بلدية غزة تحذر من انهيار الخدمات بسبب منع دخول مواد الإعمار والآليات الأساسية

أصدرت بلدية غزة خلال الأيام الأخيرة تحذيرات متتالية من أن قدرتها على تقديم الخدمات الأساسية للسكان قد وصلت إلى حافة الانهيار الكامل. ويأتي هذا التحذير في ظل استمرار منع دخول الإمدادات الحيوية اللازمة لعمليات الإصلاح وإعادة الإعمار منذ انتهاء الهدنة الإنسانية المؤقتة، مما يفاقم الأزمة الإنسانية في القطاع الذي يعاني من دمار هائل في بنيته التحتية.

خلفية الأزمة: دمار واسع وحاجة ملحة

خلفت العمليات العسكرية الأخيرة دماراً غير مسبوق في مدينة غزة ومناطق أخرى من القطاع. تشير التقديرات الدولية إلى أن ملايين الأطنان من الركام تغطي الأحياء السكنية، بينما تعرضت شبكات المياه والصرف الصحي والطرق والمباني العامة لأضرار جسيمة. وفي هذا السياق، أصبحت الحاجة إلى مواد البناء والمعدات الثقيلة أمراً بالغ الأهمية ليس فقط لبدء جهود إعادة الإعمار، بل أيضاً لتسيير الحياة اليومية وضمان الحد الأدنى من الخدمات للسكان.

التحديات الحالية ونقص الإمدادات

أكد مسؤولون في بلدية غزة أن أي من المواد والمعدات الضرورية لم تدخل إلى المدينة منذ توقف إطلاق النار. ويشمل هذا النقص جوانب متعددة تؤثر بشكل مباشر على عمل الطواقم البلدية، وأبرزها:

مواد البناء: لم يتم السماح بدخول أي كميات من الإسمنت أو حديد التسليح أو المواد الأساسية الأخرى اللازمة لإصلاح شبكات المياه والصرف الصحي أو حتى ترميم المباني الخدمية المتضررة.
الآليات الثقيلة: هناك حاجة ماسة للجرافات والحفارات والشاحنات الكبيرة لإزالة الركام الهائل من الشوارع، وهو ما يعيق حركة سيارات الإسعاف وفرق الطوارئ وتوزيع المساعدات.
قطع الغيار والوقود: تعاني الآليات المتبقية لدى البلدية من أعطال مستمرة بسبب نقص قطع الغيار الأساسية، كما أن شح الوقود الحاد يمنع تشغيلها، مما أدى إلى توقف شبه تام لأسطول مركبات البلدية، بما في ذلك شاحنات جمع النفايات ومضخات المياه.

التأثير المباشر على الخدمات الحيوية

إن استمرار هذا الوضع ينذر بعواقب وخيمة على الصحة العامة والبيئة في غزة. وقد حذرت البلدية من أن الأزمة تؤثر بشكل مباشر على قطاعات حيوية، أهمها:

إدارة النفايات الصلبة: أدى توقف شاحنات جمع القمامة عن العمل إلى تراكم أطنان من النفايات في الشوارع والمناطق السكنية، مما يخلق بيئة خصبة لانتشار الأمراض والأوبئة، خاصة مع الكثافة السكانية العالية في مناطق النزوح.

إمدادات المياه والصرف الصحي: تسبب تضرر الشبكات وعدم القدرة على إصلاحها في اختلاط مياه الشرب بمياه الصرف الصحي في العديد من المناطق، بالإضافة إلى فيضان مياه الصرف الصحي في الشوارع، مما يزيد من مخاطر التلوث وانتشار الأمراض المنقولة عبر المياه.

فتح الطرقات وإزالة الركام: يعيق الركام المتكدس وصول المواطنين إلى منازلهم (إن بقيت قائمة) ويمنع الفرق الإنسانية من الوصول إلى المناطق المتضررة لتقديم المساعدات أو البحث عن مفقودين. وتعتبر إزالة هذا الركام الخطوة الأولى والأساسية لأي محاولة للتعافي.

السياق الأوسع والقيود المفروضة

يخضع إدخال البضائع إلى قطاع غزة لرقابة مشددة من قبل السلطات الإسرائيلية التي تتحكم في المعابر. وتصنف العديد من المواد المطلوبة، مثل الإسمنت وبعض المعدات، على أنها "مواد مزدوجة الاستخدام"، مما يخضعها لقيود صارمة. وبينما تدخل كميات محدودة من المساعدات الإنسانية الأساسية كالغذاء والدواء، تظل المواد اللازمة لإعادة تأهيل البنية التحتية ممنوعة إلى حد كبير. وتواصل المنظمات الدولية والأمم المتحدة دعوتها إلى ضرورة تسهيل دخول هذه المواد بشكل عاجل لتجنب تفاقم الكارثة الإنسانية ومنع انهيار كامل للخدمات المدنية في القطاع.