وزير الدفاع الإسرائيلي يتعهد بتدمير شبكة أنفاق حماس بالكامل في غزة

أكد مسؤولون إسرائيليون، وعلى رأسهم وزير الدفاع يوآف غالانت، في تصريحات متكررة صدرت خلال الأشهر الأخيرة، أن أحد الأهداف الاستراتيجية الأساسية للعملية العسكرية الجارية في قطاع غزة هو التدمير الكامل لشبكة الأنفاق الواسعة التي بنتها حركة حماس على مدى سنوات. وتأتي هذه التصريحات في سياق الأهداف المعلنة للحرب التي اندلعت في أعقاب هجوم حماس على جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر، والتي تشمل أيضاً تفكيك القدرات العسكرية والحكومية للحركة وإعادة المحتجزين.

خلفية الصراع وشبكة الأنفاق

تُعد شبكة الأنفاق، التي يصفها الجيش الإسرائيلي بـ "مترو غزة"، أحد أهم الأصول الاستراتيجية لحركة حماس والفصائل الفلسطينية الأخرى في القطاع. تمتد هذه الشبكة لمئات الكيلومترات تحت المناطق السكنية المكتظة، وتتكون من ممرات متصلة وغرف عمليات ومخازن للأسلحة والذخيرة، بالإضافة إلى أماكن مخصصة لإطلاق الصواريخ وإيواء المقاتلين. توفر هذه الأنفاق حماية من المراقبة الجوية والقصف الإسرائيلي، وتُستخدم كنظام تنقل وتواصل آمن لشن هجمات مباغتة ضد القوات الإسرائيلية داخل القطاع.

يمثل هذا الواقع التحت أرضي تحدياً عسكرياً معقداً للجيش الإسرائيلي. فالحرب في بيئة حضرية كثيفة السكان تتضاعف صعوبتها عندما تمتد المعركة إلى تحت الأرض، حيث تزداد مخاطر الكمائن، والعبوات الناسفة، وصعوبة تحديد مواقع الأهداف بدقة دون تعريض القوات أو البنية التحتية المدنية فوق الأرض لأضرار جسيمة.

العمليات العسكرية والتحديات الميدانية

لمواجهة هذا التحدي، تبنى الجيش الإسرائيلي استراتيجية متعددة الأوجه تستهدف كشف وتدمير هذه الأنفاق. وقد شملت هذه الجهود عمليات برية واسعة النطاق تعتمد على وحدات الهندسة القتالية المتخصصة المجهزة بمعدات خاصة للكشف عن فتحات الأنفاق وتدميرها. وتتضمن التكتيكات المتبعة ما يلي:

استخدام قنابل خارقة للتحصينات مصممة لاختراق الأرض والوصول إلى أهداف عميقة تحت السطح.
نشر روبوتات وطائرات مسيرة صغيرة لاستكشاف الممرات الداخلية وتقليل المخاطر على الجنود.
استخدام مواد متفجرة بكميات كبيرة لتفجير أجزاء واسعة من الشبكة وجعلها غير صالحة للاستخدام.
دراسة وتجربة أساليب مثيرة للجدل، مثل إغراق أجزاء من الأنفاق بمياه البحر من البحر الأبيض المتوسط، وهي خطوة أثارت مخاوف بيئية وإنسانية بشأن تأثيرها على المياه الجوفية واستقرار المباني.

رغم التقدم الذي أعلن عنه الجيش الإسرائيلي في تدمير أجزاء من الشبكة، لا تزال العملية محفوفة بالمخاطر. فالقوات تواجه مقاومة شرسة من مقاتلي حماس الذين يستخدمون الأنفاق كنقاط انطلاق للهجمات، بالإضافة إلى الخطر الدائم المتمثل في وجود محتجزين إسرائيليين قد يكونون محتجزين في بعض هذه المواقع تحت الأرض، مما يضيف بعداً إنسانياً معقداً على القرارات العسكرية.

الأهمية الاستراتيجية والتداعيات

يمثل تدمير شبكة الأنفاق هدفاً حاسماً بالنسبة لإسرائيل، حيث تعتبره شرطاً ضرورياً لتحقيق هدفها الأوسع المتمثل في القضاء على التهديد العسكري الذي تشكله حماس. فمن وجهة نظرها، طالما بقيت هذه الشبكة قائمة، ستظل الحركة قادرة على إعادة تجميع صفوفها، وتخزين الأسلحة، وتهديد أمن إسرائيل في المستقبل. لذلك، يُنظر إلى نجاح هذه المهمة على أنه مقياس رئيسي لنجاح الحملة العسكرية بأكملها.

على الجانب الآخر، فإن العمليات المكثفة لتدمير الأنفاق لها تداعيات إنسانية واسعة النطاق، حيث أدت إلى دمار هائل في البنية التحتية المدنية في غزة، بما في ذلك المنازل والمستشفيات والطرق. كما أن القتال في المناطق المأهولة وحولها أدى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية في القطاع، مما أثار انتقادات دولية ودعوات لحماية المدنيين والالتزام بالقانون الدولي.