يوسف الحسيني يدافع عن موالد الصوفية: تأكيد على مكانة السيد البدوي ورفض للانتقادات
أثار الإعلامي المصري البارز، يوسف الحسيني، نقاشًا واسعًا مؤخرًا بتصريحاته التي دافع فيها بشدة عن الموالد الصوفية في وجه منتقديها. جاءت تصريحاته، التي تزامنت مع أجواء الاحتفالات الدينية، لتسلط الضوء على الأهمية الثقافية والروحية المتجذرة لهذه الأحداث في النسيج المصري. وقد تحدى الحسيني بشكل مباشر منتقدي الممارسات الصوفية، مؤكدًا أنهم «لا يعرفون من هو السيد البدوي»، في إشارة قوية لما اعتبره جهلاً بقامة روحية وتاريخية محورية في التصوف الشعبي المصري.
الخلفية: الموالد الصوفية في مصر
تُعد الموالد السنوية، وهي احتفالات بمناسبات ميلاد الأولياء الصالحين وأهل بيت النبي محمد وشخصيات دينية بارزة، حجر الزاوية في الممارسة الدينية الشعبية في مصر والعديد من البلدان الإسلامية، خاصة ضمن التقاليد الصوفية. تتميز هذه الاحتفالات بأجواء احتفالية نابضة بالحياة، وأناشيد دينية (ذكر)، وتلاوات للقرآن الكريم، وتجمعات مجتمعية تستقطب في كثير من الأحيان الملايين من المريدين والزوار.
على مر القرون، لعبت الموالد دورًا متعدد الأوجه في المجتمع المصري، فهي ليست مجرد تجمعات روحية، بل أحداث ثقافية واجتماعية واقتصادية مهمة. إنها تعزز الشعور بالانتماء المجتمعي، وتوفر فرصًا للأعمال الخيرية، وتسمح للمتابعين بالتعبير عن إخلاصهم للأولياء الصالحين، مؤمنين بشفاعتهم وبركاتهم. تشمل الموالد البارزة مولد الإمام الحسين، والسيدة زينب، وعلى الأخص مولد السيد أحمد البدوي في طنطا، والذي يُعد أحد أكبر التجمعات الدينية السنوية في البلاد. وقد أشار الحسيني في سياق حديثه إلى الأجواء الاحتفالية التي شهدتها الليلة الختامية لمولد الإمام الحسين، مشيدًا بمشاركة نحو 80 طريقة صوفية في هذه المناسبة، مما يعكس مدى اتساع هذه الاحتفالات وانتشارها.
الجدل: الانتقادات والدفاع
على الرغم من شعبيتها الواسعة، تواجه الموالد الصوفية انتقادات متكررة، تأتي في المقام الأول من التيارات الإسلامية الأكثر تحفظًا، مثل التيار السلفي. يرى المنتقدون أن هذه الاحتفالات تشكل «بدعة» (ابتكارًا غير مشروع في الدين)، بحجة أنها لم تُقر صراحةً في الممارسات الإسلامية المبكرة وقد تؤدي إلى ممارسات تُعتبر شركًا أو خرافة. تتطرق بعض الانتقادات الأخرى إلى الإسراف الملحوظ، واختلاط الجنسين، أو السلوكيات الملاحظة خلال الاحتفالات والتي يعتبرها البعض منحرفة عن الآداب الإسلامية.
ردًا على هذه الانتقادات المستمرة، دافع يوسف الحسيني، بصفته شخصية إعلامية معروفة، عن هذه التقاليد باستمرار. وتؤكد تصريحاته الأخيرة أن الموالد جزء لا يتجزأ من الهوية والتراث الروحي لمصر، وتعكس حبًا عميقًا واحترامًا للشخصيات الدينية. ويصر الحسيني على أن هذه الاحتفالات ليست مجرد ترفيه، بل تعبيرات عن إيمان عميق واستمرارية ثقافية تميز المجتمع المصري.
كان الإشارة إلى السيد أحمد البدوي في نقد الحسيني للمهاجمين بليغة بشكل خاص. فالسيد البدوي (حوالي 1199–1276) هو أحد أكثر الأولياء الصوفيين تبجيلاً في مصر، ويُعتبر أحد «الأقطاب الأربعة» للتصوف. وقبره في طنطا هو موقع حج رئيسي، ويجذب مولده الملايين. يمثل سؤال الحسيني البلاغي، «أنت متعرفش مين هو السيد البدوي؟»، تحديًا للمنتقدين، يوحي بأنهم يفتقرون إلى فهم العمق التاريخي والروحي والثقافي الذي تمثله شخصيات مثل البدوي لقطاع واسع من الشعب المصري. فبالنسبة للكثيرين، يرمز البدوي إلى الصمود المصري، والقوة الروحية، وهوية وطنية فريدة تشكلها تراثها الصوفي الغني، وقد كان له دور تاريخي في مقاومة الحملات الصليبية.
كما سلط الحسيني الضوء على الوحدة والروح الجماعية الملاحظة خلال هذه الفعاليات، مشيرًا إلى أن «80 طريقة صوفية تحتفل في الليلة الختامية لمولد الإمام الحسين». تؤكد هذه النقطة على القبول الواسع والمشاركة الكبيرة لمختلف الفروع الصوفية، مما يظهر الدعم المنتشر لهذه الممارسات ضمن جزء كبير من المجتمع الديني. وهذا يعارض الرواية التي تصور هذه الأحداث على أنها هامشية أو منعزلة، مقدمًا إياها بدلاً من ذلك على أنها مشاريع مجتمعية كبرى.
تداعيات وسياقات أوسع
يتجاوز النقاش الدائر حول الموالد التفسير الديني البسيط؛ فهو يمس قضايا أوسع تتعلق بالهوية الثقافية، والحفاظ على التراث، وتحديد الممارسات الدينية السائدة في مصر. فالحكومة المصرية غالبًا ما تدعم الممارسات الصوفية التقليدية، معتبرة إياها شكلاً معتدلاً من الإسلام يتناقض مع التفسيرات الأكثر تطرفًا، وبالتالي تلعب دورًا في الحفاظ على التماسك الاجتماعي والهوية الوطنية.
يعكس دفاع الحسيني العلني حوارًا مجتمعيًا مستمرًا حول التعبير الديني والتسامح. وتؤكد تصريحاته على منظور مفاده أن التفسيرات والممارسات المتنوعة، طالما أنها تساهم في الرفاه الروحي والوئام الاجتماعي، يجب أن تُحترم وتُفهم ضمن سياقها الثقافي. وهذا الموقف حاسم في مجتمع تتواجد فيه وجهات نظر دينية مختلفة وتتصادم في كثير من الأحيان.
في الختام، تُعد تصريحات يوسف الحسيني الأخيرة بمثابة تأكيد قوي على الأهمية المستمرة للموالد الصوفية في مصر. فمن خلال دفاعه الشغوف عن هذه الاحتفالات واستحضاره للثقل التاريخي لشخصيات مثل السيد البدوي، يساهم في حوار حيوي حول التراث والإيمان والنضال المستمر لتحديد الهوية الدينية في العصر الحديث. وتبرز مداخلته الأهمية المستمرة لهذه التقاليد التي تعود لقرون لملايين المصريين، مؤكدة دورها ليس فقط كطقوس دينية ولكن كمكونات أساسية للنسيج الثقافي للأمة.





