وزير الثقافة: الدولة تعزز دعمها لتطوير أكاديمية الفنون بالهرم وتأهيل طلابها لقيادة نهضة الفن
قام وزير الثقافة، الدكتور أحمد فؤاد هَنو، الأربعاء الماضي، 15 مايو 2024، بزيارة تفقدية موسعة لأكاديمية الفنون بالهرم، تأكيدًا على الأهمية الاستراتيجية التي توليها الدولة لتطوير هذه المؤسسة التعليمية الرائدة ودعم طلابها ليكونوا القوة الدافعة لنهضة الفن في مصر. جاءت الزيارة في سياق متابعة التقدم المحرز في خطط التحديث الشاملة الرامية إلى الارتقاء بمستوى التعليم الفني، وتخريج أجيال من الفنانين المؤهلين ليس فقط للإبداع، بل أيضًا لقيادة المشهد الثقافي والفني محليًا ودوليًا.

الخلفية والأهمية الاستراتيجية لأكاديمية الفنون
تُعد أكاديمية الفنون بالهرم، التي تأسست عام 1959، صرحًا تعليميًا وثقافيًا فريدًا في مصر والمنطقة. تضم الأكاديمية تسعة معاهد عليا متخصصة، تغطي طيفًا واسعًا من الفنون، بما في ذلك المعهد العالي للفنون المسرحية، والمعهد العالي للسينما، والمعهد العالي للموسيقى العربية، ومعهد الباليه، ومعهد الفنون الشعبية، ومعهد النقد الفني، وغيرها. لطالما كانت الأكاديمية الرافد الأساسي للعديد من الشخصيات الفنية البارزة التي أثرت الحركة الفنية المصرية والعربية على مدار عقود.
وعلى الرغم من إسهاماتها التاريخية، واجهت الأكاديمية في السنوات الأخيرة تحديات تتعلق بالحاجة الملحة لتحديث بنيتها التحتية وتقنياتها التعليمية، ومواكبة التطورات العالمية المتسارعة في أساليب التدريس الفني والإنتاج الإبداعي. يأتي اهتمام الدولة الحالي استجابة لهذه التحديات، وبهدف ترسيخ مكانة الأكاديمية كمركز إقليمي للتميز الفني، لا سيما في ظل التوجهات العالمية التي تؤكد على الدور المحوري للفنون والثقافة في التنمية الشاملة، وبناء الهوية الوطنية، وتعزيز القوة الناعمة للدولة.
التطويرات الجارية وتوجيهات الوزير لدعم الطلاب
خلال جولته التفقدية، اطلع الدكتور هَنو على آخر المستجدات في مشروع تطوير الأكاديمية، الذي يندرج تحت مظلة خطة الدولة لرفع كفاءة المؤسسات التعليمية. يشمل المشروع تجديدًا شاملاً للاستوديوهات الفنية، وقاعات التدريب المجهزة، والمسارح، إلى جانب تحديث المعامل المتخصصة والمكتبات لتزويدها بأحدث التقنيات الرقمية والمراجع الأكاديمية والفنية المتطورة. وشدد الوزير على أهمية تسريع وتيرة العمل لضمان الانتهاء من جميع هذه المشروعات وفقًا للجداول الزمنية المحددة، وبأعلى معايير الجودة العالمية، لخلق بيئة تعليمية محفزة وملهمة.
كما أولى الوزير اهتمامًا خاصًا لمحور دعم الطلاب وتنمية قدراتهم، مؤكدًا أن الاستثمار في المواهب الشابة هو جوهر أي نهضة فنية مستدامة. وقد تضمنت توجيهاته الصريحة لقيادات الأكاديمية ما يلي:
- توسيع برامج المنح الدراسية: لضمان حصول الطلاب الموهوبين من مختلف الطبقات الاجتماعية على فرص متساوية للتعليم الفني المتميز، وتغطية الرسوم الدراسية ومصاريف المعيشة للطلاب المستحقين.
- تطوير المناهج الدراسية: تحديث المناهج لتشمل أحدث الاتجاهات العالمية في الفنون، مع التركيز على الفنون الرقمية، والوسائط المتعددة، والفنون البينية، وتعزيز الجانب التطبيقي والمشاريع الإبداعية التي تنمي روح الابتكار وريادة الأعمال الفنية.
