دار الإفتاء المصرية تحسم الجدل: السيد البدوي من الأولياء الصالحين
في بيان رسمي يهدف إلى إنهاء الجدل الدائر حول المكانة الدينية لأحد أبرز الرموز الصوفية في مصر، حسمت دار الإفتاء المصرية الموقف مؤكدةً أن السيد أحمد البدوي هو من أولياء الله الصالحين. يأتي هذا التوضيح ردًا على التساؤلات والتشكيك الذي يظهر بشكل متكرر من بعض التيارات الفكرية حول مكانته ومشروعية الاحتفاء به.

خلفية الجدل وتاريخه
يعد السيد أحمد البدوي، الذي يقع مقامه في مدينة طنطا، شخصية محورية في التراث الديني والثقافي المصري، حيث يقصده الملايين سنويًا في ذكرى مولده. ومع ذلك، فإن مكانته كـ "ولي" كانت دائمًا موضع نقاش. تنبع جذور هذا الجدل من الاختلاف في التفسيرات الدينية؛ فبينما يرى غالبية المصريين وأتباع الطرق الصوفية في السيد البدوي رمزًا للتقوى والكرامة، تعتبر بعض التيارات السلفية أن الممارسات المرتبطة بأضرحة الأولياء، مثل التبرك بها أو طلب الشفاعة منها، قد تصل إلى حد الابتداع أو الشرك. هذا الخلاف الفقهي يطفو على السطح بشكل دوري، خاصة عبر منصات التواصل الاجتماعي، مما يستدعي تدخل المؤسسات الدينية الرسمية لتقديم رؤيتها.
تفاصيل فتوى دار الإفتاء
أكدت دار الإفتاء المصرية في فتواها، التي أعادت نشرها وتأكيدها في أوقات متفرقة لتوضيح الموقف الشرعي، على مكانة السيد البدوي الرفيعة. وأوضحت الدار أن محبة آل البيت وأولياء الله الصالحين هي جزء من العقيدة الإسلامية الصحيحة، وأن هؤلاء الأولياء هم نماذج يُقتدى بها في الصلاح والتقوى. وبحسب البيان، فإن السيد البدوي شخصية تاريخية موثقة ومعروفة بعلمها وزهدها. وقدمت الدار لمحة عن سيرته الذاتية لتأكيد مكانته:
- الاسم الكامل: السيد الشريف أبو العباس شهاب الدين أحمد البدوي الحُسيني.
- النسب: وصفته الدار بأنه "فرع الشجرة النبوية وسليل البضعة المصطفوية"، مؤكدة أن نسبه ينتهي إلى الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم.
- الميلاد والنشأة: ولد في مدينة فاس بالمغرب عام 596 هـ.
- الوفاة: توفي واستقر في مدينة طنطا بمصر، حيث يوجد ضريحه الآن، في عام 675 هـ.
وشددت الدار على أن إنكار وجود الأولياء أو التقليل من شأنهم هو توجه يخالف ما أجمع عليه علماء الأمة الإسلامية عبر العصور. كما فرّقت الفتوى بين التوسل المشروع، وهو دعاء الله بجاه الصالحين، وبين الشرك، وهو عبادة غير الله، مؤكدة أن محبة الأولياء وزيارة أضرحتهم تندرج تحت القسم الأول ولا تمثل خروجًا عن صحيح الدين.
الأهمية الدينية والثقافية للحكم
يحمل توضيح دار الإفتاء أهمية كبرى على الصعيدين الديني والمجتمعي. فعلى المستوى الديني، يمثل هذا الحكم ترسيخًا لمنهج الأزهر الشريف الوسطي، الذي يتبنى العقيدة الأشعرية والتصوف السني كجزء أصيل من التراث الإسلامي. وبهذا، تواجه المؤسسة الدينية الرسمية الخطابات التي تسعى إلى هدم الرموز الدينية والتراثية في البلاد. أما على المستوى الثقافي والاجتماعي، فإن الفتوى تدعم الموروث الشعبي المرتبط بالسيد البدوي، والذي يعد مولده أكبر احتفال ديني شعبي في مصر. وبذلك، تساهم دار الإفتاء في حماية هذا التراث من محاولات الطمس وتوفر غطاءً شرعيًا لملايين المريدين الذين يعتبرون زيارة مقام البدوي جزءًا لا يتجزأ من ممارساتهم الروحية.





