ياسر جلال يعتذر للشعب الجزائري بعد تصريحات مثيرة للجدل حول دور جيشهم عام 1967
أثارت تصريحات للممثل المصري ياسر جلال موجة واسعة من الجدل والغضب، لا سيما في الجزائر، بعد أن روى قصة "غير مثبتة" عن دور للجيش الجزائري في القاهرة خلال حرب عام 1967. وقد دفعت ردود الفعل القوية الممثل إلى تقديم اعتذار رسمي، مؤكداً على احترامه العميق للشعب الجزائري وتاريخه، وموضحاً أن ما ذكره لم يكن سوى حكاية شخصية غير موثقة سمعها من والده.

تفاصيل التصريحات التي أثارت الجدل
خلال استضافته في برنامج "آخر النهار" على إحدى الفضائيات المصرية في أكتوبر 2023، تطرق ياسر جلال إلى ذكريات والده، المخرج الراحل أحمد جلال. وفي سياق حديثه، سرد رواية شخصية مفادها أن وحدات من الجيش الجزائري كانت قد أُرسلت إلى القاهرة للمشاركة في المجهود الحربي بعد نكسة 1967، وأن بعض أفرادها تورطوا في أعمال شغب بمنطقة العتبة، مما استدعى تدخل الشرطة المصرية للسيطرة على الموقف. شدد جلال أثناء سرده للواقعة على أنها "رواية غير مثبتة" وأنه ينقلها كما سمعها، دون أن يقدم أي دليل تاريخي يدعمها.
ردود الفعل الغاضبة على مواقع التواصل
فور انتشار مقطع الفيديو، اشتعلت منصات التواصل الاجتماعي بردود فعل غاضبة من جانب المستخدمين الجزائريين بشكل خاص، بالإضافة إلى بعض المصريين والعرب الذين اعتبروا التصريحات مسيئة وغير دقيقة. تركز الانتقاد على أن هذه الرواية تشوه صورة الجيش الجزائري وتاريخه المشرف في دعم القضايا العربية، وخاصة مساندته لمصر في حربي 1967 و1973. واعتبر الكثيرون أن مجرد تداول مثل هذه الحكايات غير الموثقة من شخصية عامة ومؤثرة يمثل تقليلاً من حجم التضحيات التي قدمها الجنود الجزائريون، الذين تركوا بلادهم للدفاع عن الأراضي العربية.
كما أشار المعلقون إلى أن الرواية تتناقض مع السجلات التاريخية المعروفة التي تؤكد على الانضباط العالي والروح القتالية للجيش الجزائري خلال مشاركاته الخارجية، مؤكدين أن هذه التصريحات تخدم أهداف الفتنة بين شعبين شقيقين تربطهما علاقات تاريخية متينة.
الاعتذار الرسمي وتوضيح الموقف
في مواجهة العاصفة الإعلامية والشعبية، سارع ياسر جلال إلى احتواء الأزمة. وفي مداخلة هاتفية مع نفس البرنامج بعدها بأيام قليلة، قدم اعتذاراً صريحاً للشعب الجزائري. وأعرب عن أسفه العميق قائلاً: "أنا أخطأت وأعتذر للشعب الجزائري الشقيق... حقكم علينا". وأوضح أنه لم يقصد أبداً الإساءة أو التشكيك في تاريخ الجيش الجزائري العظيم، وأن ما قاله كان مجرد "حكاية عابرة" سمعها في طفولته ونقلها بحسن نية دون إدراك لمدى حساسيتها.
وأكد جلال على احترامه الكامل لدولة الجزائر، رئيساً وشعباً وجيشاً، مشيداً بالعلاقات الأخوية والتاريخية التي تجمع بين مصر والجزائر. وقد لاقى هذا الاعتذار قبولاً لدى قطاع من الجمهور الذي رأى فيه شجاعة أدبية، بينما استمر آخرون في انتقاد غياب التدقيق قبل الإدلاء بمثل هذه التصريحات التاريخية الحساسة.
الأهمية التاريخية للعلاقات المصرية الجزائرية
لفهم أبعاد هذه الأزمة، لا بد من العودة إلى السياق التاريخي. فقد كانت الجزائر من أوائل الدول التي أرسلت دعماً عسكرياً كبيراً لمصر وسوريا بعد اندلاع حرب يونيو 1967. حيث أرسلت فيلقاً من القوات البرية وأسراباً من الطائرات المقاتلة للمشاركة في الدفاع عن الجبهة المصرية. وتكرر هذا الدعم بشكل أكبر وأكثر فاعلية في حرب أكتوبر 1973، حيث شاركت الجزائر بكامل ثقلها العسكري والمالي، وهو ما يمثل جزءاً أصيلاً من الذاكرة الوطنية في كلا البلدين.
لذلك، فإن أي رواية تشكك في هذا الدور أو تصوره بشكل سلبي تعتبر مساساً بتاريخ مشترك من التضحية والنضال، وهو ما يفسر حساسية الموقف وسرعة انتشار الغضب. ويبرز الحادث أهمية توخي الدقة والمسؤولية عند تناول الشخصيات العامة للروايات التاريخية، خاصة تلك التي تتعلق بالعلاقات بين الدول والشعوب.





