وزير الاتصالات يشهد تخريج أكثر من 5000 متخصص في الأمن السيبراني لتعزيز الكفاءات الرقمية الوطنية
شهد الدكتور عمرو طلعت، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، مؤخرًا حفل تخريج الدفعة الثانية من أكاديمية الأمن السيبراني للنشء والشباب، التابعة للمعهد القومي للاتصالات (NTI). تضمن الحفل تخريج ما يزيد عن 5000 متدرب، بواقع 5016 متدربًا على وجه الدقة، الذين أكملوا برامج تدريبية متخصصة في مجال الأمن السيبراني. يعكس هذا الحدث البارز التزام الدولة بتعزيز قدراتها الرقمية وتحصين بنيتها التحتية ضد التهديدات السيبرانية المتزايدة، وذلك من خلال الاستثمار في الكوادر البشرية الشابة وتأهيلها لسوق العمل الرقمي.

خلفية وأهمية البرنامج
يأتي هذا التخريج في سياق زمني تشهد فيه مصر تسارعًا كبيرًا في خطط التحول الرقمي الشامل، والتي تشمل رقمنة الخدمات الحكومية، وتوسيع نطاق الاعتماد على التكنولوجيا في القطاعات الاقتصادية المختلفة. ومع هذا التوسع الرقمي، تتزايد الحاجة الملحة إلى كوادر مؤهلة في مجال الأمن السيبراني قادرة على حماية البيانات والأنظمة الحيوية من الهجمات الإلكترونية المتطورة. تُعد أكاديمية الأمن السيبراني للنشء والشباب أحد الأذرع الرئيسية لهذه الاستراتيجية الوطنية، حيث تسعى إلى بناء جيل جديد من الخبراء القادرين على مواجهة التحديات السيبرانية المعاصرة والمستقبلية.
يهدف برنامج الأكاديمية إلى سد الفجوة الكبيرة في المهارات المتخصصة في مجال الأمن السيبراني، ليس فقط على المستوى المحلي بل والإقليمي والدولي. ففي ظل التطور التكنولوجي السريع، أصبحت الهجمات السيبرانية أكثر تعقيدًا وتنوعًا، مما يستدعي وجود متخصصين ذوي كفاءة عالية لحماية البنى التحتية الحيوية، والقطاعات المالية، والخدمات الصحية، والبيانات الشخصية للمواطنين. ويؤكد هذا البرنامج على إدراك الحكومة لأهمية الأمن السيبراني كركيزة أساسية للأمن القومي والتنمية الاقتصادية المستدامة.
تفاصيل الدفعة المتخرجة ونطاق التدريب
شملت الدفعة المتخرجة عددًا كبيرًا من المتدربين من مختلف المراحل العمرية، ما يدل على استهداف البرنامج لشرائح واسعة من الشباب والأطفال لغرس الوعي والمهارات السيبرانية لديهم في سن مبكرة. تم تنفيذ البرامج التدريبية المتخصصة في 14 محافظة على مستوى الجمهورية، مما يبرز النطاق الجغرافي الواسع للمبادرة ويؤكد على جهود الدولة في تعميم الاستفادة من هذه البرامج على مستوى الأقاليم المختلفة، وليس قصرها على المراكز الحضرية الكبرى.
تنوعت البرامج التدريبية لتغطي جوانب متعددة من الأمن السيبراني، بما في ذلك:
- أساسيات الأمن السيبراني ومفاهيمه الرئيسية.
 - تقنيات حماية الشبكات والأنظمة.
 - التعامل مع التهديدات ونقاط الضعف.
 - أخلاقيات الهاكينج والاختراق الأخلاقي.
 - أمن البيانات والخصوصية الرقمية.
 - الاستجابة للحوادث السيبرانية وإدارة المخاطر.
 
صُممت هذه البرامج لتوفر للمتدربين المعرفة النظرية والمهارات العملية اللازمة للعمل في مختلف أدوار الأمن السيبراني، مما يؤهلهم للانخراط في سوق العمل بقوة ويجعلهم إضافة قيمة للمؤسسات الحكومية والخاصة التي تسعى لتعزيز دفاعاتها السيبرانية.
رؤية مستقبلية وتصريحات الوزير
أكد الدكتور عمرو طلعت في كلمته خلال الحفل على الأهمية القصوى لتنمية رأس المال البشري في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، مشيرًا إلى أن الشباب هم الركيزة الأساسية لتحقيق رؤية مصر الرقمية. وشدد الوزير على أن برامج تدريب الأمن السيبراني هي جزء لا يتجزأ من استراتيجية وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات لبناء القدرات الرقمية الوطنية، والتي تهدف إلى إعداد مليون مبرمج وتأهيل الكفاءات في مجالات التكنولوجيا المتقدمة مثل الذكاء الاصطناعي، وتحليل البيانات، والأمن السيبراني.
كما أشار الوزير إلى أن الهدف ليس فقط تخريج متخصصين، بل بناء منظومة متكاملة لدعم الابتكار وريادة الأعمال في قطاع الأمن السيبراني، مما يسهم في خلق فرص عمل جديدة وتشجيع الشركات الناشئة على النمو في هذا المجال الحيوي. وتتطلع الوزارة إلى مواصلة التوسع في هذه البرامج لتشمل أعدادًا أكبر وتخصصات أدق، لمواكبة التطورات العالمية في مشهد الأمن السيبراني المعقد.
الأثر المتوقع على الأمن القومي والتنمية
يُتوقع أن يكون لتخريج هذه الدفعة الكبيرة أثر إيجابي ملموس على عدة مستويات. فمن ناحية، سيسهم هؤلاء المتخصصون في تعزيز القدرات الدفاعية لمصر ضد الهجمات السيبرانية، سواء كانت تستهدف البنية التحتية الحيوية أو المؤسسات الحكومية أو القطاع الخاص. ومن ناحية أخرى، فإن وجود هذه الكفاءات سيجذب الاستثمارات في قطاع تكنولوجيا المعلومات، مما يدعم الاقتصاد الرقمي ويسهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
علاوة على ذلك، فإن تمكين الشباب بهذه المهارات المتقدمة يفتح أمامهم آفاقًا واسعة للعمل محليًا ودوليًا، ويضع مصر على خريطة الدول الرائدة في إنتاج الكفاءات الرقمية. هذا الاستثمار في رأس المال البشري يمثل خطوة استراتيجية نحو بناء مجتمع رقمي آمن ومزدهر، قادر على الاستفادة الكاملة من فرص العصر الرقمي مع حماية نفسه من مخاطره.





