جولات افتراضية ثلاثية الأبعاد للمواقع والمتاحف، مما يتيح للزوار تجربة غامرة من أي مكان في العالم.
- الذكاء الاصطناعي (AI): لتحليل البيانات وتخصيص تجارب المستخدمين، وتوفير معلومات سياقية دقيقة عن الآثار والمواقع.
- البيانات الضخمة (Big Data): لإدارة الكم الهائل من المعلومات والصور والمحتوى الرقمي المتعلق بالتراث المصري بكفاءة.
- المنصات التفاعلية: تقديم خرائط تفاعلية، ومحتوى وسائط متعددة، ومصادر تعليمية للباحثين والطلاب.
أدوار الوزارات المشاركة
ينص بروتوكول التعاون على توزيع المهام والمسؤوليات بين الوزارتين لضمان تنفيذ المشروع بكفاءة:
- وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات: ستتولى مسؤولية توفير البنية التحتية التكنولوجية اللازمة للمشروع، بما في ذلك تطوير المنصات الرقمية وتأمين البيانات وتوفير الخبرات الفنية في مجالات مثل الذكاء الاصطناعي والواقع الافتراضي. كما ستضمن تدريب الكوادر البشرية على استخدام هذه التقنيات.
- وزارة السياحة والآثار: ستكون مسؤولة عن توفير المحتوى الأثري والثقافي الدقيق والموثوق، بما في ذلك الصور والوثائق والمعلومات الخاصة بالمواقع الأثرية والمتاحف والمقتنيات. كما ستشرف على الجانب التراثي لضمان الأصالة والدقة العلمية للمحتوى المعروض.
التأثير المتوقع والمستقبل
يمثل مشروع «بوابة تراث مصر الرقمي» قفزة نوعية في جهود مصر للحفاظ على تراثها والتعريف به. من المتوقع أن يكون له تأثيرات إيجابية متعددة الأبعاد:
- على الصعيد السياحي: سيسهم في جذب شرائح جديدة من السائحين المهتمين بالتكنولوجيا والتجارب الرقمية، ويعزز من مكانة مصر كوجهة سياحية حديثة ومبتكرة.
- على الصعيد الثقافي: سيعزز الوعي بالحضارة المصرية على نطاق عالمي، ويقدم أداة تعليمية وبحثية قيمة للدارسين والمهتمين.
- على الصعيد التكنولوجي: يرسخ من مكانة مصر كمركز إقليمي للتحول الرقمي وتطبيق التكنولوجيا المتقدمة في قطاع الثقافة والتراث.
- على صعيد الحفظ: يوفر سجلًا رقميًا آمنًا للتراث، يكمل جهود الحفظ المادي ويحميه من المخاطر المحتملة.
هذا التعاون الاستراتيجي بين وزارتي الاتصالات والسياحة والآثار يؤكد على التزام الدولة المصرية بالاستفادة القصوى من الإمكانات الرقمية في خدمة أهدافها التنموية والثقافية، ويعد نموذجًا للشراكة الفاعلة بين المؤسسات الحكومية لتحقيق رؤية مصر 2030.





