تامر محسن يؤكد: يوسف شاهين الأبرع في توجيه الممثلين
أدلى المخرج المصري البارز تامر محسن بتصريح لافت خلال فعاليات الدورة الثانية من مهرجان الفيوم الدولي لأفلام البيئة والفنون المعاصرة، حيث أشار إلى تقديره العميق للمخرج الراحل يوسف شاهين. جاء هذا التصريح ضمن ماستر كلاس قدمه محسن، مؤكداً أن شاهين، على الرغم من اختلافه معه في المدرسة الإخراجية، يظل "أعظم من حرّك ممثل". تعكس هذه الإشادة اعترافاً بمكانة شاهين الفريدة في المشهد السينمائي العربي وقدرته الفائقة على استخراج أفضل أداء من ممثليه.

خلفية التصريح وسياق الحدث
يعدّ تامر محسن من أبرز المخرجين في الدراما والسينما المصرية المعاصرة، وقد اشتهر بأسلوبه الواقعي والعميق في معالجة القضايا الاجتماعية والنفسية، من خلال أعمال حازت على إشادة جماهيرية ونقدية واسعة مثل مسلسلات "تحت السيطرة" و"هذا المساء". يتميز محسن بقدرته على بناء شخصيات مركبة وتقديم حكايات تتسم بالصدق، ما يجعل رأيه في توجيه الممثلين ذا ثقل كبير في الصناعة.
في المقابل، يمثل يوسف شاهين (1926-2008) أيقونة في تاريخ السينما العربية والعالمية. تميزت أفلامه بأسلوبها الجريء والمختلف، الذي يمزج بين الواقعية والتعبيرية، ويستعرض قضايا الهوية والحرية والطبقات الاجتماعية في مصر. تُعرف "مدرسة شاهين" بشغفها بالسينما، وتوجيه الممثلين نحو أداء قوي ومكثف، يلامس أحياناً حدود المبالغة الفنية، لكنه دائماً ما يكون مؤثراً وراسخاً في الذاكرة. أخرج شاهين عدداً كبيراً من الأفلام الخالدة مثل "باب الحديد"، "الأرض"، و"المصير"، واكتشف وقدم نجوماً كباراً.
ويقام مهرجان الفيوم الدولي لأفلام البيئة والفنون المعاصرة في دورته الثانية بهدف تسليط الضوء على الأفلام التي تتناول قضايا البيئة والفنون المعاصرة، ويهدف إلى إثراء الحراك الثقافي والفني في مصر. وتعتبر الماستر كلاسات جزءاً أساسياً من هذه المهرجانات، حيث تتيح الفرصة للجمهور والمهنيين للاستفادة من خبرات كبار صناع الأفلام ومناقشة الجوانب المختلفة للعمل السينمائي.
أهمية الإشادة ودلالاتها
تكمن أهمية تصريح تامر محسن في عدة نقاط محورية. أولاً، يأتي هذا الإقرار من مخرج يمتلك هوية إخراجية مستقلة وراسخة، ولا يُصنف تقليدياً ضمن تلاميذ يوسف شاهين أو المتأثرين المباشرين بأسلوبه. وهذا يعزز من مصداقية الإشادة ويجعلها شهادة محايدة وعميقة لقدرة شاهين الفذة.
ثانياً، تسلط الإشادة الضوء على جانب أساسي في عبقرية يوسف شاهين، وهو قدرته على التعامل مع الممثلين وتوجيههم. فـ توجيه الممثلين يُعد من أصعب وأهم مهام المخرج، إذ يتطلب فهماً عميقاً للنفس البشرية، وحساسية فنية، وقدرة على التواصل مع الفنان لاستخراج أفضل ما لديه من طاقات تعبيرية. يرى محسن، رغم اختلافه الفني، أن شاهين امتلك هذه الموهبة بشكل استثنائي، مما جعله قادراً على صياغة أداءات لا تُنسى في تاريخ السينما المصرية.
ثالثاً، يعكس التصريح روحاً من الاحترام المهني والتقدير الفني بين أجيال مختلفة من المخرجين. فالمخرجون المعاصرون، حتى وإن كانوا يبتعدون عن الأساليب التقليدية أو يتبنون رؤى مغايرة، لا يزالون يعترفون بالإرث الكبير الذي تركه رواد السينما مثل يوسف شاهين، ويستلهمون منه في جوانب مختلفة من عملهم.
التأثير على المشهد الثقافي
تساهم مثل هذه التصريحات في إثراء الحوار حول تاريخ السينما المصرية وتطورها. إنها تذكر الأجيال الجديدة بأهمية الرواد وتأثيرهم الدائم، وتشجع على إعادة النظر في أعمالهم وتقييمها من منظور معاصر. كما أنها تعزز من الوعي بمدارس الإخراج المختلفة وتأثير كل منها على الأداء التمثيلي، وهو ما يخدم النقاش النقدي والفني للسينما ككل. بهذا، يواصل إرث يوسف شاهين في تشكيل وعي صناع الأفلام والجمهور على حد سواء، مؤكداً مكانته كواحد من أبرز الأسماء في فن توجيه الممثل.





