يسرا تحسم الجدل الطويل حول واقعة "اقتحام الغرفة" مع يوسف شاهين
شغلت الممثلة المصرية القديرة يسرا الرأي العام مؤخرًا بتصريحاتها التي تهدف إلى وضع حد لجدل مستمر منذ عقود حول حادثة مثيرة للجدل جمعتها بالمخرج السينمائي العالمي الراحل يوسف شاهين. يتعلق الأمر بوقعة عُرفت إعلاميًا باسم "اقتحام الغرفة"، والتي طالما أثارت تساؤلات وتكهنات حول طبيعة العلاقة بين النجمة الكبيرة ومعلمها.

تُعد العلاقة الفنية والشخصية بين يسرا ويوسف شاهين إحدى الركائز الأساسية في مسيرة السينما المصرية والعربية. فقد كان شاهين بمثابة الأب الروحي والمرشد الفني ليسرا، حيث اكتشف موهبتها وقدمها في العديد من أفلامه الخالدة التي شكلت علامات فارقة في تاريخها وتاريخ السينما، منها "حدوتة مصرية"، "عودة الابن الضال"، "إسكندرية كمان وكمان"، و"المهاجر". تميزت علاقتهما بعمق فني فريد، وبأسلوب إخراجي من شاهين كان يتسم بالشغف الشديد والحدة أحيانًا، ما جعله يتبنى منهجًا غير تقليدي في التعامل مع ممثليه.
تركز الجدل المثار حول حادثة "اقتحام الغرفة" على رواية مفادها أن يوسف شاهين دخل غرفة يسرا الفندقية دون استئذان أثناء تصوير أحد الأفلام في بداية مسيرتها. هذه الرواية، التي انتشرت بشكل واسع على مر السنين، أدت إلى تفسيرات متباينة، تراوحت بين من رأى فيها تجاوزًا لحدود العلاقة المهنية، وبين من بررها في سياق شغف شاهين الفني واندفاعه الإبداعي. وقد ظلت هذه الحادثة مصدرًا للتساؤلات الإعلامية ومركزًا للنقاشات الجماهيرية حول طبيعة العلاقات في الوسط الفني.
في تصريحاتها الأخيرة، والتي جاءت خلال مقابلة تلفزيونية مؤخرًا، قدمت يسرا روايتها التفصيلية للواقعة، مؤكدة أنها لم تشعر قط بالتهديد أو بعدم الارتياح من جانب يوسف شاهين. أوضحت يسرا أن شاهين، الذي وصفته بالأب والمعلم، كان معروفًا بشخصيته القوية وغير التقليدية، وبتركيزه المطلق على الفن. فقد كان يقدم على مثل هذه التصرفات بدافع غيرته الشديدة على العمل ورغبته في الوصول إلى أقصى درجات الإتقان من ممثليه، حتى لو بدا ذلك غريبًا للبعض. وأكدت أن تصرفه كان نابعًا من رغبة في تحفيزها ودمجها كليًا في الدور، وليس من أي نية سلبية أو غير لائقة، مشددة على الاحترام المتبادل والثقة العميقة التي جمعتهما.
تكتسب تصريحات يسرا أهمية خاصة في ظل استمرار النقاشات حول شخصية يوسف شاهين وتراثه الفني، خصوصًا بعد رحيله. فهي تمثل شهادة مباشرة من أحد أبرز المقربين منه فنيًا وشخصيًا، وتسهم في إعادة تأطير السردية حول هذه الحادثة من منظور يسرا ذاتها. تسعى هذه التصريحات إلى حماية إرث شاهين الفني من التفسيرات الخاطئة التي قد تشوه صورته، وتقديم فهم أعمق لديناميكية العلاقات الفنية المعقدة في زمن كان فيه الشغف الفني يتجاوز أحيانًا الحدود المتعارف عليها.
تأتي هذه التوضيحات الأخيرة لتضع نقطة فاصلة في جدل طال أمده، ولتعيد بناء الفهم العام لواقعة أثرت على مدار سنوات في الصورة الذهنية لعلاقة فنية كانت مؤثرة في تاريخ السينما المصرية. فبصفتها الطرف الأساسي في هذه الواقعة، تقدم يسرا منظورها الشخصي الذي يسعى إلى إنهاء التكهنات وإرساء الحقائق من وجهة نظرها، بما يعزز فهمنا للشخصيات الكبيرة التي شكلت وجدان الفن العربي.