- برامج الإرشاد والتوجيه المهني: إقامة جسور قوية بين الطلاب وشخصيات فنية بارزة، وخبراء في الصناعات الثقافية والإبداعية، لتقديم الإرشاد المهني، والتوجيه العملي، ومساعدتهم في بناء شبكات علاقات احترافية.
- دعم فرص التوظيف وريادة الأعمال: بناء شراكات استراتيجية مع المؤسسات الفنية، وشركات الإنتاج السينمائي والمسرحي، والقنوات التلفزيونية، والمعارض الفنية، لتوفير فرص تدريب عملي وظيفي للخريجين، وتقديم الدعم لمشاريعهم الفنية الريادية لضمان انتقالهم السلس إلى سوق العمل.
- تعزيز التعاون الدولي: توسيع نطاق برامج التبادل الطلابي والأكاديمي مع أكاديميات وجامعات فنية عالمية مرموقة، مما يفتح آفاقًا جديدة أمام الطلاب وأعضاء هيئة التدريس لتبادل الخبرات والتعرف على المدارس الفنية المختلفة.
- إبراز إبداعات الطلاب: توفير منصات لعرض أعمال الطلاب الفنية داخل وخارج الأكاديمية، وتنظيم المهرجانات والمعارض الدورية لتسليط الضوء على مواهبهم وتشجيعهم.
الرؤية والأهداف الاستراتيجية لنهضة الفن
أوضح الوزير أن هذه الجهود لا تُعد مجرد تحسينات إجرائية أو تحديثات روتينية، بل هي جزء لا يتجزأ من رؤية أوسع للدولة تهدف إلى تعزيز مكانة مصر كمركز إشعاع ثقافي وفني رائد في المنطقة والعالم. وأكد على أن الفن ليس مجرد ترفيه أو مادة للدراسة، بل هو أداة قوية لتعزيز الهوية الوطنية، ونشر قيم التسامح والجمال والإبداع، والمساهمة بفاعلية في الاقتصاد الوطني من خلال دعم وتطوير الصناعات الإبداعية والثقافية.
تستهدف هذه الرؤية تخريج فنانين ليسوا فقط مبدعين وذوي مهارات عالية في مجالاتهم الفنية، بل أيضًا قادرين على التأثير الإيجابي في مجتمعاتهم، وطرح رؤى جديدة، والمشاركة بفاعلية في الحوار الثقافي العالمي. وهذا يتطلب بيئة تعليمية محفزة وموارد كافية لتمكينهم من تحقيق أقصى إمكاناتهم الفنية والفكرية.
التطلعات المستقبلية والأثر المتوقع
من المتوقع أن تسهم هذه الخطوات في إحداث نقلة نوعية وجذرية في مستوى التعليم الفني بمصر، مما سينعكس إيجابًا ومباشرة على جودة الإنتاج الفني في مختلف المجالات، بدءًا من السينما والمسرح وصولًا إلى الموسيقى والفنون التشكيلية. سيجد الطلاب في أكاديمية الفنون بيئة تعليمية أكثر تطورًا وحداثة، تمكنهم من صقل مواهبهم وتطوير مهاراتهم الفنية والتقنية والمعرفية بشكل مستمر.
على المدى الطويل، يُتوقع أن تعزز أكاديمية الفنون دورها كحاضنة رئيسية للمواهب ومصدر مستدام للإبداع والابتكار الفني، وأن يسهم خريجوها بفاعلية في إثراء الحركة الفنية المصرية والعربية والدولية، وأن يكونوا بحق نواة حقيقية لنهضة الفن التي تطمح إليها الدولة المصرية، مما يعكس قوة مصر الناعمة ومكانتها الثقافية والحضارية العريقة على الساحة العالمية. تؤكد هذه المبادرة التزام الحكومة المستمر والراسخ بدعم القطاع الثقافي والفني، وإيمانها العميق بأن الاستثمار في الإبداع البشري هو استثمار مباشر في مستقبل الأمة وازدهارها.




