المخرج تامر محسن يسلط الضوء على قيمة الفيلم الثقافي كأيقونة سينمائية مصرية
أكد المخرج المصري البارز تامر محسن، خلال مشاركته الأخيرة في الدورة الثانية من مهرجان الفيوم الدولي لأفلام البيئة والفنون المعاصرة، على الدور المحوري لـ "الفيلم الثقافي"، معتبرًا إياه أحد أبرز أيقونات السينما المصرية الخالدة. جاءت تصريحات محسن ضمن فعالية "الماستر كلاس" التي قدمها لجمهور المهرجان وطلابه، حيث تطرق إلى رؤيته الفنية وفلسفته الخاصة في التعامل مع الأعمال السينمائية.

محور الماستر كلاس ورؤية تامر محسن الفنية
قدم المخرج تامر محسن، المعروف بأعماله المميزة التي تتسم بالعمق والتناول الفني الراقي، جلسة ماستر كلاس ملهمة حضرها عدد كبير من صناع الأفلام والمهتمين بالسينما. وقد تركز النقاش على أهمية الأفلام التي تتجاوز الترفيه البحت لتقدم قيمة فكرية وثقافية حقيقية. هذه الجلسة، التي أقيمت في مطلع نوفمبر 2023، شكلت إضافة نوعية لفعاليات المهرجان الذي يهدف إلى تعزيز الوعي البيئي والفني من خلال السينما.
- تعريف الفيلم الثقافي وأيقونيته: أوضح محسن أن "الفيلم الثقافي" ليس مجرد صنف من الأفلام، بل هو مفهوم يشمل الأعمال التي تترك بصمة عميقة في الوعي الجمعي، وتساهم في تشكيل الهوية الثقافية. هذه الأفلام، برأيه، تتميز بقدرتها على الصمود أمام اختبار الزمن وتظل مرجعًا فنيًا وفكريًا للأجيال المتعاقبة، مما يخولها مكانة "الأيقونة" في تاريخ السينما المصرية الغني.
- معايير الأيقونية السينمائية: لم يربط محسن الأيقونية بالنجاح التجاري فقط، بل شدد على عوامل أخرى مثل الجودة الفنية، والجرأة في طرح الموضوعات، والابتكار في السرد البصري، وقدرة الفيلم على إثارة النقاشات الفكرية والاجتماعية.
- فلسفة المشاهدة السينمائية: تطرق محسن إلى علاقته الشخصية بالأفلام، متسائلاً عما إذا كانت علاقة تحليل ونقد أم مجرد مشاهدة. وشارك الحضور بتفضيله الشخصي لمشاهدة الأفلام بـ "قلب طفل"، ما يعني الاقتراب من العمل الفني بعفوية وشغف، متحررًا من الأحكام المسبقة أو الرغبة في التفكيك المفرط، وهو ما يسمح بتجربة حسية وعاطفية أعمق.
أهمية الفيلم الثقافي في المشهد السينمائي المصري
تتمتع السينما المصرية بتاريخ عريق وحافل بالأعمال التي لم تقتصر على التسلية فحسب، بل كانت منارات ثقافية واجتماعية. تتوافق رؤية تامر محسن حول الفيلم الثقافي مع التقليد السينمائي المصري الذي أنتج أعمالًا تعتبر اليوم جزءًا لا يتجزأ من الذاكرة الوطنية والفنية.
تساهم الأفلام الثقافية في إثراء الحوار المجتمعي وتقديم رؤى فنية متنوعة تعكس التطورات الاجتماعية والسياسية والفكرية. هذه الأعمال غالبًا ما تصبح وثائق تاريخية وفنية، تتجاوز حدود الزمن لتقدم محتوى غنيًا يظل محط اهتمام الدارسين والجمهور على حد سواء.
مهرجان الفيوم الدولي: منبر للفنون المعاصرة
يُعد مهرجان الفيوم الدولي لأفلام البيئة والفنون المعاصرة منصة حيوية لتبادل الأفكار الفنية والثقافية. يهدف المهرجان، في دورته الثانية، إلى دمج الوعي البيئي بالفن المعاصر، وتقديم مساحة للمبدعين لعرض أعمالهم التي تعالج قضايا مهمة.
استضافة شخصيات بحجم تامر محسن في فعاليات الماستر كلاس ترفع من قيمة المهرجان الفنية والأكاديمية، وتوفر فرصة لا تقدر بثمن للمشاركين للاستفادة من خبرات المخرجين الكبار، وتلهم جيلًا جديدًا من صناع الأفلام لإنتاج أعمال ذات قيمة فنية وفكرية عميقة.
التأثير الأوسع والإرث الفني
تعكس تصريحات تامر محسن دعوة أوسع لتقدير وتعزيز الأعمال السينمائية التي تثري الوعي وتترك إرثًا ثقافيًا. إن تركيزه على قيمة الفيلم الثقافي وضرورة التعامل معه بـ "قلب طفل" يوجه رسالة قوية للمشاهدين والنقاد على حد سواء لإعادة اكتشاف المتعة الأصيلة في الفن، بعيدًا عن التنميط والتحليل المفرط.
يساهم هذا الخطاب في حماية الإرث السينمائي المصري وتعزيز الوعي بأهمية الأفلام التي تحمل رسالة وتجسد عمقًا فنيًا، مؤكدًا على أن السينما ليست مجرد صناعة ترفيهية، بل هي مرآة للمجتمع ووسيلة للتعبير عن الوجدان الإنساني.





